السبت، 8 أكتوبر 2011

ثورة 25 يناير وإستشرقات المستقبل هبة شعب





أعدة وقدمة /أيمن الحسيني  


إهداء
إلى شريك العمر، ورفيق الدرب، توأم الروح، من علمني أنه لامعنى ولا طعم للحياة دون عطاء..ولا عطاء إلا بمشقة البذل..وكلما زاد العطاء زاد الجهد.. وكلما خلصت النوايا عظم الأجر بإذن الله
إلى أمي وزوجتي.. من ذقت معهم حلاوة العطاء..ووجدت فيهم نتيجة العطاء
إلى مصر.. التي أضنانا البحث عنها.. واشتقنا فيها للعطاء





[1]خبىء قصائدك القديمة كلها
واكتب لمصر اليوم شعراً مثلها
لا صمت بعد اليوم يفرض خوفه
فاكتب سلاما نيل مصر وأهلها
عيناك اجمل طفلتين تقرران 
بأن هذا الخوف ماض وانتهي
كانت تداعبنا الشوارع
بالبرودة والسقيع ولم نفسر وقتها
كنا ندفء بعضنا في بعضنا 
ونراك تبتسمين ننسى بردها
وإذا غضبت كشفت عن وجهها
وحياؤها يأبى يدنس وجهها
لا تتركيهم يخبروك بأنني متمرد
خان الامانة أو سها
لاتتركيهم يخبروك بأنني
أصبحت شئ تافها وموجها
فأنا ابن بطنكِ
وابن بطنكِ من أراد ومن 
أقال ومن أقر ومن نهى
صمتت فلول الخائفين بجبنهم
وجموع من عشقوك قالت قولها



  

     زمان كان مرسوم ليناخط سير .. لازم نمشي فيه من غير تفكير .. وانا ماشي فيه قابلت ناس كتير ، لقيتهم واقفين في ميدان التحرير ، سألتهم انتو ليه مكملتوش خط السير..قالولي احنا وقفنا لتحديد المصير ..عايزين شعبنا يحاسب الكبير وبلدنا يكون فيها الوزير زي الغفير ، ومايبقاش فيها حد فقير .. ساعتها خرجت من خط المسير ..وقلت لازم يبقى بيتي ميدان التحرير ..


   ما أعجبها الحياة ؟! ثمة قوانين تحكمها ، وأحكام تخضعها – رغماً عنها – لقوانينها ، فاذا ما ساد العدل والأمن  .. ساد الملك ، وأينما طغى الظلم والفساد ثارت الأرض و أثارت  معها الشعب..
وتاريخ الثورات في مصر قديم قدم حضارتها .. فليست ثورة1919أو 23يوليو أو 25 يناير هي أهم الثورات ..بل إن فجر هبة الشعب على الظلم والفساد ، وتمرده على الظلم الذي يخيم على البلاد ذو عهد قديم تزامن مع وجود الفراعنة بناة المجد ، ومؤسسي الحضارة ..

   من *أمثلة ثورات الفراعنة ثورة اخناتون (امنحوتب الرابع ) الذي ثار على التدهور الذي وصل إليه دين شعبه ، وكذلك ثورة بيبي الثاني من حوالي 45 قرناً في نهاية الاسرة السادسة ، وغيرها من الثورات التي تدل على أن المصريين رغم مايتسمون به من الطيبة إلا أن روحهم أبيه ونفسهم عفية لاترضى بالهوان ، ولا تخضع لذل حتى وإن طال الأمد ، لابد من هبة تعيد الأمور لنصابها وتضع النقاط على الأحرف من جديد ..

   وفي عصرنا الحالي ..إرهاصاتٌ عدة نبأت بأن الشعب وصل في صبره الى منتهاه ،وأسبابٌ كثيرة قادته الى طريق لايقبل فيه حلاً أوسط ، بل إما الحياة بإقرار العدالة الاجتماعية ورفع قيمة الوطن والمواطن وإما سيظل الشعب تحت نير الظلم رازحاً.. وفي الفقر غارقاً..
   
   ائتلافاتٌ عديدة ظهرت على السطح ، وفصائل سياسة متلونة ومتنوعة أخذت مكانها على الخريطة المصرية .. واعتصامات هنا.. ومظاهرات هناك.. كانت تدوي عالياً بصرخاتها في الفترة الاخيرة قبل اندلاع الثورة ، وكانت بمثابة الشرارة التي أوقدت نيران الغضب الضامر في النفوس ..

   من (كفاية) إلى ( كلنا خالد سعيد ) مروراً ( بشايفينكو ) وغيرها الكثير من المتنفسات السياسية التي كانت أبواقاً يعبر الشباب والمواطنين من خلالها عن آرائهم التي كانت في الغالب مناهضة للسياسة الحاكمة ، كانت كلها تعطي مؤشرات أن هناك ما سيحدث في البلاد ... تعطي دلائل أن الشعب قد فاض به الكيل ويحتاج لمن يسمعه وينجده من بؤر الضياع التي يغرق فيها ، لأن ليست هذه مصر ، وليس هذا هو المصري الذي هو جند من خير أجناد الأرض كما ذكره ووصفه المصطفى صلى الله عليه وسلم ...
مظاهرات واضطرابات واللي حضر العفريت يصرفه:

   عبارة كثيراً ما ترددت على ألسنة إعلامي التوك شو تعجباً من كثرة المظاهرات والاضطرابات الاحتجاجية التي عمت أرجاء البلاد ،وزادت حدتها خاصة من عام2004إلى عام2010 والتي كانت تهدف إلى  لفت نظر المسؤولين لما للعمال والموظفين من حقوقٍ منتهكة، ومطالب لا من مجيبٍ لها.

   لكن وللأسف لم يلق ذلك صدىً ولا استجابة، بل ظل الفساد النقابي ينخر في منظومة العمل، وكان اقتياد عدد منهم مثل بعض عمال المحلة بموجب قانون الطوارئ في ابريل2010 ، هو الرد على تظاهراتهم، وكان مصير هؤلاء أفضل حالاً من مصائر الذين قدموا للمحاكمات العسكرية مثل عمال الانتاج الحربي في العام ذاته.

 ثباتٌ واعتصام:

   لم تستطع أسوار المصانع أو حددود الشركات أن تحد أو تقمع أصوات عمالها ، بل ارتفعت النبرة عالياً ودوت في الأجواء وكان لافتاً اعتصام كبرى المصانع والشركات مثل اعتصامات عمال المحلة، وطنطا للكتان، ناهيك عن الاعتصامات الفردية التي وصلت أعتاب مجلسي الشعب والشورى لأفرادٍ بل ولعائلات، ورغم مانتج عن هذا من اضطرابات في الحياة اليومية إلا أنه لم يسمع دوي نتيجةٍ لها كما كان دوي الاعتصام الذي هز الأبدان واقشعرت له الأجساد.

وقفات احتجاجية:

   [2]يعاني أفراد الشعب المصري الأمرين بسبب تدني مستوى الأجور لذا قام العديد منهم في جهاتٍ مختلفة بعمل وقفاتٍ احتجاجية،* "وقد بلغت في 2010 نحو 530احتجاجاًو209اعتصاماً و135اضراباً و80 تظاهرة  و83 وقفة احتجاجية لعمال مصر فقط"، مطالبين بالحياة الكريمة للمواطن المصري ورغم نجاح الطبقة العاملة في الحصول على حكم قضائي  في مارس 2010ملزم للحكومة بوضع حد أدنى للأجور يتناسب مع ارتفاع مستوى الأسعار المضطرد بواقع 1200 جنيه شهرياً إلا  أنه لم ينفذ!! وحتى بعد الحصول على حكم ثانٍ يلزم الحكومة بتنفيذ الأول ما كان رد وزراء الحكومة إلا بالإقرار على الورق أن يكون الحد الأدنى للأجور 400جنيه! وكأن الحكومة في واد ومصر وشعبها في وادٍ آخر، وكان نتيجة حكم المحكمة عند الوزراء الموقرين سلسلة من الفصل والتشريد ومن ثم لم يجد البعض منهم طريقاً آخر غير الانتحار.

عهد الانتحار:
    لم يكن( عبده عبد المنعم) الذي أشعل النار في جسده أمام مجلس الشعب هو أول محاولي الانتحار، بل إن الانتحار زاد رغم حرمته في ديننا بعدما تمكن اليأس من روح صاحبه، واسودت الدنيا فلم يكن إلا طريق الانتحار أمامه مفتوحاً، ووجد فيه شاغراً، ووفقاً لبيانات المجلس المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإن عام 2010شهد 52 حالة انتحار من فئة العمال فقط، ومصرع 118 عاملاً وإصابة 6544عاملاً آخر نتيجة ظروف العمل السيئة وغياب الحد الأدنى من وسائل الأمن والسلامة.   
    
     

                                              أعدة وقدمة /أيمن الحسيني  

الثورة التونسية:
   نعم يعتقد الكثيرون أن الثورة التونسية هي الشرارة التي أوقدت لهب الثورة المصرية ومنحت المصريين مزيداً من الأمل والثقة والإصرار على أن محاولة التغيير لها من نسب النجاح ما يؤهلها للمضي قدماً.

طباخ الريس:
   ماذكر كان ما يحدث على مسرح الحياة اليومية ، والفن أيضا لم يخلو من مقدمات نبأت بهبة الشعب بعد ما طغى الفساد ..
(طباخ الريس ) ذلك الفيلم الذي تمنى الكثير لو أصبح واقعاً ، وتفقد الحاكم رعيته ، كما أنه تطرق للحاشية وسوءها ودورها العازل في حجب الحقيقة عن المسؤول .. ، ومن طباخ الريس نعود إلى (عايز حقي ) والذي كاد صوت البطل فيه يبح وهو ممسكاً بدستور الوطن وصارخاً بأن له حق فيه يؤيده الدستور لكن ياترى من اغتصبه ، فجعل الدستور وكأن ولد سفاحا ، فلم يعترف به ولم يعبأ لأمره .. وربما نطق لسان البطل في (عسل اسود) بعد ما ضاقت عليه الأرض بما رحبت ليصرخ قائلاً ( انا مواطن مصري وعندي حقوق ) ..
   ( هي فوضى ) لخالد يوسف الذي كانت تتر الفيلم كافياً لنبكي على آهات أبناء الوطن ، وتشرد أولاد المحروسة .. ( هي فوضى ) لتدمر عشوائيات فوق رؤوس ساكنيها .. (ليه يا مصري ) سكت صوتك .. وانتهكت كرامتك ولم تعد في كثير من الأحيان قادراً حتى على تغيير المنكر ( بقلبك ) وان كان ذلك أضعف الايمان وأصبح حالك :
[3]ومهولاتي تحب تزيط
ساعة الفرح زغاريط تنطيط
وفي المياتم هات ياصويت
وفي الانتخاب تنسى التصوريت

   وأفلام أخرى كثيرة مثل (الديكتاتور) و(ظاظا رئيس جمهورية)كلها كشفت الحجاب عن الشعب وأظهرت نضجه ووعيه لما يحدث ويدور في أرجاء الوطن، ومن السينما ننتقل الى التلفزيون وبالطبع لا يفوتنا ( ونيس واحفاده ) التي أبدع فيها الفنان محمد صبحي والتي بالفعل نقضت وصورت الواقع بصورة راقية دون ابتذال، ومع (انتهى الدرس يا غبي ) و ( سكة السلامة ) وان كان فيها ما يتحدث على وضع العرب ككل الا أن الاسقاط على سيطرة ( ماما امريكا ) على كافة الأنظمة المحلية كما لها من السيطرة على الاستراتيجيات الدولية ..

   كانت مصر في العهود القديمة تعرف بخيرها الوفير ، وثرواتها العظيمة ، ومن أهم الأدلة ماجاء به الحق جلا وعلا في كتابه الحكيم في سورة يوسف عندما عم الجفاف وكانت الوفود تأتي من كل حدب وصوب ولا تعود إلا محملةً بالخيرات ، حتى كسوة الكعبة كانت من مصر .. ثم بدأ الفساد الذي ربما نبع من الأنانية التي تعمي العيون ، وتزيد كلما بعد المرء عن الطريق المستقيم .. وكلما غاب الوازع الديني الذي يفرض علينا حساً رقابياً بداخلنا بمراقبة الرقيب – جل وعلا - ، ويظهر في صورة الضمير، ذاك الرقيب الذاتي الذي ينادينا من أعماق الأعماق ، يصرخ فيناً حينا ويؤلمنا أحياناً .. حتى وكأنه من التوبيخ من ناحيته ، والعناد من الجانب الاخر قد فقد الأمل في التغيير فيموت ، وتظل النفس الجشعة المتمردة تطمع وتطمع وتطمع ... فلا تشبع، وصدق جويدة عندما تساءل:
[4]ياسيدي الفرعون قل لي
كيف أدمنت الفساد
وبأي حقٍ
قد ورثت الحكم في هذي البلاد
وبأي دينٍ
قد ملكت الأرض فيها والعباد
   وفي الوقت ذاته تستمر مصر المحروسة في استغاثتها ، ولامن مجيب ينقذها ، فتستصرخنا حتى لبي شبابها النداء متغنين بأمجادها ، مستبشرين بمستقبلها ، مضحين بكل غالٍ ونفيس ولسان حالهم يقول : يابلادي ...يابلادي ...أنا بحبك يا بلادي ...
[5]قد عشت أصرخ فيكم وأنادي
ابني قصوراً من تلال رماد
أهفو لأرضٍ لا تساوم حريتي
لا تستبيح كرامتي وعنادي


لماذا انتفض الشعب وثار ؟!

   المأكل والمشرب والمسكن والملبس والعلاج والتعليم .. هم أبجديات الحياة، وأولويات المعيشة التي حرم منها أفرادٌ عدة، وملايين من أبناء مصر المحروسة .. نعم حرموا من كوب ماء نظيف ، وطعام من خضر وفواكه تصلح للاستخدام الآدمي ، حرموا من مسكن يشعرهم بآدميتهم ، وملبس غير مصبوغ بألوان مسرطنة ، وعلاج يشفي أمراضهم .. ولا يقودهم لأمراض أخرى وعلل مستعصية العلاج ..

لحوم فاسدة تغسل بمطهرات لاخفاء رائحتها :

   عرض برنامج العاشرة مساء تقريراً عن وجود شحنة لحوم مستوردة ذات رائحة كريهة يغسلها مخزنوها في المخازن الواقعة باحدى شعبيات القاهرة بمطهرات اخفاءً لرائحتها النتنة والمتعفنة ؟!!!
نعم مات الضمير .. فهناك من المستوردين من يجد في جلب منتجات غذائية اوشكت صلاحيتها على النفاذ من الدول الأخرى بأزهد الأثمان وسيلة للتربح حتى وإن كان على صحة المواطنين البسطاء ..
   تدخل هذه المنتجات بتصريح من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات ولا يستطيع أحد من أفراد الهيئة منعها لأن صلاحيتها لم تنفذ بعد ، ويستغل المستورد الجشع [6] ادخالها في الأغذية المصنعة كلحوم الهامبورجر وغيرها حتى لا يفضح أمره في السوق " ( وهذا بالقانون) على لسان د.مصطفى كحيلة كبير أطباء الحجر البيطرى بالرقابة العامة على الصادرات والواردات .
   تلك كانت نقرة .. أما الخضراوات والفواكة المروية بمياه المجاري فهي نقرةٌ أخرى .. فان أفلت المرء من الإصابة بأحد أنواع السرطانات بسبب المبيدات التي ترش أو تحقن بها ..إما لزيادة المحصول أو سرعة الانتاج ، فلا مفر من الإصابة بالكبد أو الكلى .. فالمصري مفقود مفقود ..
وحتى عندما يصاب بأحد الأمراض فياليت له كرامة ليعالج ، أو مكاناً محترماً في احدى المستشفيات ليزول الألم ، ولا يزيده فوق ألمه آلاماً أخرى ..
[7]ياسيدي الفرعون
هل شاهدت أشلاء الرعايا
سخط الوجوه..تعاسة الأطفال
ذل الفقر..حزن الأمهات على الصبايا
     الانترفيرون .. وفيروس C   :
          للأسف فرغم أن لدينا من الأطباء كفاءات في مختلف التخصصات الا أن مصر تعد من أكثر الدول التي ينتشر فيها فيروس C  حيث "يعتبر واحداً من كل 10 مصريين حاملاً لفيروس C " وفق تصريح د.أشرف حاتم – وزير الصحة السابق – وتظل وسيلة العلاج التي يتكبد المصابين ثمنها الباهظ إن كان يعالج المريض على نفقته الخاصة، هذا غير آلام البذل من الكبد التي يتجرع مرارتها المعالجين في التأمين الصحي، تحت جدل الأطباء بين مؤيد للانتيرفيرون المصري- الذي لا يعالج به سوى المصريين -ومعارض له.
الفشل الكلوي وسوء العلاج :
   ومن نجا من الكبد حتى الآن لم يفلت من الموت بعد ، فالفشل الكلوي الذي يقف وراءه تلوث مياه الشرب منتشر انتشار النار في الهشيم .. ، وعن وحدات الغسيل الكلوي فحدث عنها ولا حرج ، وإن سلمنا الله من هذا وذاك وتلك .. فليس لك بد من الفيروسات والبكتيريا التي تنتشر في كل مكان والتي تصيب بأمراض أخرى قد لا تكون فتاكة لكن قد لا تجد دواء لها ، لانه هو الآخر لم يفلت من الغش سواء كان سوءاً في التصنيع يهلك متناوله أو سوء تخزين يودي بحياة متعاطيه ..
تدني الأجــور :  
   بضعة جنيهات هي الراتب الشهري الذي يحصل عليه الموظفون في حكومة مصر المحروسة .. مستوى دخل متدن لا يكفي لدفع فواتير الحياة اليومية ، يجد رب الأسرة نفسه في موقف لايحسد عليه فلا هو قادر على الوفاء بالتزاماته كرجل مسؤول – وإن كان هو وزوجته قد يحرما من ألف باء متعة العيش ، ولكن أيضا لا تكفي الجنيهات مصاريف الأولاد ، أو حتى سداد قيمة الدروس الخصوصية ..
فساد التعليم والتربية :   
   (( عارفة يا أبلة نزلنا في محطة غلط لان ابني كان نايم ومعرفناش نقرا اليافطة فرجعنا بالقطر تاني لحد ما وصلنا بلدنا )) بهذه الكلمات ردت العاملة التي تساعد في أعمال المنزل لجارة عندما سألتها عن رحلتها للصعيد لزيارة أهلها .. ربما أصبت بغصة اشفاقاً لحالها .. وربما لحالنا وما آلت اليه البلاد .. ففي الوقت الذي تقيس بعض دول العالم الأمية وتقرنها بأمية الحاسب الآلي مثل اليابان ..لاتزال المحروسة تعاني من أمية ( أبجد هوز ) .. ناهيك عن مستوى طلابنا والكثير من خريجينا .. وانفصال مايتلقونه في مراحل التعليم المختلفة عن سوق العمل .
   وللأسف يتعلل الكثيرون حكومات ومسؤولين بالزيادة السكانية وضعف الموارد ..رغم أن الخير في البلاد كثير .. والسكان هم ثروة إن حسن استخدامها كما فعلت الصين التي غزت منتجاتها جميع مناحي حياتنا بلا منازع ..
البطــــالـــة :
      تخرج الكليات سنويا مئات الآلاف الذين لايجد السواد الأعظم منهم شاغراً يجلسوا عليه حتى في المقاهي وليس فقط في مؤسسات العمل ومصانع الإنتاج .. وضغوط العمل تزداد وتضغط على أبنائهم ..فتسمع عن الانتحار تارةً والسرقات تارة، وأعمال العنف من قتل واغتصاب تارة أخرى ..فلا هو يجد عملاً يكسب منه ما يسد به جوعه ، ولا هو قادر على الزواج واشباع رغباته ..
   وبعد أن يدفع الأهل الغالي والنفيس من أجل تعليم أبنائهم ،يصطدمون بحائط صد البطالة .. بالطبع الحكومات تتحمل جزءاً كبيراً من عدم توفير فرص عمل ، لكن الجزء الأكبر يتحمله كل فرد يسعى للعمل ضمن منظومة مكتبية ..رافضاً الأعمال البسيطة التي قد يدفع كل ما يملك من أجل الحصول على تأشيرة بلاد العم سام مثلاً .. فيغسل فيها الأطباق ويمسح فيها الطرقات .. أما في المحروسة فلا ..لماذا؟.. من أجل نظرة المجتمع ..
   وكما ذكرنا فان سوق العمل منفصل بشكل أو بآخر عما نتلقاه من تعليم في مدارسنا وجامعاتنا لذا فالحكومات قادرة على حل جزء كبير من هذه المشكلة وتخفيض نسبة البطالة وذلك مثلاً بالتنسيق مع الشركات والمؤسسات وإقامة دورات تدريب مهني لكل من له رغبةٌ في العمل أو غاية، تدريباً محفوفاً بالامتيازات بتوفير كل سبل الجذب المتاحة .. وعلى الشركات والمصانع دراسة ما تحتاجه ويحتاجه سوق العمل ، وفتح مصراعيها لقبول هؤلاء الشباب بالتدريب العملي على التصنيع، والنظري للإدارة واكتساب الخبرات .. ويأتي دور الحكومات من جديد بالتعاون مع أصحاب رؤوس الأموال لإقامة مشروعات صغيرة تخضع للإشراف الحكومي المسخر لكافة قطاعاته لكل ماهو مطلوب والمذلل لكل العقبات .. والذي يجب أن يستفيد من التجارب الناجحة كتجربة بنك الفقراء لمؤسسه محمد يونس .. وتعتمد فكرته على تقديم قروض صغيرة لتمويل مشروعات منزلية تقوم عليها النساء ، وتم إنشاء البنك في بنغلاديش وهو بنك ( جرامين ) وحصد مؤسسه على جائزة نوبل ، والجديد في فلسفة البنك تقوم على أن الائتمان يجب أن يقبل كحق من حقوق الانسان ، وأن الشخص الذي لا يملك شيئا له الأولوية في الحصول على قرض ، ومنهج البنك يقوم على السبب الذي يدفع المرء للاقتراض ويعطي الأولوية للنساء ، وكل ذلك بهدف تحسين أوضاعهن ..
   أما وسائل الضمان فتعتمد على أن ضمان الجماعة إضافة الى رقابة ومتابعة موظفي البنك ، وأن تلك القروض هي قروض دون ضمانات مالية وعلى المقترض استثمار القرض .. ،ولكن ينقص التجربة الامتثال لأوامر المولى جل وعلا بأن تكون قروضاً بلا فوائد، ومن وجهة نظر الاقتصاديين فإن الفوائد المضافة على القروض تحتسب ضمن تكلفة الإنتاج وبالتالي عدم إضافتها يقلل التكلفة بنسبة كبيرة على اعتبار منع الفوائد المركبة طوال فترة السداد، وبالتالي فإن انخفاض تكلفة الانتاج يؤدي لانخفاض سعر السلعة الناتجة من المشروع المقترض من أجله، فيتم تلبية حاجة السوق بجودة عالية وسعر منخفض مما ينتج عنه إقبال متزايد من المشترين وبالتالي يزيد الربح الصافي للقائم على المشروع ومن ثم تتحسن فرصة سداد القروض بطريقة( حلال) حددها الشرع سلفاً وحثنا عليها.
   واحقاقاً للحق فان مبادرة البنك المركزي بالتنسيق مع عدد آخر من البنوك في الفترة الاخيرة والذي كان يهدف لمد يد المساعدة والعون لدعم الشركات المتوسطة والصغيرة بإقراضها لدفع عجلة الإنتاج من جديد بعد فترة الركود والتأثر التي سادت البلاد وعمت الأجواء ، لكن ينقصها أن تكون نابعة من الشريعة الاسلامية وذلك بأن تكون قروضاً حسنةً بلا فوائد .. نعم ومالعجب في ذلك لدينا أصحاب رؤوس أموال كبيرة تغدق العطاء على لاعبي كرة القدم مثلاً .. اذا تم الاتفاق معهم على إقامة مشاريع لنهضة البلاد بعد توعيتهم بأهمية نهضة مصر والمشاركة في اعمار البلاد وتنميته في مختلف الجوانب ..سنتمكن من الاقراض دون فوائد التي هي أصل الربا الذي لا يخفى على أحد أنه الشبح الواقف وراء الأزمة الاقتصادية العالمية التي نتجت عن تعثر المدينين عن سداء ديونهم وذلك تصديقاً لوعد المولى – سبحانه وتعالى – في كتابه الحكيم " الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربو وأحل الله البيع وحرم الربوا .. " ( 275 البقرة ) ..
أطفــال الشـــوارع :  
[8]حتى الصغار تشردوا بين الأزقــة
من لم يمت بالجوع منهم
مات في بؤس الفطام
   من البديهي أن ماورد في الأعلى يقود لظاهرة أطفال الشوارع ، التي قد يدفع الأب بأبنائه للشارع متخلصاً من أعباء التربية أو متاعب التعليم ..
   بحسب احصائيات الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي ووفقا لتقديرات عام 2007م تشير إلى مايقرب من 3 مليون طفل من مختلف الأعمار .. ولا يخفي على أحد أن وجود ظاهرة أطفال الشوارع ترتبط ارتباطاً وثيقا بجرائم السرقة والاغتصاب والتسول ..
وحالة الفقر التي يرزح تحت نيرها الملايين من أبناء المحروسة الذين قد لايجدون أكواباً من الماء النظيف الصالح للاستخدام الادمي ، ناهيك عن طعامه وباقي احتياجاته كفرد يحيا ضمن منظومة مجتمعية لها حقوق مثل ما عليها من واجبات ..
   من ناحية أخرى يعد الاغتصاب والعلاقات الجنسية المحرمة باباً آخر للزج بهؤلاء الأطفال نحو الشوارع فلا تجد المرأة في النهاية بد من أن ترمي بوليدها أمام مسجد أو بجوار باب مدرسة ..
هؤلاء الأطفال وان اختلفت أسباب تواجدهم في الشارع إلاأنهم يتفقوا على النتيجة التي وصلوا إليها من عنف وبلطجة وادمان مخدرات وسرقات ..وفقدان تام لمعنى البراءة التي كان من المفترض أن ترسم وتغلف حياتهم ..
وهنا أشير الى ما نشرته صحيفة الاندبندت البريطانية في عددها الصادر في 13 / فبراير ل (روبرت فيسك ) والذي كان بعنوان ( أطفال الشوارع بالقاهرة الخمسين يتعرضون للاساءة والاستغلال من جانب النظام )وطبعا جاء تحديد العدد بالخمسين متهكماً على تصريحات الحكومة المصرية السابقة بأن عدد أطفال الشوارع هو 50000 طفل" .
   " [9]وجاء في المقال أن أنصار الرئيس السابق حسني مبارك جلبوا عمداً عدداً من أطفال الشوارع إلى ميدان التحرير لرمي الحجارة على المتظاهرين ، وكانت السندويتشات والسجائر والمال هم كلمة السر في قبول هؤلاء الأطفال لهذا الغرض " ..
مافعله هؤلاء لاينبع عن قناعة خاصة أو رأي؛ بالطبع لعدم وجود هذا أو ذاك عندهم ، وبالتأكيد لايعرفون معنى لأي الكلمتين بسبب الجهل الذي غرقوا فيه والحاجة التي خرجوا منها ..


العشوائـــيـــــــــــــــات:
[10]العيشة مرة لكن أحسن من مفيش
علب الصفيح مساكن
وجوه الموت بعيش
   البيت .. يحمينا من حر الصيف وبرد الشتاء .. هكذا تعلمنا ولا يزال أبناءنا يتعلمون ذلك في مدارسنا ... لكن وللأسف الشديـد لا يملك الكثير من المصريين هذه النعمة الغالية التي استشعرنا أهميتها أكثر وأكثر عندما انكشف الغطاء الأمني عن البلاد في أعقاب ثورة يناير ، واستغلت البلطجة الأمر وقادت أصحابها إلى أبواب بيوتنا ..
   أما من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لم تكن لديهم حيلة أخرى سوى منازل الصفيح وبيوت الغاب التي كانت نتاج أيديهم في عشوائيات ملأت مدننا ، وزادت من ازدحام مناطقنا زحاماً فوق زحامها ..
   ياترى من المسؤول عن هذه الفوضى وذلك الزحام .. هل سكان العشوائيات ؟!! .. أم أنهم ضحايا لمن لا يكفيه قصر أو فيلا أو عمارات فارهة حصلوا عليها بطريقة مشبوهة أو غير مشبوهة ناسيا أو متناسيا أن لهم في أموالنا حق معلوم ، فمابالنا إن كانت ليست أموال أفراد بعينهم بل هي خيرات وثروات الوطن وبالتالي فهي ملك للجميع ..
الاختناقات المرورية :  
   نعود من جديد للأمراض التي تحيط بالمصري من كل جانب .. وصلنا الآن لضغط الدم الذي له أسباب عديدة ودوافع مختلفة ، تجمعت كلها في البيئة المصرية .. دعونا نستعرض معاً المرور والاختناقات المرورية التي قد تؤدي بسكتة قلبية وليس فقط لارتفاع ضغط الدم والشلل ..
   لا أحد ينكر أن المرور أزمة استعصت على المسؤولين وأصحاب القرار ليجدوا حلاً ناجعاً لها . ولكن هذا واقع تقع تحت وطأته الكثير من دول العالم . لكن هناك من يحاولون وينجحون وهناك من يستسلمون فبلاشك يفشلون ..
ربما طبيعة المجتمع المصري تعد أحد اسباب المشكلة الذي يرفض ركوب الدراجات مثلاً كما فعل اليابانيون بمختلف طبقاتهم ، أما هنا فالدراجة حكراً على الغلابة ..
والعزوف عن المترو والمواصلات العامة شيئاً آخر ، لكن هنا ليس اللوم على الأفراد فقط ، بل إن سوء تلك المواصلات وتدني الخدمات شيئاً رئيسياً في الابتعاد عن تلك الوسائل ..
   بالله عليك خبرني هل هناك وجه مقارنة بين باصات النقل العام في مصر ومثيلاتها في لندن مثلا ؟.. بالطبع لا .. وبالتالي عندما ينتشر مرض ضغط الدم بين المصريين فلا تتعجب ولا تتساءل ..

أمــــــــــــن الدولـــــــــــــة :
   " هـــس ... هـــس ... أحســـــــن حــد يسمعك ... " بقولك ايــه ..اوعــى تتكلم في الســياســـة..خليــنا في حــالنا " .. وهكــذا ..هي العبـــارات التي كانت تتداول بين المصريين داخل المحروسة ، خوفا من الإعتقال والبطش الذي يطول .. أيـا ممن ينشطون سياسيا ، أو حتى يدلون بآرائهم وان كانت دون توجه أو تسييس ..بل هي مجرد إدلاء برأي أو( فشة خلق) سياسية .. على رأي اخواننا اللبنانيين ..
   كانت يد أمن الدولة تمتد حتى إلى غرفنا الخاصة .. وآذانهم تتنصت على أحاديـــثنا الجانبية ..إنها الكابوس الذي همشنا عن السياسة وأبعدنا عن المشاركة في حاضر ومستقبل بلدنا .. نتمنى أن يكون زال بلا عودة .. وانتهى بلا رجوع ..
   فما كان من الشعب بعد أن فاض به الكيل .. واشتد الضغط عليه الا أن انفجر بعد أن طال اصطباره .. واخيراً  زأر الأسد بعد أن أفاق من غفوته مدافعاً عن كرامته مستميتا إلى  أن تعود عزته .. ولسان حاله يقول : الشعب يريد أن يحيا الحياة.

[11]لأ مش تمام ومش مظاهرة والسلام
الشعب مش نايم سيادتك ولو قالولك إنه نام
مابيجيلوش نوم الجعان .. واللي عطشان للعدالة .
واللي محتاج للأمان .. اللي تعبان ف الحياة
واللي وسط الزحمة تاه .. واتحبس صوته زمان ..
كل دول كانوا بس مكسلين .. كانوا ناسيين هم مين ..
شعب أقوى هم السنين ... طول تاريخه وهو محكوم بس حاكم ..
يحسبوه مات م الألم ... يلتقوه قايم يلاكم ..
ينتصر وهوه غارقان في الهزيمة
يابلد مكتوب عليها تكون عظيمة ..
النهاردة الشعب قام
ومش مظاهرة والسلام

استشــــــــــراف المستقبــــل : 
[12]نهارنا نادي وبإيدينا على فكرة
الصبح عنده فضول راح نعمل ايه بكرة
ايده عل الباب وخايف يلمس الأكرة
ادخل يا أستاذ براحتك والبلد حرة
احنا زهقنا نشوف الصبح من بره
ادخل وخرج بقايا العتمة المرة
       أيامٌ جميلة .. وهواءٌ نقــي .. شــوارع نظيفة .. ووجوه مبتسمة .. مناطق خضــراء ..ومدن منظمة .. ساعات عمل منتظمة .. وحواري مبتهجة .. خير كثير .. وثروات وفيرة .. أمراض بسيطة .. وأطفال أصحاء .. طرقات منيرة .. ونسمات عليلة .. مصانع نشيطة .. وشركات دؤوبة .. وانتاج طبع عليه .. بكل فخر  صنع في مصــر ...
   نعم .. إنها الصورة الوردية التي – ولست وحدي – نحلم بها .. بل زاد إلحاحها على مخيلتنا وزادت ملاحقتها لخيالنا .. بعد أن انتفض شعبنا ودوى صوتنا عالياً في الأجواء ... نحلم أن يعود المجد لمحروستنا .. وترجع العزة لمصرنا .. ونحيا الحياة ..
   أصبحنا نبهر ونشهق مما نراه أو نسمع عنه من تقدم ورقي يعم على بلاد الغرب ومدن العجم .. بعد أن كنا منبع حضارة تستقدم منها دول الجوار ثرواتها البشرية وخبراتها الانسانية، وإلى الآن لديها من الكوادر العبقرية الكثير وأعظم دليل على ذلك زبدة علمائنا الذين وللأسف يحكم عليه أبناء العم سام والغرب قبضتهم ،الا أن منهم الكثير الذين يجري حب مصر في دمائهم وتسكن المحروسة شغاف قلوبهم من أمثال د. زويــل .. و د.مجدي يعقوب .. ود. فاروق البـاز .. ... وغيرهم الكثير الذين عشقوا نيل مصر ونبتوا على أرضها فأبوا إلا أن يردوا الجميل ..
   ربما يسخر البعض من الحلم .. وقد يستهجن الآخر أن يحلم المرء في ظل الكابوس الذي تعيش فيـه مصر ما بعد الثورة .. لكن صدقت مدام رولان عندما قالت:" كم من  جرائم ترتكب باسمك أيتها الحريات" ، فحالة الفوضى والاضطرابات والاعتصامات التي تعم الأرجاء في الآونة الأخيرة والتي يعاني منها الشعب بمختلف طبقاته وتوجهاته تجعل الصورة قاتمة لدى الكثير خاصة الأغلبية الصامتة غير المتعمقة في السياسة والتي أكثر مايخيفها قوت يومها وأمن أبنائها ، وهذا حق مشروع لانعيبه على أحد فكلنا يؤرقه مستقبل فلذات أكبادنا .. ولا تنام أعيننا الا بعد أن تغمض جفونهم..
   إلا أن تاريخ الثورات ونهضة الأمم يبشر بما هو آتٍ من خير .. وقادم من رقي .. لكن كل هذا مقرون بشروط .. ومؤيد بأسباب لابد من اتخاذها لتحقق النتيجة التي طالما نحلم بها ونراها عند غيرنا ونغبطه عليها ..
   ومن الصعب جدا أن نعلق أخطاء الماضي على شماعةٍ بعينها متنصلين من مسؤوليتنا الفردية الجمعية  التي شاركنا فيها بأيدينا وتسببنا – دون قصد – في تدهور وضعنا وتراجع مستوى بلدنا .. وعندما تساءل سيد حجاب قائلاً متعجباً :

[13]يامصري ليه .. دنياك لخابيط والغلب محيط
والعنكبوت عشش عل الحيط وسرح عل الغيط
وليه بترشي وتتساهل وتضييع حقوقك بالساهل
تستاهل النار تستاهل يا غويط ويحسبك الجاهل
ساهل وساهي وغبي وعبيط
   كان حجاب يصور وضع المصري القائم وصدق وصفه؛ فما اعترانا من خضوع وخنوع وقبول بالمهانة كانت بأيدينا وإن أبينا الاعتراف بذلك فأصبحنا أذيال العالم بعد أن كنا أسياده .. فجميعنا في الجريمة سواء .. نعم سواء .. لأن كثيرٌ من أحفاد الفراعنة تقاعس عن أداء واجبه بدءاً من طالب المدرسة المتخاذل عن طلب العلم وهو فريضة، مروراً بالموظف المتهرب المتعلل بأنه يعمل على ( قد فلوسهم )، وصولاً للمسؤول المرتشي .. والمدير الخائن..  والوزير العميل .. الخ
   حتى تشبعنا ذلاً .. ومللنا أو بالأحرى خجلنا من نظرة العرب قبل الغرب إلينا بأن المغتربين متسولين .. ناسين أنهم بناة مجد ومؤسسي حضارة في الخارج كما كان يجب أن يكونوا في الداخل ..
   ثار الشعب بعد أن ألهبته حرارة الأرض وتعطش للحرية والكرامة والعدالة الاحتماعية طالبين أن يرفع المصري رأسه عاليا .. لأنه مصري ..
   وقبل الثورة ثمة إرهاصات عدة دلت أنه لا مفر إلا بفيضان يقلب رأسها على عقب .. فوران يعيد ترتيب الأوراق .. ويشكل الأدوار من جديد ، فعمت الحياة السياسية لغطٌ شديد .. وارتفع صوتها في الفترة الأخيرة كثيراً .. وخاصة كلما زادت الجرائم الاجتماعية والسياسية والسرقات الحكومية والوعود المزيفة التي كانت شرارة الثورة .. ودوافع الانفجار ..
   لايخفي على أحد أزمات اسطوانات الغاز ، ورغيف العيش .. ولا أحد لا يعلم قصة خالد سعيد وماتعرض له من عدوان وحشي وتهم ملفقة مختومة بخاتم وزارة الداخلية التي هي أساس العدل ليدوم الملك ..
   أما عن امتهان الكرامة وذل المواطن فكما شئت تحدث وقد أزيد عما تقول وتذكر أو تتذكر .. فلم يكن للمرء حتى حق للشكوى بكرامة في أقسام الشرطة .. إلا أن يكون ( مسؤولاً ) أو له ظهر يستند عليه ويستقوي به إذا ضرب أو أهين و ( ويابخت من كان النقيب خاله ) ..
   كل هذا وأكثر أدى الى تشكيل ائتلافات سياسية وفصائل متعددة لتكون منبرا يعبر من خلاله المواطن بصوته ، ويبحث عبره عن حقة المغتصب عله يرجع .. وعندما لم يجد الغالبية شبابا أو شيوخا طريقهم عبر الأحزاب التي سكن صوتها كثيراً رغم كثرتها .. كانت المدينة الافتراضية بأدواتها من face book  و tweeter  هما أرض الأحلام التي يلتقي من خلالها من يملك أدواتها ليتناقشوا ويتحاوروا ويتفقوا ثم عبروا عما اختزنوه كثيرا في أعماقهم وملأ جوانبهم حتى كانت ثورتهم البيضاء التي نرفع لها جميعاً القبعة ..
   أما ما يعتري الساحة الآن من فوضى ولغط عم الحياة السياسية وجميع الجوانب الحياتية تعتبر مخلفات طبيعية للثورة طالما أنها ضمن الأطر المشروعة ، لكن الخوف كل الخوف من الأجندات الخارجية التي تتحين الفرصة المناسبة لتكون القشة التي تقسم ظهر البعير – رد الله كيدهم في نحورهم أجمعين – آميــــــــــــن ..
   ومن الواضح جدا محاولة الكثيرين أفراداً كانوا أم أحزاباً وجماعات التسلق على أعناق الشباب وسرقة شرف الثورة وطعم الانتصار لأنفسهم رغم أنهم لم يحركوا ساكناً فيما كان ، لذا فكما أننا نحلم بأن *[14]بكرة أحلى،إلا أن تضارب الحياة في ميدان التحرير وغيره يجعل الحذر يتملكنا بقدر التفاؤل ..
   ونعود لحلمنا المصري .. فكل من ثار أو حتى لم يشارك في الثورة حلم بصورة قد يظنها المدينة الفاضلة .. حلم رائع يحتاج لثقة عميقة بالله -تعالى -ليتحقق ، وجوانب إصلاحية عديدة لابد وأن تشمل البنية التحتية والفوقية لمصر كلها .. وعلميا تتوفر لدينا أساسيات النصر وعوامل النجاح .. وما يتعلل به البعض من ازدياد التركيبة السكانية باطل ، فهم ثروة بشرية استطاع غيرنا التعامل معها بنجاح كالصين مثلا ، والتي غزت بيوتنا جميعاً.. وعن الزراعة والصناعة فعندنا من الخير الكثير ... لكن تحتاج لاخلاصٍ وتفانٍ وثقة لنصل للمستقبل الذي أرق مضاجعنا كثيراً ولا يزال ..
   ولان السياسة هي أساس الإصلاح فكلما كان الحاكم والحاشية مصلحين في الأرض ، ستصلح الأرض .. أما اذا فسد أيهما أو كلاهما ، تدهورت الأوضاع بلا شك ، والآن أصبح للشعب كلمة وللمواطنين صوت ، وعملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة في 19/مارس  من العام الجاري كانت اختباراً عشنا فيه جميعاً مذاق التجربة الأولى وحلاوة الديمقراطية ...
   لكن للأسف وبغض النظر عن موقفنا منه سواء كان بالايجاب أو السلب الا أن احترام رأي الأغلبية لابد وأن يكون ويحترم ، وما يحدث من محاولات للتغلب على الشرعية من وجهة نظري المتواضعة لا تجوز وإلا لما استفتينا الشعب واستقصينا رأيه ؟!
ومنها نعرج على تشكيل الأحزاب وضرورة احترام رأي الحزب الآخر وعدم الحجر على رأيه ومصادرة وجهة نظره حتى وان اختلف معنا؛ لأن ذلك هو حقيقة الديمقراطية التي تمنيناها كثيراً وحلمنا بها طويلاً .. ومروراً بانتخابات النواب ووصولاً لانتخابات الرئاسة يجب أن يعلم الجميع أن أصبح لصوته قيمة، ولذاته معنىً لذا يجب أن نفكر ملياً ونقرر بعد صمت طويل مفعم بالتدقيق أين نضع صوتنا وفي أي خانة نشير بالموافقة ..
   ولا يوجد حل بديل عن الاعتراف بأنه لايمكن عزل الشعب وآراءه عن الحياة السياسية؛ إلا ويتحول الحاكم ديكتاتوراً يحكم الشعب آمراً وناهياً، وعلى الشعب السمع والطاعة ، فكل هذه الأساليب بطلت وماعادت تجدي إلا أنها تطيح بصاحبها وتزيد الفجوة بين الحكومة والشعب ويسير كل منهما في طريق فلا يلتقيان أبداً .. وكلاهما ملىء بالكراهية والحقد للأخر وتكون النتيجة أن تنفجر الشعوب وتسقط الحكومات ..
   يجب أن تتحول بلدنا الى دولة مؤسسات .. يحصل الفرد أياً كان موقعه أو هويته على المعلومات الصحيحة ، وقتها لن تجد تصارع بعض الفصائل السياسية في إثارة الشائعات ومحاولات الوقيعة بين الأفراد والحكومات ، أو الأفراد والجيش كما يحدث حالياً ، وكل ذلك من أجل أن تنال الرضى والمحبة من جانب البعض ، وسيقل التخبط السياسي الذي نعاني منه وازداد حدته في الآونة الأخيرة، بل ستتحول الى مضخات تبث شباباً واعياً مثقفاً قادراً على المشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية على مختلف الأصعدة ومختلف الأوجه والتوجهات ، حينئذٍ لن يكون ترشيح أو الترشيح لمنصب وزيرٍ أو رئيس حكراً على أحد ، خاصة من أصحاب الصفوة ذوات المشاركة الصحفية أو التليفزيونية بل سيصبح لدينا كوادر مؤهلة تتنافس سواء كانوا شيوخاً أوشباباً لنهضة وازدهار البلد ، بغض النظر عن الكرسي وبريقه ، أو المنصب وما وراءه من مكاسب معنوية كانت او مادية.
   وقتها سيعرف كل فرد أنه ليكون لك قيمة عليك تعطي دون انتظار المقابل ، لأن النية ستكون لله أولاً ، ثم لاصلاح الأرض تطبيقاً لغايةٍ خلقنا من أجلها .. مقتنعين بأنه كلما علا شأن الوطن .. زادت رفعة المواطن فيه، وعندما يصبح النظام عادلاً ، فلا محال أن المستقبل مشرق والآتي جميــل .. جميل بأن تطبق العدالة الاجتماعية التي ستصلح كل المعايير والتي لا تعني سوى التوزيع العادل لثروات البلاد وتوفير فرص عمل بأجرٍ يكفي متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وايجار الشقة وفواتير الغاز والكهرباء ومصاريف المدارس وطلبات الأبناء .. وغيرها مما يثقل كاهل رب – بل وربة – الأسرة معا ..
   عدالة اجتماعية تعني أنه عندما يكون هناك *[15]شاباً مكتمل المواصفات الاجتماعية لديه كل الأسباب التي تؤهله للعمل في وزارة الخارجية يجب أن تفتح له الأبواب ولاتوصد، فقط لأنه ينحدر من أسرةٍ فقيرة وأبيه عامل بسيط ، ترى إلى متى تظل المحسوبية والواسطة وتوريث المهن منتشراً في بلدنا؟! إلى متى نقمع شبابنا ونواري عقولهم الثرى ؟! .. يقول د.عمرو حمزاوي – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ، "أن الفكر الليبرالي لا يفرق بين العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية ، فهناك حقوق متساوية لكل المواطنين في ظل تكافؤ الفرص وسيادة القانون وتمكن الحكومة من وضع التشريعات والسياسة التي تحمي من مظاهر اختلال السوق مثل الاحتكار " ..
   مطلب العدالة الاجتماعية هذا لا يحتاج لكل هذه الحكومات المتعاقبة لوضع جدول زمني نعد فيه المصريين بلقمةٍ هنية وكوب ماء نظيف ، واختلاف الثورات التي قامت على ضفاف النيل بل ومايحدث على كل أراضي المعمورة تتفق جميعها – وان اختلفت ألسنتها – على مبدأ العدالة والمساواة الاجتماعية ، ورغم نجاح ثورة 23يوليو التي قام بها الجيش وباركها الشعب عكس ثورة شبابنا البهية 25 يناير ، ورغم أن تطبيق الديمقراطية لم ينجح فيها إلا أن كرامة الانسان وعدالة توزيع الثروات يعد مثالاً يحتذى به ليومنا هذا ، ومن أمثلة ذلك كلمة سمعتها بأذني في برنامج وثائقي على قناة الجزيرة عن عبد الناصر وكانت الشهادة من امرأة سورية سألتها المذيعة "ما سر حبكم لعبدالناصر " فردت قائلة : " أيام عبدالناصر شبعنا يا بنتي " ، فعندما يجوع الشعب ويصبح المجتمع مغلقاً لايوجد فيه سوى استقراطيين ومعدومين ،بسبب تآكل الطبقة الوسطى التي بدأت في الاندثار بعد محاولات مستميتة وصراعات عديدة للبقاء ، مما يزيد الضغينة بين أبناء الطبقتين .. ، فالأغنياء يعيشون في برج عاجي والفقراء يرزحون تحت نير الفقر المدقع .. وبديهياً ترتفع معدلات الجريمة بمختلف ألوانها ، أما إن غاب الأمن والأمان فقل على الدنيا السلام ، لذا فان العدالة الاجتماعية هي ألف باء الاستقرار الاجتماعي والنجاح السياسي ، وهذا ماضمنته ثورة 23 يوليو .. والتي كان أمرها مطروحا على مجلس الشيوخ قبل اندلاع الثورة لكن لم يجد تطبيقها النور إلا بعد هبة جيشها والتي حددت أنذاك ملكية الفرد والأسرة لخمسين فدانا للمالك القديم ، وللفلاح الأحقية في امتلاك فدانين ، وقد يكون هذا كافياً لجعل حب عبد الناصر يمس شغاف القلوب حتى يومنا هذا ، نجد من يبكيه ليس فقط من مصر بل إن أغلب العرب من اتفقوا على أن يختلفوا في أكثر الأمور اتفقوا على حب العدل وعشق العدالة ونور الحق ..
   أظن أنها الفرصة ليتصالح فيها الفلاح مع الأرض  ويعود لسابق عزه ومجده ، معترفين جميعاً بمكانته ، فهو من بيده مفتاح نهضة زراعتنا وازدهار اقتصادنا ، وبالتالي هو المحرك الفاعل لاكتفائنا الذاتي ..
   ومن أسباب التدهور الزراعي الذي خيم على مصر وتراجع زراعة القمح والقطن وكثير من منتجات الخضر والفواكه يعود لعوامل كثيرة لعل أبرزها : القروض التي قسمت ظهر الفلاح البسيط والذي لم يكن أمامه سواها لينفق على الأرض .. رغم أنه لو تم زيادة ميزانية وزارة الزراعة ووصلت هذه الأموال بالعدل والحق وخصص جزء منها لتوزيع التقاوي والبذور والأسمده على المزارعين لأحدث ذلك طفرة بإذن الله في مجال الزراعة ، لأن وقتها سيصبح هناك من الدوافع ما يكفي لحث الفلاح على زراعة أرضه ، وكل ذلك يوفر الكثير من الاكتفاء الذاتي وزيادة الرقعة الخضراء وبالتالي تقليل التلوث وبناء بيئة صحية سليمة ..
   من جانب آخر يعد التمركز حول نهر النيل نقمة تحرم المصريين من الاستفادة بباقي نسبة الأرض وتجعلنا نرزح تحت وطأة الازدحام المروري والتكدس السكاني الذي يؤثر على باقي مناحي الحياة .. فهو يزيد الضغط على المعروض من المنتجات في السوق فيزيد الطلب وترتفع الاسعار ، ويزيد التضخم ، ناهيك عن الضغط الزائد على الكهرباء والتي تجعلنا عرضة للانقطاع الكهربي المتكرر ، وغيرها من المشكلات الناتجة عن التمركز في بقعة دون غيرها .
   أرى مصر خضراء .. تنتشر الأشجار هنا وهناك .. حفيف أوراقها يؤنس وحشة الليل ،عندما تداعبها النسمات ..ليس هذا تخيلاً لكنه واقع إن تضافرت الجهود وخلصت النوايا ، واتحد الشعب مع الحكومة والمسؤولين ، وأخذت المشاريع طريقها على أرض الواقع ، والتي ليس لها هدف ولا غاية سوى نهضة مصر والاصلاح في الأرض ، فتخرج ثمارها اليانعة ، وخضرواتها الرائعة ، التي لم تلوث بمياه مجاري ولا مبيدات مسرطنة ..
ممـــــــر التنميــــــــــة:
   يعد ممر التنمية أحد المشاريع المقترحة من  د.فاروق الباز لتطوير البلاد والمساهمة في اسعاد العباد ، ومن أهم ما يهدف اليه ، حل مشكلة التكدس السكاني حول نهر النيل ..
  [16] يتضمن مقترح ممر التنمية انشاء ما يلي :
1.        طريق رئيسي للسير السريع بالمواصفات العالمية يبدأ من غرب الإسكندرية ويستمر حتى حدود مصر الجنوبية بطول 1200 كم تقريبا .
2.        اثناعشر فرعاً من الطرق العرضية التي تربط الطريق الرئيسي بمراكز التجمع السكاني على طول مساره بطول كلي نحو 800 كم .
3.        شريـــط سكة حديد للنقل السريــع بموازاة الطريق الرئيسي ..
4.        انبوب ماء من بحيرة ناصر جنوباً وحتى نهاية الطريق على ساحل البحر المتوسط ..
5.        خط كهرباء يؤمن توفيــر الطاقة في مراحل المشروع الأولية ..
                                                   
                                        أعدة وقدمة /أيمن الحسيني      

الفــــــــن للحيـــــــــــــاة :
   جميل أن يكون الفن مرآة المجتمع .. وليس وسيلة لإلهائه أو إقصائه عن الحياه .. فيصبح المرء فيها مغيباً عن الواقع ، غارقاً في التفاهات .. وهذا ولله الحمد بدأ بعد الثورة ، وقل الإقبال على صور العري ، ومناظر الاسفاف ، ودليل ذلك الصفحات المعارضة على الفيس بوك للمسلسلات الوضيعة والإنتاج السيء بعد الثورة خلال رمضان هذا العام ..تلك المناظر التي كانت تخجلنا من أنفسنا وتشعرنا بعجزنا عندما نرى الشباب غارقاً في اللهو .. سابحاً في الفساد ..
   وللفن دورٌ عظيم في رفعة الوطن ، ومن أروع الخطوات الجدية التي ظهرت على الشاشة الفنية على يد البعض من فناني مصر والتي قام بها أفراد بجهود ذاتية كحملة المليار لتطوير العشوائيات برئاسة الفنان محمد صبحي (الذي تعد أعماله ناقدة لما كان ودافعة لما حدث و لبنة بناء للمستقبل ، فالفن ليس فقط للفن وإنما الفن للحياة ورفعة المجتمع وليس فقط للامتاع والتسلية ، لكنه أداة فاعلة يمكنها أن تقود المجتمع برمته وتوجهه حسب ما تقدم ..
   ولعل بعد الثورة ظهر الكثير من الأعمال التي تحدثت بحرية عن الثورة وماكان قبلها مثل فيلم الفاجومي وصرخة نملة مثلاً ، ومن القضايا التي عالجها فيلم ( صرخة نملة ) والتي تدور في اطار كوميدي يتطرق لظروف الحياة المصرية المختلفة والقضايا التي تسهر جفون المصريين مثل ارتفاع الاسعار وبخس ثمن تصدير الغاز لاسرائيل ..
   ومن أجمل تعليقاته جاءت على لسان أحد الممثلين معلقاً على القضية التي ملأت مصر وشغلت بال المصريين ألا وهي قضية تصدير الغاز لاسرائيل فقال ساخراً : (( هي اسرائيل منورة بفلوسنا ومصر منورة بأهلها .؟! )) ..
   وكذلك المسرح والفنون الشعبية والموسيقى والفن التشكيلي وغيرها من ألوان الفن التي عكست حالة مصر مع الثورة .. وكل هذا ينبؤ بأن الذوق العام بإذن الله سيتحسن وآمل أن تتكاتف كل الفنون ، ليصبح الفن فناً للحياة وانعكاساً لهموم المجتمع ..
   فما حدث من تغيير في مختلف جوانب الحياة وانعكس على الفن بأنواعه من تليفزيون ومسرح وموسيقى ودوّنه الأدب ونطق به الشعر ، فهو لسان العرب ينبؤ بمستقبل مشرق وغد واعد بلا اسفافٍ ولا اسراف ..

الأدب ولســـــــان العــــــــرب :
   عزف الكثيرون عن القراءة في الفترة السابقة ، رغم أن كل السبل لانتشار حب الإطلاع متوفرة .. فمن المعارض والمكتبات ووصولاً للإنترنت، إلا وكأنــه كلما سهل الطريــق قلّ رواد الهدف ، ويبقى للأدباء عندنا بصمة ، وللأدب لدينا مذاقٌ جميل منذ الماضي وحتى الحاضر، وكلما زاد الاهتمام بالعلم وأصبح واحةً لجذب القراء والطلاب، وإذا ما تم تشجيعهم على القراءة والاطلاع من خلال المسابقات وكافة سبل التحفيز لزادت معرفة أبنائنا واتسعت دائرة اطلاعهم ومعرفتهم ، وبالتالي سيتكون لديهم حائط صد منيع ضد الهجمات الثقافية ومحاولات الإختراق المندسة ..
   ( ماذا قال النسناس في حضرة الأسد؟! ) كانت  من أجمل ما قرأت للأديب علاء الأسواني التي لخصت أسباب ثورتنا عندنا اتفق أبطالها أن الديمقراطية هي الحل .. فترى متى تطبق على أرض الواقع دون خوف من سوط جلاد أو هراوة سفاح؟! ..
   أما نشيد الثورة فكان دويتو رائع بين ( ازاي ) و ( أنا بحبك يا بلادي ) التي كانت فيه كلمات الأولى تمهد لتوليفة الثاني .. فاجتمع اللحن والكلمة والصوت ليشدو ويغرد عالياً لبلادنا التي بحثنا عنها طويلاً ، واستمر البحث واقترن بالحلم الذي نأمل أن نعيشه واقعاً ، نلمسه بأيدينا ، وتشدو فيه روحنا بحرية وعزة وكرامة اجتماعية بعدما كنا ..
[17]كم عشت أسأل أين وجه بلادي
أين النخيل وأين دفء الوادي
   وهكذا غرد الجميع داخل السرب معاً ووقف الجيش حامياً له ، لينتصر صوت الحق وليسقط كل فاسد على اختلاف مواقعهم ، وينحسر الفساد ، ويطلق العنان لطيور الحرية ..،لترتفع أعمدة البنيان وتدور عجلة التنمية ، وتعود الحضارة لمرساها من جديد ، فمهما كان المخاض عسيراً ، فلابد أن يأتي بعد العسر يسراً ، وبعد اشتداد المخاض يكون الولادة ، فتولد مصر زاهيةً بهية متحررة من سياسة ( الميكي ماوس ) وسيطرة ( ماما أمريكا ) ..


أعده وقدمه: أيمن رفعت الحسيني

تنويه
انتهى البحث..ولا تزال الثورة قائمةً..لكن هناك كلمة حق لا أريد بها إلا حقاً.. وهي أننا نتفق جميعاً على رفع القبعة لشباب الثورة على ما قاموا ونادوا به من مبادئ الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لكن نختلف معهم في بعض الآراء المطروحة والتوجهات المعروضة، وعدم سماعهم لرأي الآخر بالشكل المطلوب والذي ينادون الآخر لسماعهم، كطلب البعض برفض التعديلات الدستورة مثلاً بعدما صوتت الأغلبية بالموافقة عليها، فنجاح الديمقراطية مرهونٌ بتطبيقها على أفراد المجتمع ككل، ومن المستحيل أن يكون رأي جانب هو الأصح والأصوب على طول الخط، فقد يكون للآخر وجهة نظر غائبة عنا ، أو مقترح يسهم في رفعتنا، كما أننا نهيب بالجميع ألا ننظر للوراء من أجل الشماتة متذكرين أنه لن تجتمع الأمة على شخصٍ أياً كان سوى الحبيب صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن لكل فردٍ مساوءه كما له من حسنات، فأخشى ما أخشاه أن يتحول رفض سلبيات النظام السابق إلى ثأرٍ شخصي و بابٌ يصب فيه الشعب جام غضبه، لكن لابد أن نزن الأمور بالقسط، وكما نرى السلبيات نتذكر الإيجابيات حتى وإن رجحت كفة الأخطاء عليها؛ لأن من أسماء الله الحسنى الشكور، ولأننا بشر.. وإن أردنا أن يحكمنا عمر بن الخطاب فعلينا أن نكون كرعية عمر..

أيمن رفعت الحسيني




تعريفات وإضاءات
الثورة ( كمصطلح سياسي): هي الخروج من الوضع الراهن سواء إلى وضع أفضل أو أسوأ من الوضع القائم.
الإرهاصات: مقدمات الشيء وممهداته.
التضخم: هو ارتفاع الأسعار، وفي المقابل انخفاض قيمة النقد، فعندما تزداد كمية النقد التي يتداولها الناس بسرعة أكبر من تزايد المنتوجات التي يستطيعون اقتناءها فإن العملة تفقد من قيمتها؛ لأن العلاقة بين حجم الكتلة النقدية و التضخم علاقة ايجابية قوية.
مدام رولان: ماري جان رولان دي بلاتير وتعرف باسم مدام رولان وكانت تعمل مستشاراً سياسياً للجيرونديين أثناء الثورة الفرنسية.








المراجع والمصادر
بعض التقارير الصحفية الصادرة عن جريدة الجمهورية.
بيانات صادرة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية( فبراير2011).
Face book و  Tweeterمواقع التواصل الاجتماعي
موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة الالكترونية.
بيانات صادرة عن وزارة الصحة المصرية.
مجلة أم الحضارات لأبناء مصر.
كتاب( تجربة بنك الفقراء) للمؤلف مجدي سعيد- الدار العربية للعلوم2007
الأشعار المدونة لهاويس الشعر هشام الجخ.
قصيدة( هذي بلادٌ لم تعد كبلادي) لفاروق جويدة.
بعض التحقيقات الصحفية من الاندبندنت البريطانية.
قصيدة ( يامصري ليه) للرائع سيد حجاب.
     بعض أشعار الشاب تميم مريد البرغوثي.



[1] هشام الجخ --- قصيدة ميدان التحرير
[2] بيانات صادرة على المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في فبراير 2010
[3] أبيات لسيد حجاب من قصيدة ليه يا مصري
[4] قصدت بالفرعون هنا هو كل جبار خان ضميره وخان الأمانه سواء كان موظفاً بسيطاً أو مسوؤلاً
[5] الأبيات كلها من قصيدة هذي بلاد لم تعد كبلادي لفاروق جويدة
[6] معلومات نشرت ضمن تقرير نشرته جريدة الجمهورية في 22يوليو 2011
 [7]  أبيات لفاروق جويدة
[8] فاروق جويدة
[9] تقرير جريدة الجمهورية
[10] تتر فيلم هي فوضى لخالد يوسف
[11] قصيدة للشاعر هشام الجخ
[12] أبيات للشاعر تميم البرغوتي
[13] سيد حجاب ( يا مصر ليـه )
[14] اسم برنامج بكرة احلى لعمرو خالد
[15] قصة عرضت ضمن تقرير عرضه برنامج العاشرة مساء
[16] معلومات من الفيس بوك


[17] فاروق جويدة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post