الجمعة، 18 أكتوبر 2013

ماهو الانتماء للوطن بين عوامل تؤثر فيه أو تتأثر به

الانتماء للوطن ما بين عوامل تؤثر فيه أو تتأثر به


بسم الله الرحمن الرحيم، إن الله وعد الصابرين المخرج مما يكرهون، والرزق من حيث يحتسبون، جعلنا الله وإياكم من اللذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، ورضِي الله عن الصحابة والتابعين، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمَّا بعدُ:
فالشعور بالانتماء للوطن من أهم دعائمه، والتي تحافظ على استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور الأفراد بالانتماء إلى وطنهم، ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع، الدفاع عن مصالح الوطن، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، المحافظة على ممتلكاته، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويُستدل عليها.

فأساس الانتماء هو المشاركة، وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات، ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.

الانتماء يبدأ تصاعديًّا بانتماء الإنسان لنفسه، من خلال سعيه لأن يكون الأفضل؛ بتنمية مهاراته وقدراته، وإثبات نجاحه وتفوُّقه، باعتبار أن هذا النجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره، وإذكاء روح المنافسة الإيجابية....، ثم بالانتماء إلى أسرته (وطنه الصغير)، من خلال الترابط العائلي وتنمية روح المشاركة بودٍّ وحب وتآلُفٍ وتناغم، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية،... ثم بالانتماء إلى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب، والوظيفة والعمل إلى من تخطَّى تلك المرحلة، ويظهر ملمح هذا الانتماء جليًّا في الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة كذا أو جامعة كذا، أو العمل في شركة ما، والدفاع عن هذا الكِيان الذي ينتسب إليه، وعدم قَبول أي مساسٍ به، فأي انتقاص من قدره يعده انتقاصًا لقدره وقيمته الذاتية...، ثم بالانتماء للوطن الكبير، وهو الذي يفرز حبًّا فيَّاضًا للوطن، يعده الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - (شُعبة من شُعَب الإيمان).

إن الانتماء للوطن وصيانته والحفاظ عليه، هو قيمة إسلامية؛ فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام، وأهله جزء من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها، أما عدم الانتماء، فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، ومِن ثَمَّ فالشعور بالانتماء يبدأ من مرحلة الطفولة التي هي أهم المراحل لغرْس المفاهيم والمعارف والقيم، ومن هنا نتساءل:
هل يمكن غرس قيمة الانتماء داخل نفوس الأبناء منذ الصغر؟ وما دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والجهات الحكومية والسياسية المعنية بتنمية أو إضعاف رُوح المواطنة والانتماء داخل المواطن؟ وما الذي يؤثر على الانتماء سلبًا أو إيجابًا؟ وكيف نقوِّي الشعور بالانتماء ونعالج ضَعفه؟ وما أهمية الانتماء لحفظ أمن واستقرار الوطن؟ وهل انتماؤنا للوطن يتعارض مع الانتماء للدين؟ وكيف نتجنَّب ما هو خطر على الانتماء للوطن؟


إن الحاجات هي من دوافع السلوك الإنساني، والإنسان بحاجة مُلحة إلى الانتماء.

إن الفرد الإنساني يولد وهو مُجهز بخمس حاجات أساسية؛ واحدة منها تنتمي للمخ القديم كما يسميه، وهي التي تختص بتداوُل الحاجات الفسيولوجية العضوية للإنسان؛ من حاجة للمأكل والمشرب والتنفس، وحاجات الوجود أو الامتداد، أما الحاجات الأربع الأخرى، فهي تنتمي للمخ الجديد، وهي الحاجة للانتماء والمحبة، والحاجة لتقدير القوة والبأس، والحاجة للحرية والمشاركة في القرار، والحاجة للراحة النفسية، وإلى الوجود في بيئة تقبل الفرد وتُشجعه.

الانتماء أحد الاحتياجات الهامَّة للإنسان والدوافع المؤثرة في حركته، وقد قامت عقيدة الإسلام على تحرير الإنسان من كل قيدٍ؛ ليكون انتماؤه الأول هو لله - عز وجل - وقِيم العدالة والحق والإنسانية؛ لِيسهُل عليه بعد ذلك أن يتعامل بتلك القيم مع أي دائرة من دوائر الانتماء المختلفة: الوطن - القومية - معتنقي ديانته - حزبه السياسي - منهجه الفكري - ناديه الرياضي - جنسه - مهنته.

لا شك إذًا أننا سنحتاج للانتماء؛ فهو احتياج بشري ومطلب فطري، وهو عدة أنواع، أولها: الانتماء إلى الدين الإسلامي، وهو أصل مقرر في الشرع، فالمسلمون أمة واحدة وهم أتباع مِلة واحدة، اتَّفق عليها جميع الأنبياء، ينتسبون إليها، ويجتمعون عليها؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].

ثم الانتماء إلى القبيلة وهو أمر أقرَّه الشرع، يكفي في الدلالة على ذلك قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

ثم الانتماء إلى الأسرة بأن ينسب الولد إلى أبيه مما أقره الإسلام؛ قال تعالى: ﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5].

ثم الانتماء إلى الوطن والأرض، الانتماء إلى الأرض محل المولد.

وحب الوطن مما أقره الإسلام؛ فعن الزهري أخبرنا أبو سلمة بن عبدالرحمن أن عبدالله بن عدي بن الحمراء الزهري، أخبره أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقفٌ بالحزورة في سوق مكة يقول: ((والله، إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله - عز وجل - ولولا أني أُخرجت منك، ما خرَجت)).

ثم الانتماء إلى الدولة هو الانتماء إلى الجماعة المسلمة تحت ولي الأمر المختار أو المتغلب، الذي يقيم شرع الله فيهم، وجواز هذا محل إجماع عند أهل العلم؛ قال أحمد بن حنبل (ت241هـ) - رحمه الله -: "والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن وَلِي الخلافة واجتمع الناس عليه، ورَضُوا به، ومن غلَبهم بالسيف، حتى صار خليفة وسُمِّي أمير المؤمنين"، ثم الانتماء إلى الحزب والجماعة والمذهب.

مما جرى عليه أهل العلم تسويغ النسبة إلى المذهب أو الجماعة أو الحزب، وفي كلامهم على هذا تارة يشيرون إلى كونه مذمومًا، وتارة يسكتون.

إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزًا بين صحيحها وسقيمها، ثم الانتماء إلى المهنة والصنعة، فليس في الشرع ما يمنع ذلك.

فيقال: فلان النجار، وفلان الحداد، وفلان الصباغ، وفلان الخراز، وفلان الإسكافي، أو فلان الجزار، أو الخباز، وهكذا...، ثم الانتماء الاجتماعي:

الشعور بالانتماء للمجتمع من أهم دعائم المجتمع، والتي تحافظ عل استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى مجتمعهم.

الانتماء والأسرة:
هناك الكثير من الأشخاص يشعرون بعدم الانتماء إلى أُسرهم، يرون أنهم مجبرون على هذه العائلة، ولو عاد الأمر إليهم لما اختاروا أن يكونوا في أُسَرهم من الأساس.

الولاء يعني ترجمة الشعور بالانتماء على أرضية العمل والسلوك الفردي والجماعي للمواطنين، وبما يعني الإخلاص في العمل للوطن والتفاني من أجله، مع استعداده للتضحية في سبيل ذلك بدمه عندما يطلب منه.

إن الولاء هو انتماء وعلاقة بالناس وبالأفكار وبالقيم، وقد يكون من المناسب ونحن نتناول هذا الموضوع في ديار الغرب، أن نقرِّر أن الولاء للوطن ليس منافيًا للولاء للدين في حدود الضوابط الشرعية الممكنة، وأن الولاء - وهو ولاء للقيم والبر بالوطن والمواطنين - قيمة يُزكيها الشرع والعقل، وعلى المسلم أن يهجر السوء.

جاءت الشريعة الإسلامية الغراء لتؤكِّد وتقرِّر العناية بالوطن، وضرورة الحفاظ علية بقوله تعالى:
﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ ﴾ [النساء: 66].

ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القدوة الحسنة، وهو خير مِن خير مَن يُعلمنا حبَّ الوطن والانتماء؛ فهو المعلم الأول، الذي أُوتي جوامع الكلم، يعلمنا صلوات الله وسلامه عليه أن حب الوطن من الإيمان، ولا خير فيمن لا يحب وطنه.

الانتماء للوطن عقيدة راسخة في الشريعة الإسلامية، وحب الوطن غريزة متأصلة في النفوس، والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة تؤكد ذلك الحب والانتماء للوطن.


الإسلام دين الفطرة السليمة والله - سبحانه وتعالى - يقول:
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].

ومحبة الوطن طبيعة طبَع الله النفوس عليها، ولا يخرج الإنسان من وطنه إلا إذا اضطرته أمور للخروج منه، وقد اقترن حبُّ الأرض في القرآن الكريم بحب النفس؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ﴾ [النساء: 66].

واقترن في موضع أخر بالدين: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].

هذا يدل على تأثير الأرض، وعلى أن طبيعة الإنسان التي طبعه الله عليها حب الوطن والديار، ولكنَّ لهذا الحب حدودًا يجب ألا يتجاوزها؛ لأن فوق هذا الحب حبًّا آخرَ أَولَى منه وأهم، وهو حب العقيدة والدين، فإذا ما تعارض حب الوطن مع الدين، وجَب حينئذ تقديم الأعلى وهو الدين، فبعقيدتنا وإسلامنا وتعاليمه، سوف يتحرر العقل والفكر من التخبط الناشئ عن خلو القلب من هذه العقيدة، وتكسب النفس الراحة، فلا خلْط ولا اضطراب في الفكر والسلوك، ولا تحوُّل نوعي في الفكر، ولا انحراف في السلوك الجماعي أو الفردي، ويمكن عندها بناء مجتمع قوي بعقيدته، ثم بمجموع أفراده؛ حيث عندها يدرك كل منهم ماذا تعني المواطنة، وماذا يعني الانتماء إلى وطنه؟

الوطن هو الأم؛ لأنه الحب والعطاء، وهو الأمن؛ لأن نسيمه عبير الحرية، وهو الأمان؛ لأنه يصون الكرامة ويحفظ الحقوق، ويحافظ عليها؛ فالوطن حقوق وواجبات، وفاء وتضحيات، عدل ومساواة.

إن العلاقة بين المواطن ووطنه علاقة جدلية حميمة، تجد جذورها في الوِجدان والعاطفة، كلاهما بحاجة إلى الآخر؛ المواطن بحاجة إلى وطن يقدم له الحماية، ويصون له حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية، والوطن بحاجة إلى مواطنين يدافعون عنه ويحمونه ممن يريدون به سوءًا، هذه العلاقة الجدلية إذا أخذت مسارها الصحيح، تجعل المواطن مهما كانت مشاربه وتوجُّهاته الفكرية والثقافية والسياسية، مستعدًّا بالفطرة للدفاع عن وطنه.

إذا كان حب الوطن عاطفة تَجيش في النفوس - شأنها في ذلك شأن سائر العواطف الأخرى - فإن الشرع الإسلامي جاء ضابطًا للعواطف؛ ليحدد مسارها، ويُحسِّن توجيهها؛ لتعمل في ميدانها السليم دون تقصير أو زيادة.

المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان، أمرٌ غريزي، وطبيعة طبع الله النفوس عليها، وحين يولد الإنسان في أرض، وينشأ فيها - فيشرب ماءها، ويتنفس هواءها، ويحيا بين أهلها - فإن فطرته تربطه بها، فيحبها ويواليها، ويكفي لجرْح مشاعر إنسان أن تشير بأنه لا وطنَ له، لقد فطر الله تعالى الناس على حب المال والأهل والولد، والأوطان وغيرها؛ حتى يَعمُروا الأرض التي جعلهم مستخلفين فيها، وبيَّن تعالى أن الغاية مِن خلْق الخلق هو عبادته وحده لا شريك له؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

إن الانتماء هو قِيم ومبادئ، وإحساس ونصيحة، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وعزة وموالاة، وتضحية وإيثار، والتزام أخلاقي للفرد والأمة.


الانتماء للوطن هو مؤشر لقوة الشعوب وتماسُكها، والقاعدة التي يرتكز عليها بناء وتنمية المجتمعات، وهناك عوامل تؤثر على الانتماء، عدة عوامل تؤثر أو تتأثر بالانتماء للوطن، ومن أهم عوامل تعزيز الانتماء هي التربية بمفهومها الواسع؛ حيث هي مصدر أساسي في النمو الفكري والشخصي، والاجتماعي والسياسي، والروحي والبدني، والتربية المقصودة - (المدرسة) - هي الممثل الرئيسي للقيام بمثل هذه المهمة من خلال المعلم والمنهج المدرسي، وبيئة المدرسة والنشاطات الصيفية التي تقوم بأدوار مهمة جدًّا في تعزيز الولاء والمواطنة الحقة، والتي تشرك من خلالها الطلاب في النشاطات والأعمال المختلفة.

إن الانتماء للوطن من أهم القِيَم التي يجب على المؤسسات التربوية أن تحرص على تنميتها لدى الطلاب؛ نظرًا لما يترتب عليها من سلوكيات إيجابية، ينبغي غرسها في نفوس الناشئة، ويأتي كذلك عامل الأسرة وهو عامل ربما يعده بعضهم أهم من أي عامل آخر، بحكم أن كلاًّ منا يولد ويعيش ويتربى داخل الأسرة أولاً وأخيرًا، بل ويتعلم ويتشرب كثيرًا من القيم والعادات والسلوكيات من داخل الأسرة، وقد نتَّفق مع هذا الرأي، ولكن بعد تطوُّر التكنولوجيا بمبرزاتها المختلفة والهائلة - مثل: الأقمار الصناعية والشبكات العنكبوتية، والحاسبات الآلية، ووسائل الاتصال المختلفة من جوَّالات وغيرها - فقد تضاءل دور الأُسر، وضَعف بعد الغزو الفضائي والتكنولوجي المنافس للدور الرئيسي للأسرة، فدخلت معها عوامل مؤثرة أخرى ومهمة في عملية التنشئة الاجتماعية، وتعزيز المواطنة والانتماء، وهي الإعلام بوسائله المختلفة.

إن وسائل الإعلام أصبحت جزءًا من حياة الناس، وغدت هذه الوسائل من إذاعة وتلفزيون وإنترنت، وصحافة وفضائيات وغيرها - ذات تأثير قوي في صناعة شخصية الفرد، وأصبحت هي الموجِّه الأول لفكر الفرد.


فقد بات واضحًا للجميع أن لوسائل الإعلام تأثيرًا فاعلاً - سواء كان إيجابيًّا أو سلبيًّا - على قيم الانتماء للوطن، وعلى المواطن والولاء، فتضرب وسائل الإعلام الحديثة على أوتار تلك القيم بصورة مباشرة، وتسعى إلى دَغدغة المشاعر بشأنها، فإما أن تُقويها وتُرسخها، وتُعزز حضورها في نفس المرء ووِجدانه وشعوره، وتُمَتِّن بنيانها داخل كِيانه؛ حتى يلتحم معها، وتصبح جزءًا من كليته، وإما أن تُزعزع الثقة بها، وتهدم بنيانها، وتُشكك في ضرورة وجودها، بل في أهميتها لأي إنسان في هذا العالم المفتوح ثقافيًّا وفكريًّا واقتصاديًّا.

ويعتبر الاهتمام بالتراث والثقافة والجذور، جزءٌ من محافظة الشعوب على صَوْن هُويتها الوطنية والثقافية، وأصبح هذا التراث - سواء ما يعود منه إلى المكان، أو الذي يرجع إلى علَمٍ من أعلام الأمة بجميع تخصُّصاته - جزءًا لا ينفصل من الأمة.

إن دور الثقافة والتراث مهم في تكوين مفهوم الانتماء الوطني لدى المواطن، وتشكيل إحدى الوسائل الأساسية المهمة في تعزيز وتنمية مفهوم الاعتزاز الوطني.

الانتماء للوطن أساس للإصلاح السياسي، فلا يجوز لنا التحدث عن السياسة أو إصلاحها، أو الديمقراطية أو إصلاحها، دون أن ينتمي هذا المراد إعطاؤه هذه الديمقراطية أو إعطاؤه جرعات في السياسة؛ لذلك كان التحدي الأكبر أمام المواطن والمسؤول على السواء، هو الانتماء الكامل وغير المنقوص لوطن أنت فيه وابنك وابنتك، ومن قبل كان الآباء والأجداد.

إن حب الوطن والانتماء إليه من أُسس الدين، وكمال العقيدة، ولوازم الشريعة، ولا يبتعد ذلك عن تعاليم الإسلام، فلا بد أن يتحول هذا الحب والانتماء والوعي بالمواطنة إلى انفعالٍ، وإلى عاطفة، ويصبح قيمة وطنية تتمثَّل في السلوك السليم، وليكن الانتماء من دوافع الإنتاج والتقدم والابتكار والإبداع، فقد بدأت الاختراعات والإبداعات في العصر الحديث عندما خلق الانتماء للوطن.

إن الشعور بالانتماء للوطن يتزايد من شعور الفرد بالأمان الاقتصادي والسياسي في وطنه، وهذا الشعور يؤدي به إلى زيادة الإنتاج لمحاولة الارتفاع بمستواه الاقتصادي؛ مما يشعره بالانتماء أكثر إلى هذا الوطن، أما إذا ضعف الانتماء، فهذا بلا شك كارثة قوميه؛ فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، فعندما يَضعُف الانتماء الوطني يتحول المواطن إلى فريسة سهلة لكل أنواع التعصب البعيدة عن الشأن العام ومصالح الأمة والوطن.


إن ظاهرة ضَعف الانتماء والولاء لدى الأجيال الجديدة على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية بمكان، وذلك لما لهذه الظاهرة السلبية من آثار مباشرة على الوحدة الوطنية والمنظومة الاجتماعية والأمن القومي، فلا بد من التكاتف والتعاون من أجل معالجة هذا الضَّعف؛ حتى لا يودي بثروة الوطن إلى الهاوية، ألا وهم النشء والشباب.

عندما يشعر المواطن بالاعتزاز بالانتماء إليه، وإحساسًا بالمسؤولية تجاه قضاياه الوطنية، والدفاع عن مصالحه وأمنه القومي، والاستعداد للتضحية في سبيله، هذا الوطن الذي منحه جنسيته دون أدنى تعبٍ أو مشقة، فالجنسية ليست وثيقة إدارية قانونية، إنما هي انتماء وولاء للوطن، والجنسية تعني الانتماء لشعبٍ والولاء لوطنٍ، فلأي شعب ينتمي مزدوجو الجنسية؟ ولأي وطن يوالون وينتمون مع جمعهم بين الجنسيات؟

نحن أمام تناقُض واضح، وطن منح الجنسية لمواطنه دون طلب، ومعه كل الحقوق المترتبة على ذلك، ومواطن سعى لطلب جنسية أخرى من دولة أخرى؛ حتى يحصل بموجبها على حقوق وواجبات والتزامات في تلك الدولة.

إن ازدواج الجنسية يتنافى مع متطلبات الانتماء للوطن وما يقتضيه من حبٍّ ومودة، وأُخوَّة وتعاوُن في سبيل إحقاق الحق وحماية الأمن والاستقرار.

إن استطعنا حل أزمة ضَعف الانتماء، فلا بد من التفكير في حل حاسم لخائن الوطن والخيانة للوطن من الجرائم البشعة التي لا تُقرها الشريعة الإسلامية، والتي يترك فيها لولي الأمر أن يعاقب من يرتكبها بالعقوبة الزاجرة التي تردع صاحبها، وتمنع شرَّه عن جماعة المسلمين، وتكفي لزجر غيره.

الانتماء الصادق للوطن من الفطرة ومن الدين، ومن ضَعف انتماؤه، اختلَّت فِطرته، وضَعف دينه؛ فالناس مجبولون على حب أوطانهم، فلا بد من ضرورة التوعية من الدعاة وولاة الأمر.

إنه مهما اختلفنا مع الحاكم أو الحكومات، فلا يكون هذا هو الرد والمقابل، وإنه حتى وإن شعرنا بالظلم من أوطاننا، فلا يوجد عُرف أو دين، أو عقيدة، أو فكر، يُبرر الخيانة للوطن، وبهذا نتجنَّب ضَعف الانتماء للوطن والدخول في متاهات الخيانة التي تلحق بنا وبأوطاننا الضرر والألم، للأمن والاستقرار أهمية بالغة في الانتماء.

إن الشعور بالانتماء للوطن يساعد في تدعيم قاعدة الأمن والاستقرار.

الاستقرار الإيجابي هو الاستقرار المبني على شعور عميق بالرضا والأمن والعدالة، وتكافؤ الفرص، والاستقرار السلبي هو الاستقرار المبني على الخوف والرعب من سلطة غاشمة، أو الخوف والرعب من فتنة عمياء تأكل الأخضر واليابس.

ويمكن أن يُوصَف الاستقرار الوطني بأنه الحالة التي يكون فيها البلد مستقرًّا اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وبيئيًّا واجتماعيًّا، فإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن، لكن قد يكون هناك شُذَّاذ لم يتمكن الإسلام والإيمان من قلوبهم، فتحصل منهم نزوات تُخل بالأمن، وهنا وضع الله - سبحانه - زواجر وروادع لهؤلاء، تَكُف عدوانهم، وتصون الأمن من عبَثهم، فلا خلاف في أن تعزيز قِيَم الانتماء للوطن بالضوابط الشرعية للعقيدة الإسلامية، تعود علينا بالأمن على الوطن.

إن الأمن الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه وحضارته وازدهاره، وكما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء والأفكار المنحرفة والضالة التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء، فإن الاستقرار مرتبط ارتباطًا كاملاً بالأمن؛ حيث لا استقرار بدون أمن، فاستقرار المجتمع يعتمد على استقرار الفرد، واستقرار الدولة يعتمد على أمنها واستقرار مجتمعاتها، وأدنى مستوى للاستقرار هو استقرار الفرد ذاته.


إن بعض الأسر قد تضطر للسفر أو العمل أو الدراسة للخارج، والمكوث لفترات طويلة، وهو ما ينتج عنه آثار سلبية كثيرة تنعكس على الأسرة والأولاد من السفر للخارج، ومن أهم هذه الآثار السلبية هو التباعد بين الأبناء والوطن الأم، وعدم إحساس الأسرة بالانتماء لوطنهم الأم؛ إذ تمثل الغربة تربة خصبة للشعور بعدم الانتماء لمن ضعفت عندهم سبل تنمية الانتماء للوطن، فهو - وعن بُعد عن وطنه - يبدأ بالتساؤلات أهمها: ما هو وطني الأحق الذي أنتمي إليه؟

ويجيب: وطني هو المكان الذي أشعر فيه بقيمتي كإنسان، وطني هو المكان الذي يمكنني العيش فيه دون الخوف من الغد، وطني هو المكان الذي يحترمني الناس فيه، وطني هو المكان الذي أجد فيه أصدقاءَ مخلصين؛ ولهذا مرجع عن المغترب: لِمَ ترَك وطنه؟ وما هي الطريقة التي غادر بها الوطن؟ وكيف كانت عيشته بالوطن؟
ما بين الانتماء للدين والانتماء للوطن نتساءل: هل يتعارض الانتماء للدين مع الانتماء للوطن؟

إن أعلى صور الانتماء وأسماها هي الانتماء للشريعة الإسلامية؛ امتثالاً لتعاليمها، والتزامًا بأحكامها، وتطبيقًا لأوامرها ونواهيها، ثم الاعتزاز بذلك، والتفاعل مع قضاياها، والسعي في تحقيق المصالح التي تأمر بها، ودفْع المضار التي تَنهى عنها، وإن انتماء الإنسان إلى وطنه هو انتماء يشمل كل الأمور التي تخصه، فالوطن ليس حيزًا جغرافيًّا نعيش به فحسب، بل أكبر من ذلك بكثير، وكلمة وطن أشمل وأعمُّ من ذلك بكثير؛ فالوطن هو تاريخ المرء، وجذوره، وأسلافه، ومخزونه الثقافي، وكل ما يَمُتُّ إليه بصلة، لا تعارُض أو تناقض بين الانتماء إلى الوطن والانتماء إلى الدين في الرؤية الإسلامية؛ لأن الانتماء الوطني منبعه من الانتماء الديني، ويستمد قواعده من الشريعة وأساسها، وعليه فإن الانتماء للوطن انتماء وولاء بحكم الشرع أولاً، ثم بحكم الفطرة وسنن الله في الخلق، فالوطن جزءٌ من كِيان الأمة الإسلامية ومحبته والولاء له والانتماء إليه، مما تقتضيه الضرورة وتدعو إليه الفطرة وتعاليم الشريعة الإسلامية؛ لأن الحفاظ على الوطن وصيانته هو قيمة إسلامية، فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام وأهله جزءٌ من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها.

وللأمن الفكري أهمية وضرورة الاهتمام به من أجل الوطن؛ فهو له أهمية عظمى، كأهمية تأمين الغذاء والمأوى تمامًا، وينبغي أن نَحمَد الله على سلامة العقول والأفكار، فهو الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه، وحضارته وازدهاره، كما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء، والأفكار المنحرفة والضالة، التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء.

إن أهمية الأمن الفكري تَنبِع من ارتباطه بدين الأمة، وأساس ذكرها وعُلوها، وسبب مجدها وعزها، ومن غايته المتمثلة في سلامة العقيدة، واستقامة السلوك، وإثبات الولاء للأمة، وتصحيح الانتماء لها.

ومن أخطر ما يواجه الانتماء للوطن العلمانية؛ فهي ترفض الحكم بما أنزل الله - سبحانه وتعالى - وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة.

إن الانتماء للذات هو الأصل الذي يمهِّد لكل انتماء؛ فمن اهتمَّ بنفسه ونفعها وأسعدها كاملاً، أَضفى تلقائيًّا وبأقل مجهود نفعًا وسعادة على أُسرته، ثم عائلته، ثم جيرانه وزملائه وأصدقائه، ثم بلدته، ثم وطنه ودولته، ثم أُمته، ثم الأبعد فالأبعد، حتى تَسعَدَ الأرض كلها وكلُّ مَن عليها، والعكس صحيحٌ بكل تأكيد.

أما إن تعارضت هذه الانتماءات - بسبب قطْع الصلة بأهم وأقوى وأفضل انتماء، وهو الانتماء لله تعالى، أو قطعها مع الدين، أو النفس، أو الأسرة، أو العائلة، أو الجيرة، أو الزمالة، أو الصداقة، أو البلدة، أو الدولة، أو الأمة، أو الأرض، بسبب سوء العلاقة بين العقل وأي منها، أو بسبب جهلٍ أو تفكير شِرِّير، أو مخالفة لوصايا الخالق بتعاوُن على إثمٍ وعدوان - فالانتماء للوطن هو الذي يَنبِع معناه من الدين، ويسير في نفوس الناس على هَدْي من تعاليمه، وليس الانتماء أقوال نستوردها من الخارج - ضمن ما نستورده - ثم نترجمها على عِللها، وندفع بها إلى العقول دون أدنى تهذيبٍ أو إصلاح.

الانتماء للوطن يُعد بَيْعه لولاة الأمر، والانتماء للوطن الإسلامي وتحقيق الأمن الفكري هما من مقتضى البيعة الشرعية لولاة الأمر، ولزوم الجماعة القائم على التعاون على البر والتقوى، ومن مقتضى البيعة الشرعية لولاة الأمر والانتماء للوطن المسلم: تحريم معصية ولي الأمر، والاعتراض عليهم في المعروف، ونقض عهده، ومعاهداته.

الانتماء للوطن يوجب طاعة ولاة الأمر، وبطاعتهم يعمُّ الأمن والاستقرار.

إن قيم الولاء والانتماء وحب الوطن والعقيدة الإسلامية التي من أوامر المولى - عز وجل - فيها إطاعة ولي الأمر، لتأتي في المقدمة بعد طاعة الله ورسوله، وأن طاعة ولي الأمر من طاعة الله بحسب القرآن والسنة، والتمرد على ولي أمر المسلمين وعصيانه سبب لانتشار الجرائم، وسفْك الدماء والاعتداء، وتفرُّق الكلمة وقطع الطريق، ووجود السلب والنهب، ولا يجوز شرعًا أن تتخذ أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس، وتنفير القلوب عنه؛ فهذا عين المفسدة وأحد الأُسس التي تحصُل بها الفتن بين الناس.

إن مفارقة وعصيان ولاة الأمر تُسبب فسادًا كبيرًا، وشرًّا عظيمًا؛ إذ يختل الأمن، وتضيع الحقوق، ويُروَّع الناس، وتُنتهك الحُرمات والأعراض، وتختل السبل، وتُقطَع الطرق.

إن طاعة ولي الأمر واحترام شخصيته وهيبته، مما هو واجب على الرعية؛ لما في مخالفة ذلك من نشر المفاسد، وإثارة الفتن والقلاقل، مما لا يمكن ردُّه ولا دفعه؛ فقد دلَّ الكتاب والسنة على وجوب طاعة أُولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية، فتأمل قوله تعالى: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].

فمن الشعور بالانتماء تكون الطاعة لولي الأمر، ويكون المواطن مواطنًا صالحًا؛ يعمل للخير، ويؤلف بين القلوب؛ لتسود الرحمة والتآخي، والتعاطف والإحسان بين الناس، والإخلاص في العمل، والنية الصادقة في أن يكون حصنًا منيعًا لوطنه، مدافعًا عنه وعن دينه، والتصدي لكل ما يلحق بوطنه الضرر، أو يُشيع فيه الخراب، أو يُوقظ الفتنة، ويسعى للشقاق والخلاف، وهو من أسباب الاضطرابات وعدم الاستقرار في الدول متعددة الفرق والمذاهب، بما يهدِّد أمْنها عبر صراعات مذهبية وعرقية.

فمن استقرار الأمن طاعة ولاة الأمر التي لا تأتي إلا بالشعور بالانتماء والحب للوطن والخوف على مصالحه، ومن الأمن يأتي الانتماء، وبالانتماء يزداد الأمن والاستقرار.

فهكذا هو الانتماء منظومة تتألف من عدة عوامل؛ إما تؤثِّر، أو تتأثر به

أبناؤنا.. كيف نربيهم على الانتماء للوطن؟ 


ما حقيقة شعور المواطن العربي بالانتماء؟ وهل يختلف شعوره به قبل وبعد الثورة؟ ولماذا اختلف ذلك الشعور إن حدث؟
هل الإنسان العربي بعد التغيير الكبير الذي جرى على البنية الاجتماعية والسياسية في المجتمع يدرك معنى الانتماء للوطن؟ وهل يتعارض الانتماء للوطن مع انتمائي للإسلام؟
هل يمكن غرس قيمة الانتماء داخل نفوس الأبناء منذ الصغر؟ وما دور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والجهات الحكومية والسياسية المعنية بتنمية أو إضعاف روح المواطنة والانتماء داخل المواطن؟


قبل الحرية وبعدها

وبالحديث مع أحد الطالبات أكدت "الانتماء الوطني يعني الهوية التي أنتسب لها وتحملت المسئولية ناحيتها بالحفاظ عليها، أما الانتماء فيعني إطارًا معينًا من الناس والأرض والسلوكيات والعادات والتقاليد والأعراف التي قدر لي أن أعيش فيها, واخترت أن أحافظ على قدري هذا, وأحمي الوطن، لأنَّه أصبح منسوبًا لي وأنا منسوبة إليه".
ويرىكثير أنَّ "مفهوم الانتماء الوطني لدى الشباب ينقسم إلى: قبل الثورة, نتيجة لممارسات النظام البائد ضَعُفَ الانتماء الوطني، خصوصًا لدى الشباب، بسبب عدم تكافؤ الفرص، وعدم الإحساس بالعدالة والكرامة, أما بعد الثورة, فقد اختلف الأمر كثيرًا حين كان الشاب المصري يموت من أجل وطنه وحريته وكرامته.. الشاب المصري كان يموت قبل الثورة غرقًا في قوارب الهجرة غير الشرعية للخروج من الوطن، واليوم أصبح يموت دفاعًا عن الوطن".
ويتوافق مع كثير "عدم توافر الحرية والعدالة وعدم التوزيع العادل للثروات واحتكار أصحاب النفوذ وإهانة كرامة الشباب وإذلالهم وتعذيبهم تجعلهم لا يفضلون الانتماء للبلد التي تفعل فيهم هذا، أما عندما تتوافر الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية والمواطنة فإنك تجد هذا الشباب يتكلم ويفعل بكل فخر ما يثبت انتماءه العميق لهذا البلد، وأنه جزء منه، وبأن صوته هو الذي يصنع قراره.. هذه العوامل وغيرها تزيد الانتماء لدى الشباب.

الانتماء والسلوك

أوضح) أنَّ "أهم شيء للتعبير عن الانتماء هو الإحساس الداخلي المتوازي مع السلوك العام، مثل فكرة الإيمان، فهي ما وقر في القلب وصدقه العمل، والانتماء للوطن جزء من الإيمان، فلذلك وجب على الشباب أن يعملوا ما بوسعهم لكي يكون حب الوطن والانتماء له شيئًا ملموسًا في سلوكهم، وهذا يبدأ من مستوى عدم إلقاء القاذورات على الأرض، والحفاظ على سلامة الوطن، وصولًا إلى العمل على بناء الوطن وتنميته، والقيام بأعباء الحفاظ على أمنه، والحفاظ على الانضباط في الشارع، وهكذا.
و"إلى الآن لم يعِ الشباب مفهوم الانتماء الوطني، وهذا يظهر من خلال سلوكهم نفسه، فلا يزال فيه الكثير مما يتطلب الانضباط والتغيير، ولا يزال الكثيرون لا يشاركون ولا يقومون بما عليهم من واجبات تجاه وطنهم, وللأسف فالغالبية العظمى ممن نسمع عن أنهم بلطجية أو منحرفون هم من الشباب, وهذه نقطة خطيرة جدًّا يجب أن نأخذ حذرنا منها, ويجب أن نبحث عن خطط, ونبحث لها عن برامج, لعلاج هذه الظاهرة".

شعور إنساني

وأوكد: أنَّ "الانتماء شعور إنساني تكتمل به شخصية الإنسان، وتختلف أساليب وطرق التعبير عنه, نحن ننتمي إلى أسرتنا، ولكن هذا لا يمنعنا من الاختلاف مع أفرادها أو حتى مع رموز السلطة فيها، وهذا الخلاف أو الاختلاف لا يعني عدم الانتماء نفس الشيء بالنسبة للأوطان, فكل مواطن ينتمي بنفس الدرجة إلى وطنه، والقلة التي تبيع الوطن هي الاستثناء، وهي حالات مرضية نادرة، لذا فمن غير المنطقي القول بنقص الانتماء عند أي فئة عمرية".
وأشير إلى أن مشاعر الانتماء يمكن أن تكون سلوكًا دائمًا ومستقرًا إذا شعر المواطن بأنه "مالك هذا الوطن" أو تتحول إلى ردود فعل لحظية ترتبط بفرحة أو كارثة، إذا كان المواطن مقهورًا ومهمشًا.
وأشدد على أنَّ "الانتماء الوطني يحتاج إلى عمل مستمر وجهد لا يتوقف، من المؤسسات الثلاث المسئولة عن تركيبة العقل والوجدان المصري: التعليم, والثقافة, والإعلام، ومن خلال الدوائر التي تحيط بالفرد: الأسرة, والأصدقاء والأصحاب والزملاء والمعارف, ثم المجتمع والدولة.
ويجب أن يتشارك الجميع الرؤية والأهداف والوسائل والطرق، حتى يتزايد الانتماء، وهذا يتحقق بالمشاركة والوضوح والمصداقية من جانب، واستعادتنا لملكية مصر من جانب آخر، ومن خلال رؤية لمصر نتشارك جميعًا في صياغتها، دون أن تفرض علينا".
وأشير إلى أنَّ الانتماء للوطن هو جزء من منظومة الأخلاق المتكاملة، التي يجب أن يتشربها الطفل من صغره، ويجب أن يحرص عليها الآباء حرصهم على بقية المكارم والأخلاق.
وأؤكد أن الدين لا ينفك عن الأخلاق بحال من الأحوال، ومن ضمنها الانتماء للوطن, والوسائل في ذلك كثيرة، منها ربط حب الوطن بالدين والتدين، وأنه من الإيمان, وضرب الأمثلة من حياة النبي والصحابة والصالحين عبر التاريخ في حبهم لأوطانهم, وضبط مساحة الوطن في حياة الطفل، وأنه جزء منه, والتعبير الدائم عن الفخر بالانتماء لهذا الوطن, وتوضيح أسباب منطقية يستوعبها عقل الطفل لهذا الانتماء، مثلًا توضيح تاريخ الوطن، وكفاح أبنائه، وما يتميز به الوطن من خيرات ومآثر ونعم ومزايا, وزيارة المعالم التاريخية والمتاحف الوطنية, والقراءة في سير أبناء الوطن الناجحين عبر التاريخ من علماء وأدباء ومفكرين, وتعريف الطفل ما يتهدد هذا الوطن، ودرونا في حمايته، وأنه مسئول عن ذلك حسب عمره ومكانه.

انتماءٌ جامع 

وأوضح ، أنَّ الانتماء يجب أن يكون للإسلام أولًا وآخرًا, وأن دعوات القومية أو الطائفية كلها دعوات متهالكة أثبتت فشلها, فكل بلاد الإسلام وطن لكل المسلمين, وكل المسلمين مواطنون لهم حقهم في بلاد الإسلام أجمع, وهو الانتماء الذي يجب أن يعقد الإنسان عليه ولاءه.
وأؤكد على أن ديار الإسلام كانت كتلة واحدة، وقطرًا ليس فيه حدود ولا حواجز, فجاء الاستعمار وقسم البلاد والأوطان, ولاشك أننا جميعًا نتطلع لليوم الذي تتوحد فيه بلاد الإسلام تحت راية واحدة، هي راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. لكن الإسلام أيضًا لم يهمل تلك العاطفة الجياشة التي تتكون في قلب كل إنسان نحو المكان الذي نشأ به وتربى وترعرع فيه، فهو يتعامل مع عاطفة الإنسان نحو وطنه باتزان، فلا تفريط ولا إفراط فيها، فالإنسان يرتبط عاطفيًا بموطنه الذي له فيه الذكريات والأحداث والأشخاص الذين يحبهم ويحبونه، وفيه أقرباؤه وأصدقاؤه ومحبوه, ويؤكد على ذلك الارتباط ويعظمه، حنين الرسول- صلى الله عليه وسلم- لمكة المكرمة، عندما خرج منها مكرهًا، فقال بعد أن التفت إليها: (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليّ, ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت).
وهنا نرى أنه لا تعارض بهذا المفهوم السابق بين الانتماء للإسلام وحب الأوطان، طالما لم يتعارض أو يتعاظم حب الوطن عن حب الإسلام، أو تقديم محباته على حب الله ورسوله وكتابه، والولاء إلى الإسلام والتضحية من أجل دينه؛ قال تعالى: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )آية 24– سورة التوبة.
وأشدد على أن الحفاظ على الوطن وصيانته هو قيمة إسلامية أيضًا، فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام، وأهله جزء من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها؛ ولله الحمد والمنة، فمجتمعاتنا إسلامية، ونداء التوحيد يرتفع في كل لحظة, وحب الله ورسوله وقرآنه راسخ في قلوب الناس , لذا حث الإسلام أتباعه على حب أوطانهم بهذا المعنى، والاعتزاز بها، والدفاع عنها، والوقوف في وجه كل المعتدين أو المفسدين لها.
و للأسف، تعيش مجتمعاتنا العربية نوعًا من التغييب المتعمد لمسألة الانتماء بالمعنى الذي نتحدث عنه, فهي إما أنها تعرض مفهوم الأوطان جامدًا، بمعنى المكان الذي ينتفع منه الناس ويتكسبون فيه أرزاقهم, أو بمعنى اضطراري إرغامي لازم أو غيره, أما عرض مفهوم الانتماء لأبنائنا على اعتبارها قيمة إنسانية فكرية عاطفية دينية ومبدأ ينتمي لمبدأ الانتماء للإسلام فقليل ما هو. وبالتالي نجد أناسًا يبيعون أنفسهم وأوطانهم بأبخس الأثمان، وآخرون يهرولون للخارج هربًا من صعوبة الداخل.

توضيح 

إن القوات المسلحة ستظل الدرع الواقية لمصر وشعبها العظيم، وإن جند مصر خير أجناد الأرض، بما يملكونه من ولاء وانتماء للوطن واستعداد دائم للتضحية والفداء.


وأنصحكم بقراءة كتاب 
 دكتورة لطيفة إبراهيم خضر: دور التعليم في تعزيز الانتماء ،
، القاهرة، عالم الكتب، 2000م.

الخميس، 17 أكتوبر 2013

أحداث وأهداف وتوابع مظاهرات 30 يونيو 2013 في مصر


مظاهرات 30 يونيو
الزمان30 يونيو 2013 - 
المكانعلم مصر مصر
الأهدافالمعارضة: المطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
المؤيدون: المطالبة ببقاء الرئيس محمد مرسي.
القادة
حملة تمرد
جبهة الإنقاذ الوطني
التحالف الوطني لدعم الشرعية

جرت مظاهرات 30 يونيو 2013 في مصر في محافظات عدة، نظمتها أحزاب وحركات معارضة للرئيس محمد مرسي. توقيت المظاهرات كان محددًا مسبقًا منذ أسابيع. طالب المتظاهرون برحيل الرئيس محمد مرسي، الذي أمضى عامًا واحدًا في الحكم. في يوم 3 يوليو، أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي إنهاء حكم محمد مرسي، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور.
في اليوم الأول من التظاهرات وقع قتلى وجرحى. وأحرقت مكاتب لجماعة الإخوان المسلمين، ومقرها في المقطم بالقاهرة. الاشتباكات عند مقر الإخوان في المقطم أوقعت 10 قتلى. في اليوم التالي، وقد جرت مظاهرات في الشهر نفسه للقوى المؤيدة للرئيس، وحملت شعارات "نبذ العنف" و"الدفاع عن الشرعية".
في عصر اليوم التالي، 1 يوليو، أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا يمهل القوى السياسية مهلة مدتها 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخي، وذكر البيان أنه في حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها. 
في أعقاب ذلك، طالب كل من حزب النور السلفي والدعوة السلفية الرئيس محمد مرسي بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وجاء في البيان تعبير عن الخشية من عودة الجيش للحياة العامة.
 وفي نفس اليوم استقال خمس وزراء من الحكومة المصرية تضامنًا مع مطالب المتظاهرين، واستقال مستشار الرئيس للشؤون العسكرية الفريق سامي عنان، الذي قال أن منصبه كان شرفيًا ولم يكلف بأي مهمة.  
وقدم 30 عضوًا في مجلس الشورى استقالاتهم. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، وكالة الأنباء الرسمية، أن محمد كامل عمرو وزير الخارجية قدم استقالته، ولم تقدم تفاصيل أكثر.

 وفي الليل، أصدر التحالف الوطني لدعم الشرعية بيانًا جاء فيه إعلان الرفض البات والمطلق محاولة "البعض استرداد هذا الجيش للانقضاض على الشرعية والانقلاب على الإرادة الشعبية".
 وقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها تضامنها مع بيان القوات المسلحة مذكرة بأنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية
 وأسهم بيان الجيش في دفع مؤشرات البورصة المصرية حيث زادت القيمة السوقية للأسهم نحو عشرة مليارات جنيه.
 فيديو خارجي
تصوير جوي لجموع المتظاهرين ضد محمد مرسي في 30 يونيو على موقع «يوتيوب»
وأصدرت الرئاسة المصرية بيانًا في الساعات الأولى من الثلاثاء 2 يوليو جاء فيه أن الرئاسة المصرية ترى أن بعض العبارات الواردة في بيان الجيش "تحمل من الدلالات ما يمكن أن يتسبب في حدوث إرباك للمشهد الوطني المركب".
في 3 يوليو، وبعد انتهاء المهلة التي منحتها القوات المسلحة للقوى السياسية، في التاسعة مساءً، وبعد لقاء مع قوى سياسية ودينية وشبابية، أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مع جملة إجراءات أخرى أعلن عنها. وتبع ذلك البيان احتفالات في ميدان التحرير و عدد من المحافظات المصرية

الخلفية والتحضير

ملصقات ضد مرسي على السيارات في القاهرة

تولى محمد مرسي رئاسة الجمهورية بعد فترة أدار فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد عقب سقوط حكم محمد حسني مبارك الذي أعلن تنحيه عن الحكم بعد 18 يومًا من التظاهرات. مع مرور عشرة أشهر على حكم محمد مرسي، تأسست حركة تمرد في 26 أبريل 2013، وهي حركة تجمع توقيعات المصريين لسحب الثقة من محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. أعلنت الحركة عن جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي، ودعت هؤلاء الموقعين للتظاهر يوم 30 يونيو.
 وقد تجاهل مرسي هذه التوقيعات ورفض اجراء الانتخابات المبكرة واصفا اياها بالمطالب العبثية.
 ورفضت المعارضة دعوة محمد مرسي للحوار وتشكيل لجنة لتعديل الدستور والمصالحة الوطنية، وذلك في خطاب امتد لساعتين ونصف. وتلا محمد البرادعي بيان جبهة الإنقاذالمعارضة، وقال إن خطاب محمد مرسي "عكس عجزًا واضحًا عن الإقرار بالواقع الصعب الذي تعيشه مصر بسبب فشله في إدارة شؤون البلاد منذ أن تولى منصبه قبل عام". وتمسكت الجبهة بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
دعا شيخ الأزهر أحمد الطيب في بيان كل مصري إلى تحمل مسؤوليته "أمام الله والتاريخ والعالم" وحذر من الانجراف إلى الحرب الأهلية "التي بدت ملامحها في الأفق والتي تنذر بعواقب لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد". ودعا بابا الأقباط الأرثوذكس تواضروس الثاني المصريين إلى التفكير معًا والتحاور معًا، وطلب منهم الصلاة من أجل مصر.

خط زمني للأحداث

30 يونيو[صوت الثورة]

تجمع الملايين من معارضي نظام محمد مرسي في الذكرى الأولى لتوليه منصب رئيس الجمهورية مطالبين بعزله وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وقد ارتكزت التجمعات في ميدان التحرير وفي الميادين الرئيسية في عدد كبير من المحافظات بالاضافة الي تجمعات اصغر بالمدن والقري المصرية، قابلها دعوات من مؤيدي محمد مرسي لتأييده أمام دعوات عزله، ما نذر باحتمال وقوع اشتباكات بين الفريقين ومبادئ لحرب أهلية.
في القاهرة قامت حركة تمرد بالتظاهر أمام قصر الاتحادية وعرض الاستمارات التي وقعها عدد كبير من المصريين، بلغ 22 مليون بحسب ما اعلنته الحركة، مطالبة بعزل محمد مرسي ،الذي قام بدوره بتجاهل تلك التوقيعات .

1 يوليو[صوت الثورة]

أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانًا في الرابعة عصرًا بتوقيت القاهرة، ذكرت فيه "مظاهرات وخروج شعب مصر العظيم" وأن "من المحتم أن يتلقى الشعب ردًا على حركته، وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدرًا من المسؤولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن". وأشار البيان إلى أن القوات المسلحة "لن تكون طرفًا في دائرة السياسة أو الحكم". وأن الأمن القومي للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها. البيان أشار أيضًا إلى معاناة الشعب المصري، وأنه "لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه". أمهلت القوات المسلحة في بيانها هذا مهلة 48 ساعة للجميع "لتلبية مطالب الشعب".
اثار إصدار هذا البيان فرحة واضحة في المطالبين بإسقاط الرئيس في جميع أنحاء البلاد، واستمرت صيحات "الجيش والشعب إيد واحدة".

2 يوليو[صوت الثورة]

أصدرت محكمة النقض حكمًا ببطلان تعيين النائب العام طلعت عبد الله، الذي شغل منصب بعد عزل رئيس الجمهورية محمد مرسي لعبد المجيد محمود.
 ووقعت اشتباكات في محيط جامعة القاهرة استمرت إلى صباح اليوم التالي، أدت إلى مقتل 22 شخصًا.

3 يوليو[صوت الثورة]

أعلن المتحدث العسكري العقيد أحمد علي أن قيادة القوات المسلحة تجتمع بقيادات سياسية ودينية شبابية، وأضاف أن بيانًا سيصدر عن القيادة العامة بعد انتهاء الاجتماع. في أثناء ذلك نُشر على صفحة فيس بوك الخاصة بمستشار الرئيس للشئون الخارجية عصام الحداد منشورًا باللغة الإنجليزية، جاء في مقدمته "من أجل مصر والدقة التاريخية هيا ندعو ما يحدث في مصر باسمه الحقيقي: انقلاب عسكري". وقال أن هذه الكلمات ربما تكون آخر ما يكتب على صفحته. لكن المنشور ذكر أيضًا أن شعبية الرئيس مرسي تراجعت بشدة.
بعد اجتماع لقادة القوات المسلحة مع قوى سياسية ودينية وشبابية، في حوالي التاسعة مساءً بتوقيت القاهرة، أذاع التلفزيون الرسمي بيانًا ألقاه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، أنهى فيه رئاسة محمد مرسي، وعرض خارطة طريق سياسية للبلاد اتفق عليها المجتمعون، تتضمن تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبين أن له سلطة إصدار إعلانات دستورية. وتشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتشكيل لجنة من التيارات السياسية وخبراء الدستور لمراجعة دستور 2012 الذي عطل مؤقتًا. وجاء في البيان أيضًا دعوة المحكمة الدستورية العليا إلى سرعة إصدار قانون انتخابات مجلس النواب
وحضر ذلك الاجتماع كلا من : عبد الفتاح السيسي، محمد البرادعي، شيخ الازهر احمد الطيب، والبابا تواضروس الثاني، ممثل عن حزب النور، ممثل عن حركة تمرد

إجراءات مصاحبة لعزل محمد مرسي[صوت الثورة]

شخصيات منعت من السفر أو اعتقلت[صوت الثورة]

صدرت إجراءات قضائية ضد عدد من الشخصيات القيادية في التيار الإسلامي:
الشخصيةالمنصبالحالة
محمد مرسيرئيس الجمهوريةمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
محمد بديعمرشد جماعة الإخوان المسلمينمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
خيرت الشاطرنائب مرشد جماعة الإخوان المسلمينمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
محمد البلتاجيقيادي بجماعة الإخوانمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
صفوت حجازيداعية إسلاميمنع من السفر، ابتداء من 4 يوليو
سعد الكتاتنيرئيس مجلس الشعب السابقمنع من السفر، ابتداء من 4 يوليو
عاصم عبد الماجدعضو مجلس شورى الجماعة الإسلاميةمنع من السفر، ابتداء من 4 يوليو
صبح صالحعضو مجلس الشعب السابق عن الحرية والعدالةمنع من السفر، ابتداء من 4 يوليو
عصام العرياننائب رئيس حزب الحرية والعدالةمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
عصام سلطاننائب رئيس حزب الوسطمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
حمدي حسن-منع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
سعد الحسينيمحافظ كفر الشيخ السابقمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
طارق الزمررئيس المكتب السياسي لحزب البناء والتنميةمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
حازم صلاح أبو إسماعيلمرشح رئاسي سابق، رُفض ترشيحمنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
أبو العلا ماضيرئيس حزب الوسطمُنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
عبد المنعم عبد المقصودمحامي جماعة الإخوان المسلمينمُنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
محمود غزلانعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمينمُنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
ماجد الزمر-مُنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو
نور الدين عبد الحافظمذيع في قناة مصر 25مُنع من السفر، ابتداءً من 4 يوليو

التفاعل الدولي إتجاة ثورة 30يونيو[صوت الثورة]

  • Flag of the United Nations.svg الأمم المتحدة: صدر بيان في 1 يوليو عن المكتب الإعلامي لأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون جاء فيه "ينبغي توجيه إدانة قوية لما تردد عن سقوط عدد من القتلى والجرحى وكذلك الاعتداء الجنسي ضد المتظاهرات إضافة إلى أعمال تدمير الممتلكات وذلك رغم ما يبدو من أن الغالبية العظمى من أولئك الذين يشاركون في الاحتجاجات يقومون بذلك سلميًا".
  • Flag of Tunisia.svg تونس: استبعد رئيس الوزراء علي العريض انتقال ما يحدث في مصر إلى تونس قائلًا "أستبعد سيناريو مشابه لما يحدث في مصر لثقتي الكبيرة في وعي التونسيين وقدرتهم على قياس إمكانيات البلاد". وأضاف "منهجنا يتسم بالتوافق والشراكة ولا مبرر في اتجاه إهدار الوقت أو تعميق التجاذبات".
  • Flag of the United States الولايات المتحدة: قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما "الرئيس مرسي رئيس منتخب لكن على حكومة مرسي الآن احترام المعارضة وجماعات الأقليات".وتعقيبًا على بيان القوات المسلحة في 1 يوليو، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "نحن في عملية استعراض لذلك البيان، ولسنا متأكدين تمامًا عن ما سيحدث بشكل أو آخر في الـ 48 ساعة المقبلة".
  • Flag of Syria.svg سوريا: قال وزير الإعلام عمران الزعبي إن نموذج جماعة الإخوان المسلمين في السلطة "سقط إلى غير رجعة" وقال إن "نموذج حكم الإخوان في مصر توفي، لكن شهادة وفاته لم تصدر بعد...والإخوان لديهم قدرة استثنائية على التخريب، واستطاعوا أن يخربوا في سنة ما بني منذ ثورة جمال عبد الناصر". لاحقًا، وفي حديث لصحيفة الثورة السورية، قال بشار الأسد إن ما يحدث في مصر "هو سقوط لما يسمى الإسلام السياسي" وأضاف "من يأت بالدين ليستخدمه لصالح السياسة أو لصالح فئة دون أخرى سيسقط في أي مكان في العالم"


مراجع[صوت الثورة]

  1.  “اقتحام المقر العام للإخوان مجددا بالقاهرة وحرق محتوياته”. العربية، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  2. “ارتفاع شهداء "الإرشاد" إلى 10 بعد وفاة اثنين في مستشفى قصر العيني”. الوطن، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  3. بيان القيادة العامة للقوات المسلحة للشعب المصري”. الشروق، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  4. حزب النور السلفي في مصر يطالب مرسي بالموافقة على انتخابات رئاسية مبكرة”. رويترز العربية، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  5. استقالة 5 وزراء مصريين دعما لمطالب المعارضة”. روسيا اليوم، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  6. من نواب التيار المدنى يقدمون استقالاتهم مكتوبة لـ«الشورى»”. الوطن، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  7. وزير الخارجية محمد كامل عمرو يتقدم باستقالته”. البديل، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  8. التحالف الوطنى" يشيد بدور الجيش ويعلن حالة الانعقاد الدائم”. اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  9. الداخلية المصرية تتضامن مع بيان القوات المسلحة”. الرياض، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  10. إنذار الجيش المصري يصعد بالبورصة”. سكاي نيوز عربية، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  11. رئاسة مصر: بيان الجيش قد يربك المشهد”. الجزيرة، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  12.  “النص الحرفي لبيان القوات المسلحة المصرية”. إيلاف، 3 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 3 يوليو 2013.
  13. الفرحة تعم شوارع مصر بعد عزل الجيش للرئيس مرسي . فرانس24، 4 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 4 يوليو 2013.
  14. "تمرد" جمعت أكثر من 22 مليون توقيع واستقالات في مجلس الشورى الأزهر والأنبا تواضروس يحضان على الهدوء والجيش المصري متأهب”. النهار اللبنانية، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  15. “مرسي يرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة”. روسيا اليوم، 30 يونيو 2013. وصل لهذا المسار في 30 يونيو 2013.
  16. “معارضو الرئيس المصري محمد مرسي متمسكون بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة”. فرنسا 24، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  17. ^ “احتفالات ميدان التحرير بعد بيان الجيش المصري”. بوصلة، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  18. ارتباك في مصر بعد حكم قضائي بإعادة النائب العام السابق
  19. ”. راديو سوا، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 3 يوليو 2013.
  20. ارتفاع عدد قتلى "جامعة القاهرة" إلى 22.. وأمن الجيزة يطلب من النيابة تأجيل المعاينة لعدم استقرار الأوضاع”، 3 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 3 يوليو 2013.
  21. عصام الحداد للإعلام الأجنبي: هذا آخر بيان أكتبه .. وما يحدث انقلاب عسكري وليس ثورة.. وشعبية الرئيس تراجعت لكنه شرعي”. صدى البلد، 3 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 3 يوليو 2013.
  22. النائب العام يأمر بضبط خالد عبد الله”. المصري اليوم، 4 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 4 يوليو 2013.
  23. بان يدين العنف في مصر ويدعو للحوار والتعايش السلمي”. وكالة الأنباء الكويتية، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  24. رئيس وزراء تونس يستبعد انتقال السيناريو المصري إلى بلده”. سي إن بي سي عربية، 2 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  25. أوباما: مرسي هو الرئيس المنتخب ولن نختار لمصر رئيسها”. الشرق الأوسط، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  26. الدفاع الأمريكية: لن نتكهن بما سيحدث في مصر خلال اليومين المقبلين”. محيط، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  27. “وزير الإعلام السوري: «الإخوان» استطاعوا تشويه سُمعة مصر في عام واحد”. المصري اليوم، 1 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 2 يوليو 2013.
  28. “بشار الأسد: ما يحصل في مصر هو سقوط لما يسمى الإسلام السياسي”. النشرة الإلكترونية اللبنانية، 3 يوليو 2013. وصل لهذا المسار في 3 يوليو 2013.

  • بيان القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية (30 يونيو 2013) 
  •  بيان القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية (3 يوليو 2013) 



بيان القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية (30 يونيو 2013)

شهدت الساحة المصرية والعالم أجمع أمس مظاهرات وخروجًا لشعب مصر العظيم؛ ليعبر عن رأيه وإرادته بشكل سلمي وحضاري غير مسبوق .
  • لقد رأى الجميع حركة الشعب المصري، وسمعوا صوته بأقصى درجات الاحترام والاهتمام... ومن المحتم أن يتلقى الشعب ردًّا على حركته، وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدرًا من المسؤولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن .
  • إن القوات المسلحة المصرية كطرف رئيسي في معادلة المستقبل وانطلاقًا من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في حماية أمن وسلامة هذا الوطن، تؤكد على الآتي :
  • أن القوات المسلحة لن تكون طرفًا في دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديمقراطي الأصيل، النابع من إرادة الشعب .
  • إن الأمن القومي للدولة معرض لخطر شديد إزاء التطورات التي تشهدها البلاد، وهو يلقى علينا بمسؤوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر .
  • لقد استشعرت القوات المسلحة مبكرًا خطورة الظرف الراهن، وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصري العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهله أسبوعًا لكافة القوى السياسية بالبلاد؛ للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أي بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار، وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذي أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي .
  • أن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيدًا من الانقسام والتصارع الذي حذرنا ولا زلنا نحذر منه .
  • لقد عانى هذا الشعب الكريم، ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقي ونفسي على القوات المسلحة، التي تجد لزامًا أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي الذي برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله .
  • أن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميــع [48] ساعة كفرصة أخيرة؛ لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن الذي لن يتسامح أو يغفر لأي قوى تقصر في تحمل مسؤولياتها .
  • وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزامًا عليها؛ استنادًا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحترامًا لمطالب شعب مصر العظيم، أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرًا لثورته المجيدة... ودون إقصاء أو استبعاد لأحد .
  • تحية تقدير وإعزاز إلى رجال القوات المسلحة المخلصين الأوفياء الذين كانوا ولا يزالوا متحملين مسؤوليتهم الوطنية تجاه شعب مصر العظيم بكل عزيمة وإصرار وفخر واعتزاز .
حفظ الله مصر وشعبها الأبي العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


Ads Inside Post