تقرير إخباري / أيمن الحسيني محرر أخبار غد الثورة بالدقهلية
والمركز يبعد عن مدينة أسوان حوالي ٦٠ كيلومترا، حيث تم تهجير النوبيين إليه عام ١٩٦٤، وتقع معظم أراضيه علي امتداد وادي كوم أمبو، وتم إطلاق أسماء القري النوبية القديمة علي القري الجديدة التي تم تهجير النوبيين إليها، ولذلك تجد علي جانبي الطريق اللوحات الإرشادية بأسماء قري «بلانة - أبوسمبل - عنيبة - خريت - المالكي - قورته - الدكة». والنوبيون ينقسمون إلي ثلاث قبائل رئيسية وهي «الكنوز والفاديكا والعرب».
وصادفنا خلال الزيارة إحدي النوبيات، وهي زوجة لمواطن نوبي ، وسألتنا عندما وجدت زميلي يقوم بتصوير المنازل «حتعملوا إيه في البيوت دي، الراجل زوجي كبير في السن ولا يملك من النقود ما يكفي لترميم البيت».
وذكرت أن منزلهم متصدع. وأنها وزوجها وأبناءها تركوا الغرف وعايشين في «حوش البيت»، خوفاً من انهيار الغرف عليهم. وطلبت مساعدتهم في ترميم البيت لعدم قدرتهم علي تحمل تكاليف الترميم.
وأوضح أن ٥٠% من هذه البيوت آيلة للسقوط حيث تم اختيار المكان الخاطئ لبنائها، ولم تكن هناك دراسات لاختيار الأماكن الأصلح لبنائها.
وشدد علي أن الحكومات المصرية المتعاقبة لم تعط المسألة النوبية الاهتمام الكافي الذي يحافظ علي كيان المجتمع النوبي.
وأشارإلي أن الإعلام المصري لم يستطع توصيل مطالب النوبيين بتوطينهم في القري الجديدة حول بحيرة السد العالي، إلي الحكومة بشكل صحيح، معتبراً أن الحديث عن عودة النوبيين جميعاً إلي هذه القري غير صحيح.
وقال: «نحن نطالب بأن تكون هذه القري الجديدة امتدادنا الطبيعي». وتساءل «كيف تبيع الدولة الأراضي حول البحيرة للمستثمرين وعندما يطالب النوبيون بإعطائهم جزءاً يتم ترديد نغمة إننا انفصاليون؟»، موضحاً أن هذا الأمر مجرد «شوشرة» أمنية ليس لها أساس من الصحة.
وأكد رفض النوبيين إعادة توطينهم في وادي النقرة، موضحاً أن هذا الوادي مرفوض شكلاً وموضوعاً لأنه غير ملائم. ودعا إلي ضرورة بناء مساكن المغتربين وعددها ٥ آلاف مسكن علي ضفاف البحيرة، كما طالب باستمرار عمليات الإحلال والتجديد للمساكن المتصدعة في قري التهجير.
وشرح مراحل تهجير النوبيين عن أراضيهم والتي بدأت عند بناء خزان أسوان عام ١٩٠٢، حيث تمت هجرة داخلية لست قري نوبية هي «دابود ودهميت وأمبركاب وكلابشة وأبو هور ومرواو»، وانتقل أهالي هذه القري إلي الجبل.
وأشار إلي أنه عند قيام الدولة بالتعلية الأولي لخزان أسوان عام ١٩١٢ هاجر النوبيون داخلياً أيضاً وفي التعلية الثالثة عام ١٩٣٣، وأخيراً تم تهجير النوبيين عن قراهم إلي نصر النوبة عام ١٩٦٤. وقال قيادي بمركز نصر النوبة «إن مقولة إن النوبيين انفصاليون غير صحيحة، فنحن نعتبر أنفسنا أصل مصر، والإنسان النوبي إذا جرحته ينزف وطنية».
وأضاف: «مطالبنا ليست إلا أن يكون لنا امتداد عمراني حول البحيرة». وأشار إلي قرار الرئيس المخلوع السابق مبارك بإعطاء النوبيين وأبناء أسوان الأولوية في التوطين في القري الجديدة حول البحيرة، موضحاً أن كل ما يطلبه النوبيون هو تفعيل هذا القرار. الذي لم ينفذ حتي بعد هدم النظام السابق ولفت إلي أن النوبيين عقدوا عدداً من المؤتمرات لتفعيل هذا القرار، وقال «ليس لدينا أي نوايا انفصالية فمعظمنا موظفون في الحكومة وكل مطالبنا نقدمها عبر الطرق الشرعية».
وأوضح مختار أن المسؤولين في محافظة أسوان يرددون أنه سيتم توطين النوبيين في وادي النقرة وهو ما يرفضه الأهالي هنا، فالوادي ليس به مكان يسع بناء ٥٢٢١ بيتاً للمغتربين و١٠ آلاف فدان حق النوبيين علي الدولة.
وقال: «هناك إحساس عام لدي معظم النوبيين بأن محافظة أسوان تعاملنا معاملة غير لائقة».
وقال إن المصدر الرئيسي للدخل هنا الزراعة، وخروج النوبيين للعمل في الخارج، موضحاً أن كثرة طلب النوبيين السفر للخارج يقابلها عقبة رئيسية هذه الأيام وهي ارتفاع أسعار عقود العمل بصورة كبيرة.
وأشارإلي روح التعاون التي تربط بين النوبيين حيث يتعاونون مع بعضهم البعض في الأحزان والأفراح واحتفاظهم بعاداتهم منذ آلاف السنين.
واعتبرأن المخاوف التي يرددها البعض بوجود اتصالات بين أهالي النوبة المصرية والنوبة السودانية ليس لها ما يبرره، وقال: «الاتصال بيننا أمر طبيعي ويمتد منذ قديم الأزل، وهم أولاد عمنا، فهل أترك صلة رحمي حتي لا يصفنا البعض بأننا انفصاليون».
وقال ناشط نوبي: « نحن النوبيين نضع أنفسنا تحت نطاق سكان الأرض الأصلية، وهناك بالفعل اتفاقيات وقرارات دولية وقعت عليها مصر تنص علي ضرورة الحفاظ علي سكان المناطق الأصلية والحفاظ علي حضارتهم وتراثهم وتنمية المجتمع الذي يعيشون فيه وليس المنتقلين إليه.
وأضاف: «نحن نطالب بتفعيل هذه القرارات الدولية للحفاظ علي التراثي النوبي».
وأشار أبوبكر إلي أن النوبيين يناشدون دائما بمطالبهم داخل مصر، موضحاً أنه تم عقد العديد من المؤتمرات منذ التهجير وحتي الآن لعرض هذه المطالب، وهناك بالفعل العديد من القرارات الحكومية حول المسألة النوبية، ولكن لم تر النور حتي الآن.
وقال: ولكننا نقول للدولة الآن إن هناك جرساً أحمر لعدم إعطاء الفرصة للغرب للتدخل في هذه المسألة، لأن الغرب عندما يتدخل لا يتدخل لصالح مصر أو لصالح النوبيين، وإنما لمصالح خاصة به.
ونفي ما يردده البعض عن وجود تفرقة بين أبناء النوبة من الفاديكا والكنوز والعرب، وقال «كلنا نوبيون ولا تفرقة بيننا فكل من عاش في النوبة فهو نوبي، والنوبة تحتوي من يعيش فيها، ونحن بصدد قضية تجمعنا جميعا وليس هناك أي فرق بيننا».
وأشار قيادي أخر بمركز نصر النوبة، إلي وجود صراع أجيال بين النوبيين حول حق العودة، وقال: «رغم أن هناك تطابقا كبيرا بين الجانبين علي حق العودة، إلا أن هناك اختلافاً في أسلوب المطالبة بهذا الحق».
وأوضح أنه بالرغم من أن الجيل الجديد لم ير النوبة القديمة، إلا أن الجيل القديم زرع به الحنين إليها، مشيرا إلي أن الجيل الحالي في أمسّ الحاجة للعودة نظرا لضيق المساحة هنا وضيق المعيشة، كما أن القري الجديدة حول البحيرة هي المتنفس الوحيد لنا.
وقال: الجيل القديم نظرته للعودة تتمحور حول عودته لقريته القديمة ليموت هناك ويدفن بجوار أجداده.
وقال: إن مركز نصر النوبة له ظروف خاصة تؤدي إلي زيادة الآثار السلبية لإهمال النوبة، حيث إن هذا المركز يقع في منطقة صحراوية جرداء شديدة الحرارة ولا يوجد بها أي وجه من وجوه الاستثمار ومصدر الدخل الوحيد هو دخل الموظفين بالحكومة.
وأشارإلي أنه منذ تهجير النوبيين إلي نصر النوبة كان هناك العديد من القرارات تعطي أهالي النوبة الحق في التعويض عن الأراضي الزراعية التي كانوا يمتلكونها وتعويضهم عن مساكنهم.
ولفت إلي أن الدولة، وبعد بدء استصلاح الأراضي حول بحيرة السد العالي، لا تستجيب لمطالب النوبيين العادلة بإعطائهم الأولوية في الأراضي المستصلحة باعتبارهم أصحابها الأصليين، وقال: «هم لا يطالبون بالاستقلال كما يزعم البعض وإنما يطالبون بالأولوية».
وأشارإلي أن الدولة لديها هاجس أمني ليس له مبرر حول فكرة استقلال النوبيين، موضحا أن النوبيين لديهم اعتقاد بأنهم أصل الحضارة المصرية، وليس من المنطقي أن يفكروا في الاستقلال عن مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق