توجهت الطفلة / سارة ... ذات السادسةإلى غرفة نومها ،
و من مخبئها السري في خزانتها ، تناولت حصالة نقودها ، ثم أفرغتها مما فيها فوق الأرض
و أخذت تعد بعناية ما جمعته من نقود خلال الأسابيع الفائتة ، ثم أعادت عدها ثانية فثالثة
ثم همست في سرها : " إنهابالتأكيد كافية ، و لا مجال لأي خطأ " ؛ و بكل عناية أرجعت النقود إلى الحصالة ثم ألقت رداءها على كتفيها ، و تسللت من الباب الخلفي ، متجهة إلى الصيدلية التي لا تبعد كثيرا عن منزلها كان الصيدلي مشغولا للغاية بالتحدث مع شخص جالس أمامه ،فانتظرته صابرة ، و لكنه استمر منشغلا عنها ، فحاولت لفت نظره دون جدوى ،فما كان منها بعد أن يئست إلا أن أخرجت قطعة نقود معدنية بقيمة ربع جنيه من الحصالة ، فألقتها فوق زجاج الطاولة التي يقف وراءها الصيدلي ؛ عندئذ فقط أنتبه إليها ، فسألها بصوت عبر فيه عن استيائه :
- ماذا تريدين أيتها الطفلة ؟ إنني أتكلم مع صديقى القادم من أمريكا ، و الذي لم اره منذ زمن طويل .. فأجابته بحدة مظهرة بدورها إنزعاجها من سلوكه :
شقيقي الصغير ،مريض جدا و بحاجة لدواء اسمه / معجزة/ ، و أريد أن أشتريله هذا الدواء .
أجابها الصيدلي بشيء من الدهشة : المعذرة ، ماذاقلتِ ؟
فاستأنفت كلامها قائلة بكل جدية : شقيقي الصغير و أسمه ( أحمد ) ، يشكو من مشكلة في غاية السوء ، يقول والدي أن ثمت ورما في رأسه ، لاتنقذه منه سوى معجزة، هل فهمتني ؟
إذاً كم هو ثمن / معجزة / ؟ أرجوك أفدني حالا !
أجابها الصيدلى مغيرآ لهجته إلى أسلوب أكثر نعومة : أنا آسف ، فأنا لا أبيع / معجزة / في صيدليتي !
أجابته الطفلة ملحَّة:
إسمعني جيدا ، فأنا معي ما يكفي من النقود لشراء الدواء ، فقط قل لي كم هو الثمن !
كان صديق الصيدلي يصغي للحديث ، فتقدم من الطفلة سائلا : ما هو نوع / معجزة / التي يحتاجها شقيقك أحمد ؟
أجابته الفتاة بعينين مغرورقتين: لا أدري ، و لكن كل ما أعرفه أن شقيقى حقيقة مريض جدا ، قالت أمى أنه بحاجة إلى عملية جراحية ، و لكن أبى أجابها ، أنه لا يملك نقودا تغطى هذه العملية ، لذا قررت أن أستخدم نقودى !
سألها صديق الصيدلي مبديا اهتمامه : كم لديك من النقود يا بنية ؟ "
فأجابته مزهوة : 7 جنيهات و أحد عشرة قرشآ ، ثم استدركت : " ويمكنني أن أجمع المزيد إذا احتجت !..
أجابها مبتسما : يا لها من مصادفة، 7 جنيهات و أحد عشر قرشآ ، هي بالضبط المبلغ المطلوب ثمنآ لل (معجزة ) من أجل شقيقك الصغير .
تناول منها المبلغ بيد وباليد الأخرى أمسك بيدها الصغيرة ، طالبآ منها أن تقوده إلى منزلها ليقابل والديها ،ثم أضاف : و أريد رؤية شقيقك أيضا .
*****
// ذلك الرجل كان الدكتور / أسامة الخباز ، جراح الأعصاب المعروف .//و قد قام الدكتور/ أسامة بإجراء العملية للطفل أحمد مجانآ ، و كانت عملية ناجحة تعافى بعدها أحمد تمامآ .
بعد بضعة أيام ، جلس الوالدان يتحدثان عن تسلسل الأحداث منذ التعرف على الدكتور/أسامة
و حتى نجاح العملية و عودة أحمد إلى حالته الطبيعية ، كانا يتحدثان و قد غمرتهما السعادة، و قالت الوالدة في سياق الحديث: " حقا إنهامعجزة! "
ثم تساءلت : " ترى كم كلفت هذه العملية ؟. "
رسمت / سارة .. على شفتيها ابتسامة عريضة ، فهي تعلم وحدها ،
أن /معجزة/ كلفت بالضبط ..... 7 جنيهات و أحد عشر قرشآ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق