تحدث المصور الصحافي التابع لصحيفة «صنداي تايمز» البريطانية بول كونروي من على سريره بأحد المستشفيات البريطانية حديثا مذهلا عن الأوضاع في حمص، وذلك بعد أن أنقذته كتيبة «الفاروق» التابعة للثوار السوريين. ونسف كونروي كل ما يقال عن أن حربا أهلية تدور بسوريا حين قال إن ما يحدث هناك «مجزرة.. وليس حربا».
حديث المصور البريطاني محزن، ومرعب، خصوصا وهو خبير بتصوير الحروب والأزمات، فقد روى في مقابلته مع محطة «سكاي» التلفزيونية البريطانية تفاصيل مذهلة، إلى حد أنه كان يقول للمذيعة إنه لا بد أن يتحرك العالم لفعل شيء، مضيفا «انسوا الحديث عن الجغرافيا السياسية، انسوا المؤتمرات، ليس وقتها الآن، علينا فعل شيء لإنقاذ الناس هناك». كلام واضح، من رجل طريح الفراش، منهك جسده بالإصابات، وبالتأكيد أنه يفضح جرائم النظام الأسدي، الذي استشعر بدوره الخطر، بل قل الضربة، التي سيسددها الصحافيون الناجون من حمص لنظام الطاغية، حيث سيقومون بفضحه، وتحريك الضمير العالمي، وتحديدا الأوروبي، ضده، ولذا بادر نظام الطاغية بإصدار بيان في وقت متأخر من مساء الجمعة، يعبر فيه عن الحزن العميق لمقتل الصحافية الأميركية، وهو النظام الذي لم يشعر بلحظة شفقة وهو يقتل قرابة عشرة آلاف سوري! فقد أدرك نظام الطاغية، وكما قلت قبل أيام، أنه قد وقع في الفخ.
وكان واضحا أن نظام الطاغية قد شعر بالقلق والارتباك، والدليل أن سفير الطاغية لدى الأمم المتحدة كان يطالب أول اليوم بمحاسبة الصحافيين الغربيين بحجة أنهم دخلوا سوريا بلا إذن، مثله مثل محطة حزب الله التي طالبت بالأمر نفسه، بينما عاد نظام الطاغية ليصدر بيانا لاحقا يعبر فيه عن حزنه لمقتل الصحافية الأميركية!
ولذا فإن روايات الصحافيين الناجين ليس من شأنها إرباك نظام طاغية دمشق، أو إفاقة الضمير العالمي وحسب، بل من شأنها أيضا دحض الرواية الأميركية السخيفة عن وجود «القاعدة» بسوريا، فإنقاذ المصور البريطاني والصحافية الفرنسية على أيدي كتيبة «الفاروق»، التي تكبدت وفاة ثلاثة عشر من عناصرها على يد قوات الأسد التي كانت تريد قتل الصحافيين أثناء تهريبهم من حمص إلى لبنان، كشف زيف ذلك، فـ«القاعدة» التي قطعت رأس الصحافي الأميركي دانيال بيرل بأفغانستان لا يمكن أن تسمح بتهريب فرنسية وبريطاني إلى لبنان!
ولذا فإن شهادات المصور الصحافي، وبالتأكيد ما سيصدر عن الصحافية الفرنسية، سيكونان بمثابة الصفعة لنظام الأسد، وكشف لجرائمه بسوريا أمام المجتمع الدولي، وكيف لا والسيد كونروي قال لمحطة «سكاي»: «الآن وقد خرجت الكاميرات من حمص.. الله وحده يعلم ما الذي سيحدث هناك»، مضيفا أنه «في يوم من الأيام سنسأل أنفسنا ونحن نشعر بالخزي: كيف سمحنا لتلك المجزرة أن تحدث أمام أعيننا؟».
وهذا السؤال يجب أن نسأله لأنفسنا اليوم، وليس غدا، فما يحدث بسوريا مجزرة، وليس حربا، وعار على العالم أن يسمح بحدوثها!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق