المنصورة .. مقبرة الطائرات الإسرائيلية في حرب أكتوبر
الطائرات الإسرائيلية تتساقط على أراضي المنصورة
القيادة المصرية نصبت فخا لصد مخطط الطائرات الإسرائيلية
معركة المنصورة الجوية أقوى وأطول المعارك الجوية بالشرق الأوسط
إسرائيل تفقد صوابها وتذيع بيانات مغلوطة عن عدد الطائرات التي أسقطت
الدفاع الجوي حقق ضربة للعدو فاقت دقتها ونتائجها كل التوقعات
الطائرات الإسرائيلية فرت من قوة الدفاع الجوي المصري وذاقت نيران غضبه
يوم 14 أكتوبر 1973 تحل الذكرى السنوية لأكبر معركة تاريخية شهدتها مدينة المنصورة بعد الحرب العالمية الثانية والتي استمرت قرابة الساعة وأصبح العيد السنوي للقوات الجوية الذي عرف ب «معركة المنصورة الجوية» شنت إسرائيل غارة كبيرة مستعينة بمائة طائرة مقاتلة من نوع إف -4 فانتوم الثانية وإيه 4 سكاى هاواك، لتدمير قاعدة المنصورة الجوية في أكبر غارة جوية شنتها القوات الجوية الإسرائيلية لتدمير قواعد الطائرات وحائط الصواريخ في الدلتا بالمنصورة وطنطا والصالحية، غير أن القوات الجوية المصرية تصدت لها ببراعة شديدة.
بداية الأحداث
بدأت الأحداث عند فجر يوم 14 أكتوبر، اليوم التاسع من حرب أكتوبر، بقيام الجيشين الثانى والثالث الميداني بإطلاق 9 ألويات مدرعة، لمحاولة توسيع الجانب الشرقي لقناة السويس حيث كانت الأولوية مدعومة بطائرات ميج 21 وكان معظم تمركزها في القواعد الجوية بغرب القناة وفي الدلتا وكانت تلك الطائرات تؤدي مهماتها تحت لواء دفاع جوي 104، والذي كان يتمركز في قاعدة المنصورة الجوية ومهمته تقديم الحماية والغطاء للقاذفات المصرية المتجهة لضرب الأهداف الإسرائيلية في سيناء، وعليها حاولت القوات الجوية الإسرائيلية للمرة الرابعة تحطيم اللواء 104 لتستعيد السيادة الجوية التي كانت تتمتع بها سابقا عندما قامت بتحطيم الطائرات المصرية في 5 يونيو عام 1967.
انطلقت المعركة الجوية في الساعة الثالثة والرابع ظهرا بتلقي مواقع المراقبة المصرية على سواحل الدلتا بدخول 20 طياره فانتوم إسرائيليه من جهة البحر المتوسط ومتجهه على بورسعيد والدلتا وعلى الفور أمرت القيادة المصرية بطلوع 16 طياره ميج 21 بهدف حماية القاعده الجويه العسكريه من غير الاشتباك مع الطيارات الإسرائيلية، حيث حير ذلك الأمر الطيارين المصريين من عدم ضرب الأهداف مباشرة والالتحام مع هذه المقاتلات التي تم اكتشافها ولكن حكمة القيادة المصرية علمت بمخطط الطائرات الإسرائيلية بعمل ثلاث خطوات لضرب الأهداف المطلوبة، بالعمل على إغراء المقاتلات المصرية المدافعة وإبعادهم عن الأهداف التي تقوم بحمايتها وبذلك تنصب لها فخ، وكذلك تقوم فيها طائرات الهجوم الأرضي بقمع الدفاعات الجوية المصرية وضرب الرادارات.
واعتبرت القيادة أن هذه الطائرات هى الموجة الأولى المخصصة لنصب الفخ للمقاتلات المصرية الدفاعية بهدف أشغالها لذلك طلب من طائرات (MIG_21) المصرية ألا تعترض تلك المقاتلات فقامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بالطيران في دائرة واسعة لبعض الوقت و بعد أن أخفقت في إغراء المقاتلات المصرية لكي تترك مدينة المنصورة والقاعدة الجوية تراجعت إلى البحر المتوسط مرة أخرى.
وفي الساعة 03:30 أبلغت قيادة الدفاع الجوي القوات الجوية بدخول 60 طائرة إسرائيلية الأجواء المصرية من ناحية بلطيم ودمياط وبورسعيد، حيث أمرت القيادة المصرية بالتصدي للطائرات المعاديه بهدف مهاجمة ثلاث تشكيلات إسرائيليه و تفريق طائراتهم عن بعض، وللمساعده خرجت 16 طائرة ميج 21 من قاعدة المنصوره يليهم 8 طائرات من طنطا.
وبحلول الساعة (3:38) مساءا أخبرت محطات الرادار المصرية القيادة بأن هناك حوالي (16) طائرة إسرائيلية أخرى و تطير على مستوى منخفض جدا و من نفس الاتجاه فتم تجهيز أخر ثمانية مقاتلات (MIG_21) موجودة في قاعدة المنصورة الجوية وإرسالها بسرعة، و تم إرسال 8 طائرات مقاتلة أخرى من طراز (MIG_21) من قاعدة أبو حماد الجوية للمساعدة.
و دارت معركة جوية عنيفة جدا فكان يوجد حوالي _ (160) طائرة فانتوم، سكاي هوك مختلطة مع حوالي (62) طائرة MIG_21 مصرية، أما في حوالي الساعة 3:52 مساءا التقطت الرادارات المصرية موجة أخرى من طائرات العدو رجح أنها حوالي 60 طائرة من طراز فانتوم وسكايهوك.
وكانت تطير على مستوى منخفض جدا و من نفس الاتجاه كما في السابق و يعتقد بأن مهمة تلك الطائرات ضرب أهداف لم يتم إصابتها في الموجة الثانية لذا فقد تم تجهيز حوالي 8 طائرات مج 21 من قاعدة أنشاص الجوية.
للاعتراض تلك الموجة ومع اقتراب الموجة الإسرائيلية الثالثة من بلدة دكرنس الموجودة في دلتا النيل دخلت في اشتباك جوي مع الطائرات المصرية، و بينما كانت الموجة الإسرائيلية الثانية تهرب شرقا فقد قامت حوالي (20) طائرة (ميج) بالهبوط للتزود بالوقود و المعركة مستمرة من فوقهم ثم طارت مرة أخرى للاعتراض.
و قد أدرك قائد الموجة الثالثة من الطائرات الإسرائيلية بأن الهجمات السابقة
فشلت و أن هناك مقاتلات مصرية في سماء المعركة أكثر مما كان يتوقعه فأمر الطائرات الإسرائيلية بالتراجع وعبرت آخر طائرة إسرائيلية الساحل
حوالي الساعة (04:08) مساء
.
نتائج المعركة
وفي الساعة 10 مساءا أذاع راديو القاهرة البيان رقم (39) و ذكر في الإذاعة المصرية و فيه أن المقاتلات المصرية من عدة مطارات اشتركت في معركة جوية كبيرة شمال الدلتا مع طائرات العدو و تم إسقاط (15) طائرة للعدو و فقدان (3) طائرات مصرية ، ومن جهتها أذاعت الإذاعة الإسرائيلية أن القوات الجوية الإسرائيلية قد أسقطت (15) طائرة مصرية ثم عدل الرقم إلى (7) طائرة بعد ذلك.
وبعد ذلك أصدرت القوات الجوية المصرية بيانا مفصلا وذكرت فيه الأتي أنه قد تم إسقاط (17) طائرة للعدو و فقدان (6) طائرات مصرية ثلاثة منها أسقطوا بواسطة طائرات إسرائيلية، واثنين تحطموا لنفاذ الوقود و عدم وصولهم لقاعدتهم الجوية لإعادة لتزود بالوقود وأما الثالثة فقد تحطمت نتيجة انفجار طائرة فانتوم إسرائيلية بالقرب منها.
وأصبحت معركة المنصورة الجوية أقوى معركة بالشرق الأوسط، وتعتبر بأنها أطول المعارك الجوية في التاريخ وذلك بقدرات الطيارين المصريين بطائرات الميج 21 والتي تفوق إسرائيل عليها بطائرات الفانتوم الحديثة حيث كان هدفها تدمير القواعد الجوية المصرية والصواريخ المضاده للطائرات لكي تهيمن على سماء مصر وتقضي على القوات البرية ولكن لم تستطيع إسرائيل تحقيق الهدف وانتهت المعركة بانتصار مصر ومهيمنه على مجالها الجوي وذلك بفضل وبراعة الطيارين المصريين والذي أصبح يوم 14 أكتوبر عيد سنوي للقوات الجوية تفتخر بما انجزته في الحرب.
وفي سياق ذي صلة، وبمناسبة ذكرى العيد ال 41 للقوات الجوية للشعب المصري، قال الفريق يونس المصري، قائد القوات الجوية، أن حرب أكتوبر كانت ملحمة بين الجيش والشعب المصري، الذي هيأ لجيشه كل الظروف ليحقق النصر، التي تحطمت فيها أكثر من 18 طائرة للعدو الإسرائيلي في حرب أكتوبر المجيدة ولفت إلى أن الحرب بدأت بضربة جوية للعدو فاقت دقتها ونتائجها كل التوقعات، حيث أصابت مطارات ومراكز قيادة العدو بالشلل، ومهدت لهذا العبور العظيم لتتوالى بعدها المعارك والانتصارات، كما أن استمرار عمل القوات الجوية في تناغم فريد مع باقي الأسلحة في تنفيذ المهام المختلفة، أفقد العدو القدرة على تجميع قواه، ولم يفق من هول الصدمة.
وطمأن الفريق يونس أبناء الشعب المصري بأنه لا توجد أية مخاطر تهدد تراب الوطن في الوقت الراهن، قائلا: "أيا كانت مستويات المعدات والأسلحة في أي دولة، والعبرة في ذلك حرب عام 1973، التي كان هناك تفوق واضح للعدو من ناحية الأسلحة والمعدات، وتم تقلينه درسا قاسيا، ونحن الآن أفضل بكثير من فترة حرب أكتوبر، والقيادة العامة والقيادة السياسية حريصان على تطوير القوات الجوية بما يؤمن بلدنا بشكل عام لكافة الاتجاهات الاستراتيجية، وهناك توجه على تزويد أبناء القوات المسلحة بأحدث المعدات والأسلحة من جانب القيادة العامة، التي تخطط دائما لتزويدنا بالأسلحة الجديدة .
شهادات المعركة
ويقول مقاتل طيار أحمد يوسف الوكيل في شهادة للمجموعة 73 مؤرخين "لقد قمنا بالترتيب مع المجموعات الجوية في قاعدة (المنصورة) التي كان يوجد بها سربين يتم استخدامهما في مهام الدفاع الجوي والاعتراض و السرب الثالث كان موجود في قاعدة (طنطا) الجوية وكان يستخدم في حماية كلتا القاعدتين وكانت لا توجد أي خسائر في يوم (14) أكتوبر وعندما كنت أطير مع ثلاثة طائرة أخرى اعترضتنا (6) طائرات فانتوم إسرائيلية لذلك انقسمنا إلى قسمين من ثلاثة طائرات و قمنا باعتراض تلك الطائرات و اضطرت تلك الطائرات الفانتوم أن تسقط جميع أحمالها من القنابل لكي تكون قادرة على الاشتباك معنا و بالفعل اشتبكت مع إحدى تلك الطائرات و قمت بإطلاق مدفع طائرتي و لم أكن أستطيع أن أستخدم الصواريخ لأن هذه الطائرة كانت قريبة جدا مني و بالفعل أسقطت تلك الطائرة و شاهدت مظلتان للطيارين اللذان كانا بها، و أنا في ذلك الوقت لم أستطع أن أحدد كم طائرة اشتركت في هذا القتال و لقد فوجئت عندما سمعت عن عدد الطائرات التي اشتركت في القتال من كلا الجانبين و قلت "يا الهي بالفعل لقد كان هناك حالات ازدحام مروري على الأرض في مصر و الآن في السماء أيضا"
بينما قال نصر موسى في شهادته "كنت أطير بمقاتلة ميج 21 للدفاع الجوي في حرب أكتوبر في قاعدة المنصورة و كنا قد علمنا يوم 5 أكتوبر أن الحرب ستكون غدا. و في 14 أكتوبر تعرضت قاعدة المنصورة لهجوم عنيف من العدو و أصدرت الأوامر بسرعة التحليق و الاشتباك ، و كنا هناك ثمانية منا و أثناء التحليق رأينا مقاتلات إسرائيلية تقترب من القاعدة لتقصفها فزدنا من سرعتنا و ألقينا خزانات الوقود الإضافية و حددت مقاتلة إسرائيلية لاقتناصها و لكني تذكرت القاعدة الذهبية إن لابد من تأمين ذيل مقاتلتي قبل أن أهجم فنظرت في المرآة فرايت مقاتلة إسرائيلية خلفي فتنحيت يمينا بسرعة شديدة و أصبحت خلفها و أسقطتها بمدفع مقاتلتي الرشاش.
وعندما حصلنا على نوع تلك المقاتلات في عام 1980 علمت كم هى ثقيلة هذه الطائرة لعمل مناورات جوية .و ظللت محلقا في الجو لمدة 30 دقيقة و عندما هبطت كان مؤشر الوقود يعطي صفرا.
وقال اللواء طيار محمد صلاح عارف أحد أبطال طياري الهيلكوبتر في حرب 73، شارك في عمليات القوات الخاصة والصاعقة خلف خطوط العدو التي قامت بها المجموعة 39 قتال بمساعدة طائرات الهليكوبتر أن الطيار محمد صلاح عارف، قام بنقل طيار إسرائيلي أسير تم إسقاطه في معركة جوية فوق مطار المنصورة، من مطار المنصورة إلى مقر المخابرات.
ويتحدث الطيار داخل المستشفى التي تم وضعه فيها أسيرا في مصر، بعد نجح نسورنا في إسقاط طائرته، ليروي بطولة الجندي المصري في معركة المنصورة التي كانت تعد أطول وأقوى معركة جوية في التاريخ.
المعركة بعيون إسرائيلية
وقال إيتان بن إلياهو طيار إسرائيلي في حرب أكتوبر 1973 أننا حاولنا القيام بعبور مضاد حيث أمدتنا الولايات المتحده بكل العتاد اللازم خلال ساعات محدوده وتمت تعبئة الطيارين، كنت أول من وصل إلى القناة لكني وجدت الأمر مختلفا جدا هذه المرة، وهربت بطائرتي وطلبت منهم في القيادة ألا يرسلوا أي طائرات أخرى لأن الطائرة التي ستذهب ..لن تعود!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق