لو كنت مكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة لسألت نفسى بعد كل التطورات الأخيرة خصوصا مظاهرة أمس الأول: لماذا انقلب الحب والتأييد الجارفين من الشعب للمجلس عقب موقفه الشجاع أثناء الثورة إلى هذه الحالة العجيبة والغريبة؟!.
لا أدعى أن كل الشعب أو غالبيته ضد سياسات المجلس، لكن قسما من الشعب صار ضده، وغالبية النخبة لم تعد تثق فيه.
لا يصلح أن يخرج أحد من المجلس ليقول لنا إن غالبية الشعب معى، وإنه لو جرى استفتاء عليه لحصل على أكثر من 80٪.
لأصحاب هذه الآراء نقول إن مبارك كان يفكر بمثل هذه الطريقة، ثم إن «حزب الكنبة» ليس ممثلا أصيلا للشعب المصرى. حزب الكنبة يصح أن يحسم معركة انتخابية لادخال مرشح إلى البرلمان. لكن فى القضايا الكبرى مثل الدستور لا ينبغى او يصح أن يكون المعيار الوحيد هو الغالبية العددية.
لو كنت مكان المجلس العسكرى ما اكتفيت بنفاق بعض السياسيين الذين يطالبون المجلس بالبقاء فى الحكم، هؤلاء لا يمثلون الشعب، هؤلاء هم الذين قاموا بتأليه مبارك وأوصلوه إلى نهايته المحتومة.
سيقول المجلس إنه لا ينوى البقاء فى الحكم ونحن على استعداد لتصديقه، لكن وثيقة السلمى كشفت أن المادتين التاسعة والعاشرة باب ملكى للبقاء فى السلطة حتى لو كان من وراء حجاب.
لو كنت مكان المجلس العسكرى لخرجت ببيان واضح إلى الناس أقول لهم هذه هى أهدافى وتلك هى نواياى وإننى ملتزم بجدول زمنى واضح ومحدد ومنطقى تنتقل فيه السلطة الحقيقية من المجلس إلى الحكومة المنتخبة. لكن المشكلة أن المجلس ــ بحسن أو سوء نية، مارس غموضا غير بناء بالمرة وفتح المجال واسعا أمام تكهنات كثيرة، ذكرت البعض بتصريحات حسنى مبارك وابنه جمال بعدم وجود أى نية للتوريث، وهو ما تبين كذبه تماما وأن المخطط كان قد قطع شوطا كبيرا.
لا ينبغى على المجلس العسكرى الارتكان الى أن المظاهرات والهتافات ضده تنفذها جهات بلا شعبية، أو عميلة أو مدفوعة بأجندات أجنبية، قد يكون بعضا من ذلك صحيح لكن هناك كثيرين يعارضون فعلا سياسات المجلس ونواياه الغامضة. لمصلحة المجلس العسكرى والشعب ومصر أن تكون هناك قراءة موضوعية للمشهد الراهن حتى نستخلص العبر والدروس.
أن يحدث ذلك فتلك هى الشجاعة بعينها وليس عيبا أن يخطئ المجلس، لكن العيب كل العيب أن نعود إلى أيام المخلوع والدكتوراه التى حصل عليها فى «العند» لكن قبل ذلك علينا تذكر ما حل به.
أيمن الحسيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق