يمكن أن يعرف الانتحار بأنه, قتل المرء نفسه أو إنهاء حياته بإرادته وخياره لأسباب يعتقد صاحبها معها بان مماته أصبح أفضل من حياته. وقبل الخوض في أسباب الانتحار لا بد من الإشارة إلى خطورة هذه الظاهرة التي بدأنا نسمع عنها كثيرا في مجتمعنا المصري والتي تنذر بتراجع مفهوم الصحة النفسية وانتشار الهموم النفسية بين شريحة لا باس بها من الناس خاصة من فئة الشباب حيث تشير اغلب الدراسات وحتى العالمية منها إلى ارتفاعها بين فئة الشباب أكثر من غيرها..
وعلى الرغم من خطورة هذه الظاهرة كما أسلفنا ورغم كثرة الدراسات التي أجريت لمعرفة أسبابها فان أيا من الدراسات والأبحاث لم تشر إلى أسباب محددة ثابتة لحدوث الانتحار, وتشير الدراسات والأبحاث إلى أسباب متنوعة ومختلفة لهذه الظاهرة. الفقر والبطالة و التغيرات الثقافية المتسارعة وعدم قدرة الأفراد على التكيف معها وتأثرهم بها وزيادة مساحة الحرية الفردية للأفراد وسوء فهم واستخدام هذه الحرية والتعقيدات والصعوبات والمتطلبات الصارمة للمجتمع من الأفراد وشعور الأفراد بعد قدرتهم على الوصول إلى أو عدم قدرتهم على تأدية هذه المطالب وعدم التيقن من المستقبل أو المستقبل المجهول وتعاطي المخدرات والكحول هي من الأسباب التي قد تؤدي إلى الانتحار.
كما يجب أن لا ننسى الفراغ الروحي الذي يعاني منه الشباب وتراجع مستوى الوعي الديني أو المستوى الإيماني والجنوح إلى الحياة المادية البحتة على حياة الأفراد والذي اثر في مفهوم ومعنى الانتحار لدى الكثير من الشباب.
فالدين الإسلامي الحنيف وكل الديانات السماوية تحرم الانتحار أو قتل النفس وتعده من الكبائر. الكثير من الناس الآن يبررون الانتحار وينادون بمبدأ الانتحار المنطقي والذي وفي ضوء الأسباب الكثيرة التي أشرت إليها سابقا يجعل الشباب يعتقدون بمشروعية أو قبول الانتحار كعلاج للتخلص من ضغوطات وتعقيدات الحياة المختلفة.
إن مفهوم الانتحار يجب أن يعاد تناوله وطرحه من قبل رجال الدين وعلماء النفس والتربويين لإعادة ترسيخه في عقول الشباب كما يجب وضع تشريعات تمنع الانتحار وتعتبره جريمة يعاقب عليها القانون وليس كما يحدث الآن من إجراءات في التعامل مع الانتحار والتي قد تؤدي إلى زيادة نسبة من يفكرون بالانتحار أو يقدمون عليه أو اعتبار الانتحار أمرا مقبولا واعتياديا. إن تغيير مفهوم الانتحار وخصوصا لدى فئة الشباب يؤثر في السلوك الانتحاري حيث يستخدم الشخص الذي يحاول الانتحار هذه الأفكار لتحييد ردود الأفعال السلبية للآخرين واستبدالها بردود فعل ايجابية كاعتبار الانتحار كما أشرت فعلا عاديا مقبولا.
إن محاولة تغيير مفهوم الانتحار وتزيينه واعتباره منطقيا أحيانا أو حقا من حقوق الأفراد يعزز ويزيد من نسبة الأفراد الذين قد يفكروا بالانتحار أو اعتباره الحل الأنسب للمشكلات التي تعترض حياتهم. إن أجيال الشباب اليوم تتعرض لموجة عاتية مما يمكن أن نسميه عدم التجانس ألقيمي فالأطفال والشباب اليوم يتلقون رسائل ومعلومات متناقضة ومختلفة عن الصواب والخطأ والحرية والمسئولية من الآباء ومن الرفاق ومن وسائل الإعلام المختلفة وهذا لا يساعد الشباب على تطوير منظومة قيم ايجابية توجه سلوكاتهم وتضبطها وتوجهها التوجيه الصحيح مقارنة بالأجيال السابقة.
إن الشباب اليوم أكثر حساسية واضعف وأكثر عرضة من غيرهم للإصابة بهذه الأعراض الخطيرة نتيجة عدم وجود منظومة قيم دينية تحميهم وتوجههم. إن العودة إلى الدين أو التدين هي أفضل وسيلة للحماية من كل الأمراض النفسية التي تعاني منها البشرية جمعاء, كما أن العودة للدين الإسلامي الحنيف هي العلاج الأفضل للحماية من هذه الأخطار التي تتهدد مجتمعاتنا وقيمنا.
أكد مصدر رسمي تعاظم ظاهرة الانتحار في مصر حيث بلغت محاولات الانتحار 104 آلاف محاولة خلال عام 2009 وأغلبهم من الشباب في المرحلة العمرية من 15 إلى 25 عاما بنسبة تقدر بـ66.6 بالمائة. وذكر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التابع للحكومة أن هناك11 ألف حالة في مركز السموم انقسموا ما بين 8500 امرأة وفتاة، و2500 شاب من سكان القاهرة والجيزة نقلوا إلى مركز السموم بمختلف المستشفيات مصابين بحالات التسمم الحاد إثر محاولتهم الانتحار بالمبيدات الحشرية أو المواد المخدرة خلال 12 شهرا.وأشارت إحصائيات الجهاز التي نشرتها جريدة «الأهرام» الحكومية إلى أن هناك 43 ألف شخص من الذكور والإناث من مختلف الأعمار بمختلف المحافظات في الريف والحضر حاولوا الانتحار بشتى الوسائل وهناك 54 ألفا إجمالي من حاولوا الانتحار خلال الفترة من يونيو 2008 إلى يونيو 2009 تمكن 4 آلاف منهم من الانتحار ولفظوا آخر أنفاسهم سواء قبل أو بعد إسعافهم.
وأكدت الجريدة «تعاظم وانتشار الظاهرة» حيث تم يكسر حاجز5 آلاف منتحر في عام 2009 بمتوسط 14 حالة انتحار في مصر يوميا لتقارب أعلى معدلات الانتحار عالميا والتي تحتكرها الدول الاسكندنافية. ولكن حسب الجريدة «الفارق أنهم هناك ينتحرون جراء الرفاهية المطلقة ونحن ننتحر هنا جراء الفقر المدقع والبطالة والغلاء الفاحش».
واعتبرت أن هذه الأرقام»المخيفة» أكدتها دراسة صادرة من مركز المعلومات بمجلس الوزراء ضمن عدة دراسات عن جرائم الانتحار في مصر وأسبابها ومسبباتها.
وتشير التقارير إلى أن محاولات الانتحار بين النساء أكثر منها بين الرجال وفى الشباب (بنين وبنات) أكثر من الكبار، كما أن محاولات النساء دائما ما تتسم بعدم الجدية.
وللإشارة فان إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2010 تشير إلى أن نحو 3000 شخص ينتحرون يوميا وكل حالة انتحار تسبقها 20 محاولة انتحار أو أكثر.
ووفقا لهذه الإحصائيات فإن نحو مليون شخص ينتحرون سنويا وفي الـ 45 سنة الأخيرة قفزت معدلات الانتحار بنسبة 60% في جميع أنحاء العالم ومعدل وفيات الأطفال العالمية بنسبة 16 في ال100 ألف، أو وفاة طفل واحد كل40 ثانية.
اضافة الى هذا الموضوع الهام جدا والذي يتناول:الانتحار هو قتل النفس بطريقة متعمدة وهذا هو التعريف الذي تتضمنه مراجع الطب النفسي ، وهناك مصطلح آخر مقابل كلمة الانتحار Suicide هو الفعل المدروس لإيذاء النفس " Deliberate Self Harm , DSH " وقد يكون مجرد محاولة للانتحار لم تتم أو قتل للنفس ، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية في أواخر التسعينيات إلى أن عدد حالات الانتحار في أنحاء العالم يبلغ 800 ألف حالة سنوياً . ويعتبر الاكتئاب النفسي هو السبب الرئيسي في 80% من حالات الانتحار والذي يتتبع الأخبار ويطالع صفحات الحوادث في الصحف يجد أن أخبار حالات الانتحار تكاد تكون ثابتة بصفة يومية ، وهناك فرق بين الأزمات النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى التفكير في الانتحار كحل للهروب من هذه الأزمات وبين الاضطرابات النفسية التي تؤدي إلى الانتحار وفي مقدمتها الاكتئاب .... ان الرسالة المراد ارسالها إلى الجميع هي أن الانتحار أو قتل النفس ليس حلاً لأية أزمة أو مشكلة .. وهناك دائما الكثير من البدائل التي يمكن التفكير فيها حين تتأزم الأمور وتشتد المحن ، ويمكن أن تتلمس النور وسط السواد الحالك المحيط بنا ،ويتحقق الخروج من النفق المظلم وانتصار إرادة الحياة ،والحل هنا من وجهة النظر النفسية يتفق تماماً مع المنظور الإسلامي للتعامل مع البلاء والشدائد بالعودة إلى الله سبحانه وتعالى والتمسك بإيمان قوي والتحلي بالصبر والثبات ،حتى يقضى الله أمره ، وهو القادر على كل شيء . أسباب الأنتحار حوالي 35% من حالات الانتحار ترجع إلى أمراض نفسية وعقلية كالأكتئاب والفصام والأدمان. و65% يرجع إلى عوامل متعددة مثل التربية وثقافة المجتمع والمشاكل الأسرية أو العاطفية والفشل الدراسي والآلام والأمراض الجسمية او تجنب العار أو الإيمان بفكرة أو مبدأ مثل القيام بالعمليات الانتحارية ملاحظات على الانتحار الذين يحاولون الانتحار ثلاثة أضعاف المنتحرين فعلا. المنتحرون ثلاثة أضعاف القتلة. محاولات الانتحار أكثر بين الإناث. الانتحار الفعلي أكثر بين الذكور. أكثر وسائل الانتحار استخداما عند الإناث الأدوية والحرق وعند الذكور الأسلحة النارية. تقل نسبة الانتحار بين المتزوجين ومن لهم أطفال. أعلى نسبة انتحار في العالم في الدول الأسكندنافية. خمس المنتحرين يتركون رسائل وعلامات تشير إلى انتحارهم. تقل نسب الانتحار في الحروب والازمات العامة. الانتحار في الإسلام الانتحار محرم في الإسلام لقول الله تعالى في القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء29 فالنفس ملك لله وليس لأحد أن يقتل نفسه ولو زعم أن ذلك في سبيل الله روي عن أبو هريرة في صحيح مسلم : من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. والآن أسأل سؤالاهل الشخص القادر على نحر نفسه وإزهاق روحه بيده وبكل هذه الشجاعة لا يستطيع أن يواجه الظرف الذي أدى به إلى هذا العمل قمة الشجاعة مع قمة الجبن في نفس الوقت أنتظر التعليق على الموضوع..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق