الاثنين، 21 نوفمبر 2011

اعتذار واجب من الجيش للشعب مقال جديد للدكتورأيمن نور




أوشكنا أن نصل إلى نقطة النهاية، إن لم نكن لامسناها، ووصلنا إليها بالفعل!!
وفى نهاية مدة الخدمة، على متلقى الخدمة، أن يشكر مقدمها، وعلى مقدمها أن يعتذر عن القصور، أو الخطأ، أو الخطيئة، التى ربما يكون وقع فيها، وهو يؤدى دوره، ومهمته!
وإذا كان الشعب، هو الذى طلب من الجيش، أن يدير المرحلة الانتقالية، تقديراً، وثقة، فى هذه المؤسسة النظامية، الوطنية المحترمة، فمن حق الشعب أن يطلب من الجيش، رد الأمانة، شاكراً له ما قدمه، أو ما حاول أن يصل إليه، سواء حالفه التوفيق، أو لم يحالفه!!
ومن حق الجيش أن يقدم كشف حساب، لإبراء ذمته أمام الله، والشعب، والتاريخ، ومن واجبه أن يعتذر عما أخفق فى تحقيقه.
الجيش مدين باعتذار واجب، لكل شهيد سقط عمداً أو غدراً، أو حتى خطأ، منذ يوم 11 فبراير حتى 20 نوفمبر 2011.
الجيش مدين بالاعتذار لآلاف المصابين الذين أصيبوا وهم يمارسون حقهم فى التعبير عن مواقفهم وحقوقهم. 
الجيش مدين بالاعتذار لكل نقطة دم سالت على أرض مصر- بغير حق- بعد أن كان مفترضاً أن يتحول دم المصرى على المصرى إلى خط أحمر، بعد أن رحل السفاح وعصابته!!
الجيش مدين باعتذار واجب، لكل مواطن مصرى، وقف أمام قاض غير قاضيه الطبيعى، بعد 25 يناير.
والاعتذار واجب أيضاً، لكل من دفعوا ثمنا باهظاً لبقاء وضع القضاء الطبيعى «والنيابة العامة» على سابق عهده، فاقداً لاستقلاله، ممتنعاً عن تطهير صفوفه!! فقديما قال أحد زعماء النهضة فى الهند: «قوة القضاء يمكن استعمالها فى العدل والظلم على السواء، فكم كانت المحاكم آلات تفتك لحساب الاستبداد بالعدل والحق.
حقا فالاعتذار الواجب للدماء البريئة التى أريقت، لابد أن يصاحبه اعتذار آخر لنفوس زكية، اغتيلت حقوقها وحرياتها فى إيوانات المحاكم، كما اغتيل غيرها فى ساحات القتال.
أحسب أن اعتذاراً أكبر، لابد أن يقدمه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، لكل من دفع ثمنا باهظاً للعجز عن استعادة الأمن.. أو العمد فى بقاء هذا الخلل الأمنى غير المبرر أو المفهوم.
لابد أن يعتذر المجلس الأعلى عن اختيارات خائبة، وقرارات مرتبكة، وأوضاع مزرية، آلت إليها أحوال الناس فى مصر، على الصعيد الاقتصادى، والاجتماعى، والسياسى.
اعتذار يبدأ باختيار خارطة طريق معكوسة، واتخاذ خطوات إصلاحية منقوصة، والإبقاء على وزراء ومحافظين، ومسؤولين بعضهم ليس فوق مستوى الشبهات، ومعظمهم دون مستوى الحد الأدنى من الكفاءة، أو القدرة على تحقيق النتائج المطلوبة.
بعد عشرة أشهر من حقنا أن نسأل المجلس الأعلى ماذا تحقق من خارطة الطريق ؟! ولماذا تبددت خارطة الأمل وتسرب اليأس لنفوس الناس؟!
بعد عشرة أشهر من حقنا أن نسأل المجلس الأعلى.. من معك الآن؟ لأقول لك من أنت؟ وماذا فعلت؟! فقد بدأ المجلس ومصر كلها خلفه، تسانده، تؤيده، تثق فى نواياه، ولو لم تثق فى قدرته- واليوم مصر مرة أخرى فى التحرير، تطالب برحيله، بعد أن كانت تطالب بوجوده!!
بعد 300 يوم، عادت الناس تهتف فى التحرير بالرحيل، لأنها شعرت أن الوكيل، خالف وغاير إرادة الأصيل.
مرة أخرى خفت صوت الحرية، وارتفع صوت دمدمة البطش، وأصوات طلقات الرصاص، وقنابل الدخان، وبات صاحب الرأى يعاقب على رأيه، وتستباح الحرمات والدماء، والحقوق والحريات!!
من ذات الجحر، خرجت الأفاعى والعقارب، تبث سمومها القاتلة، وعدنا نسمع مرة أخرى عمن يصف القتيل بالقاتل!! والثوار بالبلطجية، ويفلت الجناة وسط ذهول الناس، وغضبهم المشروع.
مصر اليوم، وأكثر من أى يوم مضى من 300 يوم بعد الثورة، بحاجة لأن تسترد ثقتها فى ثورتها، وأنها لم تختزل فى انقلاب، دافع عن نظام مبارك، بالتخلص من مبارك كى يبقى نظامه!!
مصر اليوم فى حاجة لحكومة إنقاذ وطنى، ومجلس رئاسى مدنى أو مختلط، يعيد بناء المرحلة الانتقالية على أسس من العدل والحرية، ويمتد لتطهير صفحة مصر من بقايا نظام مبارك، وتأسيس صحيح لنقل السلطة كاملة لسلطة مدنية منتخبة.
فضيلة الاعتذار.. فريضة غائبة وواجبة، كى نبدأ البداية الصحيحة، لإنقاذ مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post