حملة لنشر الأكاذيب ضد سكان ليبرتي والتمهيدات للنقل القسري لبقية سكان أشرف إلى ليبرتي
طيلة الأيام الـ10 الماضية حيث نقل 400 ساكن أشرف إلى ليبرتي، تلقينا أخبارا مقلقة جدا. و على نقيض من البيان الصادر في 31 كانون الثاني ووعود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، فإن ليبرتي لا يطابق المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان، بل انه مجمع مستهلك يتطلب إعادة إعماره جملة وتفصيلاً. فهذا المكان، وبتواجد كثيف للقوّات المسلحة العراقية وعدد كبير من كاميرات التصوير للمراقبة وحظر التنقل قد تحول فعلا إلى سجن. وهذا هو الذي أثار مشاعر الاشمئزاز لدى المجتمع الدولي من الكونغرس الأمريكي وإلى البرلمان الأوربي. وفي رسالة وقعها جميع سكان ليبرتي إلى الأمين العام للأمم المتحدة والوزيرة هيلاري كلينتون في 2فبراير/شباط كتبوا قائلين:
«عندما دخلنا مخيم ليبرتي، حالة المعسكر كانت تصيبنا بالصدمة.. فكان المكان مليئاً بالنفايات، لا ماء صالح للشرب، وكان هناك نقص جدّي في الكهرباء. منظومة مياه المجاري لم تكن تشتغل والمياه الثقيلة كانت منتشرة في المخيم مما كان يعرّض صحة السكّان لخطر جدي. يحتوي المخيم على كرفانات مستهلكة قذرة جدا حيث بعض منها يمكن وبعد التصليح الاستفادة منها بشكل مؤقت.. بيننا مهندسون مجرّبون حولوا بشكل جيد مخيم أشرف من صحراء قاحلة إلى مدينة حديثة.. على أية حال، هم منعونا من نقل أكثر من 90 % من سياراتنا وجزء كبير من ممتلكاتنا المنقولة التي تتضمّن سيارات خدمية وأدوات وأجهزة صيانة ضرورية.. لذا، تقلصت قدرتنا.. ليس فقط نحن طردنا من بيوتنا بل منعنا أيضا من بناء بيت مؤقت.. إنّ المخيم محاط بجدران خرسانية رفيعة وهناك مديرية شرطة واحدة وعدّة مراكز شرطة أخرى مع 150 شرطة مسلّحة، بالإضافة إلى دوريّة تعمل على مدار الساعة.. نحن وُعدنا بمراقبة من قبل الأمم المتّحدة على مدار 24 ساعة في كل أيام الأسبوع السبعة، ولكن هناك حضور الشرطة المسلّحة داخل المخيم على مدار 24 ساعة في كل أيام الأسبوع السبعة. نحن لا نستطيع ترك المعسكر.. محامونا لم يسمح لهم بدخول المخيم. الوصول إلى الخدمة الطبية خاضع للرخصة من السلطات العراقية. وملخص القول إن ليبرتي هو معسكر اعتقال وبوضع سيئ».
لكن ما هو أكثر إثارة للفضيحة هو حملة لنشر أكاذيب بهدف إلقاء اللوم على سكان ليبرتي بأنهم هم المسؤولون على الوضع الحالي بحيث يدعون:
«عطّل السكان خزانات مياه المجاري وأرسلوا الصور إلى العالم. عطّلوا مولد الكهرباء. وفرغوا خزانات الماء وبعثروا النفايات. واستعمل البعض المبرد حتى لإزالة الخدود من أناملهم للتأثير على البصمات العشرة. إنهم رفضوا دخول صهريجين لمياه المجاري، وصهريجين للماء وسيارتين لحمل النفايات إلى ليبرتي.. إنهم لا يتعاونون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إنهم يرفضون ملء الاستمارات والبعض منهم أزالوا الخدود من أصابعهم».
هذه التهم غير منطقية وغير عقلانية ومن الواضح ماذا تهدف إليه هذه الأكاذيب الجائرة والمغرضة. ولكن بعدما طرح الممثل الخاص هذه التهم على ممثل السكان خارج العراق وفي ليبرتي يومي 22 و23 شباط (فبراير) 2012. إنهم أعطوا إجابات منطقية ومقنعة شفهية ومكتوبة. والوثائق موجودة. ولكن الحملة استمرت. وكتب السكان في رسالتهم بتاريخ 27 شباط (فبراير) 2012: «للتغطية على هذه الفضيحة، نحن نواجه حملة لتشويه السمعة وحملة بهدف إلقاء اللوم على الضحايا ومنها « قلة التعاون ” أو حتى 'تخريب'. هذه الأعمال تمهيد الطريق للخطوات القادمة لتنفيذ مؤامرة.. انه استمرار لتشويه السمعة على غرار حملة بدأها خميني قبل 33 سنة عندما قال ”إن المنظمة هي التي تعذب أفرادها لتشويه صورة النظام الإسلامي”.. كما إن الحكومة العراقية، عندما قتلت 36 من أخواتنا وإخوتنا في 8أبريل/نيسان, 2011 ألقت مسؤولية الجريمة علينا».
لكن وبكل استغراب استمرّت حملة الأكاذيب والتشويش بشكل واسع في واشنطن ونيويورك وجنيف وبروكسل وبغداد التي أصابتني بصدمة أكبر حيث كانت مكالمات هاتفية من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاصّ إلى أعضاء البرلمان الأوربي وتكرار هذه التهم من قبله.
النظام الإيراني له يد طولى في إلقاء اللوم على الضحية بدلا من القاتل. ومن أمثلة ذلك قتل القساوسة المسيحيين وتفجير ضريح الإمام رضا في 1994 وحالات قتل في مكة المكرمة في 1988 حيث اعترف المسؤولون الإيرانيون لاحقاً بأنّهم ألقوا المسؤولية على المعارضة لتشويه سمعتهم.
وتزامناً مع إطلاق هذه الأكاذيب، هناك جهود جديدة من قبل الحكومة العراقية لنقل المجموعات الأخرى من السكان إلى ليبرتي. إنهم أكدوا أنّ المجموعات القادمة يجب أن تنتقل إلى ليبرتي قريبا. وفي 28 فبراير/شباط، قبل ساعات قليلة قبل مكالمة السّيد كوبلر الهاتفية إلى أعضاء البرلمان الأوربي، ذهب أحد الجنرالات العراقيين عند سكان أشرف وهدّدهم بالنقل الإجباري. وبالنسبة لي صعب أن لا أرى ارتباطاً بين هذين الحدثين.
فمن جانب يتعين علينا أن نتستر على عيوب ليبرتي وتوزيع صورة تم تحسينها بالروتوش ثم الادعاء بأن ليبرتي كان يحتضن 5000 جندي أمريكان حتى قبل أسابيع قليلة ومن جانب آخر إلقاء مسؤولية هذه العيوب على عاتق السكان وبعد ذلك إصدار تفويض سياسي وأخلاقي لنقل مجموعة جديدة إلى سجن ليبرتي.
في 17 فبراير/شباط، رئيس هيئة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوربي وبعد نقل المجموعة الأولى، أعلن في بيان له، الضمانات الضرورية للنقل إلى ليبرتي. هذه الضمانات تكرّرت من قبل سكان ليبرتي وأشرف في بيان صادر عن أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في 24 فبراير/شباط وفي لوائح منفصلة من قبل سكان ليبرتي وأشرف في 27 فبراير/شباط إلى الأمين العام للأمم المتحدة والوزيرة كلينتون.
وتؤكد التحقيقات أن هذه الأكاذيب ضدّ سكان ليبرتي ليس فقط أكاذيب محضة، وإنما على الرغم من قلة الإمكانيات المحدودة جداً فان السكان وطيلة الأيام العشرة الماضية لم يدخروا أي جهد لتحسين الحالة في المخيم. الادعاءات بمنع دخول صهاريج المياه وسيارات نقل النفايات ومياه المجاري ادعاءات مثيرة للضحك لأنّ بوابة المخيم تخضع لسيطرة القوات العراقية والسكان ليس عندهم القدرة على منعهم. الحقيقة هي أنه وفي 23 فبراير/شباط وتزامناً مع حضور السيد كوبلر وممثل الحكومة العراقية تم إرسال صهريجين بالمياه الزراعية وصهريجين للمياه الثقيلة كانتا مليئتين ولم تكن صالحة للاستفادة بالإضافة إلى سيارتين للنفايات إلى ليبرتي بينما صهاريج المياه وصهاريج الماء الثقيلة لم تكن قابلة للاستخدام وأما سيارة حمل النفايات قد نقلت البعض من النفايات المتبقية قبل دخول السكان.
كما إنّ السكان يتعاونون بشكل نشط مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لتسريع العملية. بحيث تمكنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة من التحقيق مع 300 ساكن طيلة الأيام الـ8 من بدء عملها كما أجرت المقابلات منذ 29 فبراير/شباط. السكان ليس لهم مشكلة مع عملية التبصيم وتوقيع الاستمارات. فبعض القضايا التقنية في حاسبات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة سبّبت تأخيرات بسيطة وموظفي المفوضية قدموا اعتذارهم إلى السكان مرارا وتكرارا عن ذلك. مسؤولو المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة العاملين في إجراء التحقيق و المقابلة أنكروا بقوة إلى مستشار السكان القانوني بوجود أي حالة تلاعب أو إزالة الخدود على الأنامل للتأثير على البصمات العشرية من قبل السكان مشددين على أنه لم تكن هناك أي مشكلة أخرى سوى مشاكل في حاسوب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
والإدّعاء بأنه كان هناك 5000 جندي أمريكان إلى ما قبل أسابيع قليلة في ليبرتي ادعاء لا أساس له وسخيف. لأن المكان الذي استقر الجنود الأمريكان الـ5000 فيه هو المخيم الرئيسي لليبرتي حيث هو أكبر من الموقع الحالي 20 مرة على الأقل مع بنايات كبيرة وعديدة، وبحيرة اصطناعية، وقاعات رياضة. علاوة على ذلك، فرقم 5000 يعود إلى قبل 5 سنوات عندما كانت الولايات المتحدة تحتفظ بأكثر عدد من قواتها في العراق. إلى جانب أن الكل يعرف أنّ الجيش الأمريكي يملك نظاماً تموينيًا متنقلا متطوراً ولا يعتمد على المرافق الثابتة. ناهيك عن أن ليبرتي كان فقط موقع منام للجنود الأمريكان وليس موقعا للعيش ليل ونهار و أيّ جندي أمريكي كان يبقى هناك في حده الأقصى ستّة أشهر فقط. إضافة إلى ذلك، يقول الجنرالات الأمريكان بأنّ العديد من الجنود، الذين بقوا في ليبرتي لستة شهور، يعانون من الاضطرابات النفسية الآن. أيضا كما أن جزءا كبيرا من الوسائل في المخيم الصغير تم نهبه بعد سيطرة القوات العراقية في 3 ديسمبر/كانون الأول 2011 وحتى وصول القافلة الأولى لساكني أشرف في 18 فبراير/شباط 2012.
اللجنة الدولية للبحث عن العدالة (آي إس جي) في الوقت الذي تبدي فيه أسفها البالغ بشأن حملة التضليل ضدّ سكان ليبرتي، وبينما يؤيد التأمينات الدنيا التي يطلبها السكان تؤكد أنه يجب أن لا ينتقل أي ساكن آخر إلى ليبرتي ما لم يتم إعطاء الضمانات في حدودها الدنيا، خصوصا سحب القوّات المسلّحة العراقية وكاميرات تصوير المراقبة من المخيم. وتطالب اللجنة أمين عام الأمم المتحدة تعيين لجنة تحقيق مستقلة موثوق بها من قبل السكان للتحرّي حول أعمال التضليل وأن لا يسمح لهذه الحملة لتشويه السمعة وتحيّز المسؤولين في الأمم المتحدة بأن تمهد الأرضية لنقل قسري وارتكاب مذبحة أخرى ضدّ سكان مخيم أشرف. إضافة إلى ذلك، نطالب الأمين العام والممثل الخاصّ، بتوفير الإمكانية لزيارة وفد من البرلمان الأوربي لأشرف وليبرتي، في أول فرصة حتى يتمكنوا من الاطلاع على واقع الحال مباشرة.
آلخو فيدال كوادراس
رئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة (آي إس جي) التي تحظى بالدعم من أكثر من 4,000 عضو في برلمانات كافة أنحاء العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق