الاثنين، 21 نوفمبر 2011

حسنى مبارك لم يكن يمزح أو (يهرج)


ألم يتضح لنا أن حسنى مبارك لم يكن يمزح أو (يهرج) عندما خيرنا قبل تنحيه بين استمراره فى الحكم أو الفوضى. تهديد مبارك الجدى لم يكن بسبب أنه رجل دولة يستطيع قراءة المستقبل أو لديه رؤية استراتيجية نادرة، وأغلب الظن أن تهديده كان حقيقيا لأنه يملك فعلا تنظيما قادرا على إشاعة الفوضى الشاملة فى كل ربوع البلاد وربما المنطقة.
لا أملك معلومات موثقة لكن أكاد أجزم بأن هناك تنظيما على الأرض له مهام محددة وأفراد منتشرون فى مناطق كثيرة يديرون عملية إسقاط الثورة والدولة. على من لا يصدق ذلك عليه أن يتأمل المشهد الراهن من أسوان إلى بلطيم ومن دمياط إلى سيناء، وسوف يكتشف بسهولة أن المخطط قطع أشواطا متقدمة، ويظن أصحابه أنهم قاب قوسين أو أدنى من عملية قطف الثمار.
وحتى لا يتهمنا البعض بالسذاجة أو الإمعان والاستغراق فى نظرية المؤامرة، أسارع فأقول إننى لا أعتقد أن أصحاب المخطط وقادته مسئولون عن كل انفلات حادث ويحدث فى الشارع المصرى. قد لا يكونون مسئولين مثلا عن إشعال الصراع بين أهالى بلطيم وسوق الثلاثاء أو حصار ميناء دمياط لكن لا يمكن استبعاد أنهم يحاولون تأجيج هذه الحوادث. أصحاب هذا التنظيم أذكياء ومدربون، ولذلك فهم لا يريدون أكثر من التربة المهيأة للانفلات والفوضى، وبعدها تتكفل الأحداث العفوية وتطوراتها بإكمال باقى المخطط. كلمة السر فى هذا التنظيم السرى ونجاحه هو تراخى أجهزة الأمن وغياب سلطة وهيبة الدولة وعدم تطبيق القانون بسرعة وحزم على الخارجين عليه. لا أتهم كل الشرطة، فهناك شرفاء كثيرون داخلها وبعضهم ــ خصوصا بعض الرتب الصغيرة ــ يدفع حياته ثمنا لمقاومة الانفلات والبلطجة. لكن المشكلة بوضوح صارت محصورة بين تراخى بعض قيادات مؤثرة داخل جهاز الشرطة وغياب كامل للحكومة وضعف وغموض فى موقف المجلس العسكرى. وما بين هذا الضعف والغياب وذلك التراخى والغموض صار الملعب مفتوحا لكل أنواع إضعاف هيبة الدولة وإسقاطها من مظاهرات فئوية فى غير وقتها إلى إضرابات واعتصامات مشروعة أو غير مشروعة تم استغلالها لإنجاح المخطط.
قد يخرج مسئول غدا لينفى وجود هذا التنظيم ولمثل هذا المسئول نقول إن الصمت والتراخى عن مخطط إضعاف الدولة منذ البداية يساوى بالضبط وجود التنظيم أو المشاركة فيه.
لو أن المجلس العسكرى والحكومة والشرطة كانوا جادين منذ البداية وحاربوا الخروج على القانون وضربوا بعنف على البلطجية الصغار والكبار  ما وصلنا إلى هذه الحالة البائسة.
نعم مبارك فى السجن لكن رجاله لا يزالون قابعين فى مفاصل حيوية وأماكن مؤثرة كثيرة يستطيعون من خلالها تجميد ومحاربة أى محاولة للقضاء على النظام القديم وإعادة الوضع إلى ما قبل ظهر 25 يناير. يكفى أن تشتعل معركة بين قرية ومدينة أو يتم بث شائعة عن قرار ما ثم يندلع الحريق ويمتد شرره وحتى إذا تحركت الحكومة بخجل، كما تفعل عادة تكون النار قد استعرت تحت الرماد فى انتظار إعادة إشعالها فى وقت معلوم حينما يحين وقت الانقلاب الرسمى على الثورة؟؟؟؟؟...
             
                                                    أيمن الحسيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post