الاثنين، 5 ديسمبر 2011

في عيد ميلادة السابع والأربعين الأسطورة السياسية والمناضل أيمن نور يكتب من وحى الـ47




5 ديسمبر.. يوم استثنائى فى «روزنامه» حياتى، لذلك تعودت فيه أن أسجل بعضا من خواطرى وملاحظاتى!!


فى 5 ديسمبر من 47 عاماً ولدت!! وفيه- أيضاً انتخبت فى 1979 رئيسا لاتحاد طلاب الجمهورية، وفى 1995 نائباً بمجلس الشعب، وفى عام 1984 كتبت أولى مقالاتى فى «الوفد»، وفيه أيضاً- سجنت!! وفيه كتبت أولى مقالاتى فى «الدستور»!! كما قلت، إنه يوم استثنائى للأحلام والآلام!!


أحمد الله وأشكره أن معظم أحلامى قد تحققت ليس بجهدى واجتهادى، بل بفضل الله وكرمه وتوفيقه- أولاً- وقبل كل شىء!! أما آلامى فهى أيضاً من رحم أحلامى البسيطة التى لم تتحقق.
فأحلامى وأنا صغير، كانت كبيرة، لأنى كنت أرى العالم حضن أب كبير، يضمنى بفرح، ويرقب ما أصبو إليه باهتمام، واحترام!! كانت معانى الكلمات فى ذهنى مستقرة، لا تحمل غير معناها الظاهر الذى أعرفه.. فالحب يعنى «الحب».. والوطن يعنى «الوطن» والشرف هو «الشرف».. والصداقة هى الصدق فى المشاعر.


لم تكن هذه المعانى والقيم تعرضت بعد لأى خصم أو إضافة، لم أكن أتصور بعد أن شرف حب الوطن، يمكن أن يتحول إلى خيانة «!!» وأن الصداقة يمكن أن تتحول إلى نذالة!! وأن أخلص الخلصاء هو من يقاتل «معك» حتى آخر مليم فى جيبك، أنت، وحتى آخر قطرة فى دمك، أنت، وآخر نفس فى حياتك، أنت!! أما جيبه ودمه وحياته فهى خارج دائرة الحسابات والتوازنات والممكن والمتاح «!!».


لم أكن أر فى السياسة إلا أنها شرف خدمة الوطن، ولم أر فى القانون غير صورة ذلك التمثال المعصوب العينين الذى «لا يرى» ولا «يعرف» ولا يكيل إلا بمكيال واحد «!!» ولم أكن أرى فى القضاة والنيابة سوى حصن للمظلومين، وسيف على رقاب الظالمين!! لم أكن أرى إلا بعضا من الحقيقة!!


ما أملك أن أبوح لكم به الآن، وبعد 47 عاماً، أنى أشكر الله على كل دقيقة فى عمرى، أشكره على الضحكات والأنين، على البسمات والدموع، على الصحة والمرض، على النجاح والفشل.. على السعادة والشقاء.


فلولا الاستبداد ما عرفت قيمة الحرية، ولولا الغدر، ما عرفت عظمة الوفاء، ولولا الظلم ما عرفت قيمة العدل.


أشكر الله، لأنى استفدت من الطعنات التى وجهت لى أكثر مما استفدت من الأيادى التى صفقت لى، فكل ضربة سددت لظهرى، دفعتنى للأمام، وكل عثرة صادفتنى أوقفتنى أسرع مما أوقعتنى، وكل ظلم تعرضت له حفر قدرتى ورغبتى فى مقاومته.


حياتى منذ الطفولة رحلة من المعارك- الصغيرة والكبيرة- اخترت بعضها واختارت لى الحياة معظمها، انتصرت فى نهاية أشاوط معظمها، وانهزمت فى قليل منها، لكننى تعلمت من كل هزيمة كيف أنتصر!!


عندما كنت فى العشرين، كنت أقول يكفينى أن أعيش حتى الأربعين!! وعندما أصبحت نائباً فى سن الثلاثين قررت أن أتوقف عن العمل النيابى فى سن الأربعين!! وعندما ترشحت لرئاسة الجمهورية فى سن الأربعين قررت أن أعتزل الحياة السياسية فى سن الخمسين.


وأنا أطفئ اليوم - وحدى- الشمعة الـ47 فى عمرى لا ألبث إلا أن أشكر الله، فد عشت أكثر ما كنت أتمنى وأنا فى سن العشرين!! فما أكثر الشموع التى أشعلتها، والشموع التى أطفأتها!!
سنوات سجنى لم تكن- أصلاً- فى دائرة حساباتى وحلمى، والخناجر التى أغمدوها فى جسدى بعد الـ40 عاماً هى أهداف أحرزوها فى شباكى فى «الاستراحة» ما بين شوطى المباراة «!!».


أحسب أن من سجنونى ظلما لو كانوا يعلمون أن سنوات السجن ليست إلا وقتا مستقطعا يضيفه الحكم العدل لمدة المباراة الأصلية.. لما فعلوا ما فعلوه!! لو كانوا يعرفون أننى سأحتفل يوماً بيوم سجنى وميلادى وهم فى ذات السجن الذى قضيت فيه سنوات طويلة من عمرى لما فعلوا ما فعلوا.


فى 47 عاماً مضت كان الله دائماً كريما معى فما أقل ما أعطيته بالمقارنة بما أخذته من حب الناس!! قدر الله وقدره العدل الذى يوماً سيأتى!! حقاً يمكرون ويمكر الله.. والله خير الماكرين!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post