الاثنين، 26 أكتوبر 2015

العالم سيغرق ويختفي بسبب التغير المناخي ....و مصر تواجه سيناريوهات كارثية نتيجة الاحتباس الحراري

ثقافة الهزيمة .. الحل اسمه هولندا


دول العالم تغرق وتختفي بسبب التغير المناخي ....و مصر تواجه سيناريوهات كارثية نتيجة الاحتباس الحراري



60% من غذاء المصريين معرض للتلف... والدلتا في طريقها للغرق و20 مليون فرد زحمة الهجرة الجماعية
خلال الـ 100 سنة القادمة تصل مياه المتوسط إلى دكرنس ورشيد تتحول إلى خليج
القاهرة والإسكندرية من بين 21 مدينة حول العالم، مهددة بخطر ارتفاع مستوى البحروالغرق
- عاصفة انهيار الجسور الهولندية الشهيرة أبادت 450 موقعا و قتلت 1900 فرد ودمرت47 ألف مسكن.
تخلصوا من التربة المالحة وحولوها إلى مزارع خصبة وشيدوا عليها الكثير من المدن -
يفخرون بمعركتهم ضد البحر،لأنهم أقامواالسدود و الأسوار التي تمنع انهياره مرة ثانية-
-    إعصار كاترينا الذي دمر أكثر من 80 % من مدينة نيوأورليانز دفع الأمريكان للاستعانة بالهولنديين باعتبارهم الأبرز والأشهرفي  مجال مكافحة فيضانات وأعاصير البحر.
-    عقارات بـ 63 مليار دولار و 120 ميناء بحري وجوي و1800 جسراًمعرضون للغرق لو وصل الإعصار استراليا
-    1087 جزيرة تشكل دولة المالديف في طريقة للزوال والاختفاء من على الخريطة
مصر من الدول المعرضة بالفعل للغرق،كما يقول علماء الجيولوجيا ،وذلك نتيجة للدراسات التي تؤكد على ارتفاع مستوى البحر الأبيض المتوسط في خلال الخمسين سنة القادمة, ولخطورة الموضوع وجدنا أنه من المهم أن نعرضه مرة أخرى على القيادة السياسية ونضم صوتنا لأصوات العلماء اللذين تنبؤا بهذا الخطر المحيق والقادم بلا محال , وحتى يعرف الرأي العام أبعاد المشكلة وخطورتها على مستقبل الأجيال القادمة , وبحثنا عن الدول التي تعرضت لارتفاع منسوب البحر لديها في الماضي ووجدنا أن هولندا تعتبر المثال الحيّ الذى ينبغي علينا أن نحذو حذوه في مجال مواجهة الغرق بفعل الطبيعة, وهولندا دولة أوروبية صغيرة المساحة 41.526 كيلو متر مربع و اسمها باللغة الإنجليزية. Netherlands وتعني الأراضي المنخفضة

أكثر بلدان العالم كثافة سكانية

وقد أطلق هذا الاسم عليها نظرا لانخفاض معظم أراضيها عن مستوى سطح البحر وتعد هولندا من أكثر بلدان العالم كثافة سكانية بالنسبة لمساحتها وهي حوالي 17 مليون نسمة, وعندما تأتي سيرة هولندا يقفز إلى الذاكرة أمستردام العاصمة و روتردام ثاني أكبر ميناء في العالم وأكبرهم في أوروبا و مستوى الدخل المرتفع للفرد حوالي 46 ألف دولار سنويا و أيضا شركات هولندية عالمية مثل فيليبس للإلكترونيات وشركة البترول الهولندية الإنجليزية" شل" وطيران الملكية الهولندية KLM والجبنة الهولندية الشهيرة و منتخب هولندا لكرة القدم وزهور هولندا الجميلة وأشهرها زهرة التيوليب وأيضا تعرف هولندا كموطن لاثنين من أكبر رسامين بالعالم و هما فان جوخ ورامبراندت .40 % من الأراضي الهولندية يغطيها البحر

ولكن الذى لا يعرفه الكثيرون أن أكثر من 40 % من الأراضي الهولندية كان في وقت من الأوقات يغطيه البحر أو البحيرات أو المستنقعات لكن الهولنديين نزحوا هذه المياه المالحة وحولوا هذه الأرض منزوحة الماء إلى مزارع خصبة و شيدوا عليها الكثير من المدن.

ويقيم الهولنديون حول هذه الأراضي سدودًا و أسوارًا تمنع طغيان البحر عليها مرة أخرى ( يبلغ طول السدود التي تم بنائها حوالي 3000 كيلو متر) ،وهم يصرفون المياه المالحة في بحر الشمال وفي الماضي كانوا يستخدمون طواحين الهواء في تشغيل مضخات سحب المياه ،لكنهم أحلوا محل معظمها الآن المحركات الكهربائية ومعظم الأراضي منزوحة الماء تقع تحت مستوى سطح البحر ومن ثم فلا بد من استمرار عمليات الضخ ويفخر الهولنديون بمعركتهم ضد البحر

عاصفة دمرت الجسور الهولندية

في الأول من فبراير عام 1953 تسببت عاصفة في انتهاك الجسور الهولندية الشهيرة في أكثر من 450 موقعًا و قتل 1900 فرد الكثير منهم كانوا في حالة نوم وتدمير أكثر من 47 ألف مسكن، و كانت هذه بداية لتقوم هولندا بعدها بإنشاء أقوى شبكة دفاعات بحرية في العالم وتم خلالها تأهيل السواحل وبناء سدود وأهوسة وقنوات ومنشآت لضخ المياه.

في أغسطس عام 2005 ضرب إعصار كاترينا برياحه العاصفة وأمطاره الغزيرة الشواطئ الجنوبية لولاية لويزيانا بالولايات المتحدة الأمريكية.

واتجه مركزه نحو مدينة نيوأورليانز، وغرق أكثر من 80 % من مدينة نيوأورليانز وأصبحت أجزاء منها و بعمق 7 متر تحت سطح الماء و لجأت الولايات المتحدة الأمريكية للاتصال بهولندا للاستفادة من خبراتها فهولندا تعتبر الدولة الأولى بالعالم في مجال مكافحة فيضانات وأعاصير البحر.

الأولى عالميا في مجال مكافحة فيضانات وأعاصير البحر.

وجدت اختبارات قامت بها جامعة أوكسفورد أن القطب الشمالي، سيصبح دون جليد خلال عشر سنوات نتيجة تفاقم ظاهرة الاحتباس الحرارى. ويقول العلماء أن مستوى سطح البحر سيرتفع بحوالي 1,5 متر فى خلال الـ 100 سنة القادمة ، وأن ارتفاع متر واحد فقط في منسوب مياه البحر قد ينطوي على مضاعفات كبيرة وخطيرة بالنسبة للبلدان ذات الأراضي المنخفضة و خصوصا تلك التي لم تتم تهيئة اقتصاداتها لبناء أنظمة متطورة تحميها من مياه البحر

أستراليا في الطريق للغرق

وفى أستراليا حذر تقرير حكومي ، صدر في نوفمبر عام 2009 ، من أن نحو ربع مليون منزل على امتداد سواحل أستراليا عرضة للغرق بحلول عام 2100 جراء ارتفاع منسوب مياه البحر بفعل التغييرات المناخية، و أوضح تقرير "مخاطر التغيرات المناخية على سواحل أستراليا" الذي وضع قيد الاعتبار ارتفاع منسوب مياه البحر بـ1.1 متراً، أن عقارات بقيمة 63 مليار دولار ستختفي تحت البحر، إلى جانب 120 ميناء بحري وجوي من بينها مطارا "بريسبان" و"سيدني" و1800 جسراً،وطالبت وزيرة البيئة الأسترالية بسرعة وضع خطة طوارئ قومية، وفق شبكة ABC

الأسترالية

زوال دولة

وفى المالديف و هي تتكون من مجموعة من الجزر الصغيرة يبلغ عددها 1087 جزيرة في المحيط الهندي ،ولأنها ترتفع بمقدار متر واحد فقط عن سطح البحر و نتيجة لموقعها بالمحيط يعني أنها ستتعرض للغرق كلها و ستصبح مهجورة في حالة ارتفاع سطح البحر متر واحد فقط  ،فبدأت من الآن حكومتها في تخصيص جزء من ميزانية الدولة لشراء أراضي في سيرلانكا والهند وأستراليا لتستقبل سكان المالديف بالمستقبل.

العرب يتجاهلون

تعمدتُ ذكر هذه الأمثلة لِأُبين للسادة القراء مدى اهتمام وجدية الدول الأخرى في مواجهة هذه المشكلة ، وللأسف الشديد لا يوجد اهتمام في الدول العربية كلها ومن ضمنها مصر بمشكلة التغير المناخي ،وكأننا نعيش في كوكب آخر.

وورد خلال تقرير صادر عن الأمم المتحدة عام 2009 أن أكثر الدول تضررًا من ظاهرة الاحتباس الحراري وما يتبعها من نتائج هي دول شرق آسيا والشرق الأوسط  وشمال إفريقيا وموريتانيا وجوانا وتونس والإمارات وجزر البهاما وبنجلاديش وسيريلانكا, و فيتنام ومصر.

   
 اختفاء الدلتا 
و في تقرير اللجنة الحكومية الأمريكية للتغيير المناخي يؤكد أن الدلتا التي عندها يتصل نهر النيل بسواحل البحر الأبيض المتوسط على امتداد 240 كيلو مترا مهددة بالاختفاء الكامل في مستقبل غير بعيد و يقول رئيس اللجنة أل غور نائب الرئيس الأمريكي السابق ( 1993 - 2001) ، والحائز على جائزة نوبل للسلام لعام2007 ، أنه سيشمل مجمل مساحة الدلتا البالغة عشرة آلاف ميل مربع

مصر... وسيناريوهات خطيرة

و يقول تقرير صادر عن البنك الدولي عام 2007 :"إنّ مصر تواجه سيناريوهات خطيرة "كارثية" على علاقة بالاحتباس الحراري حيث إنّ الوضع يبدو خطيرًا حاليًا ويتطلب اهتمامًا عاجلا" ،وفقا للدكتور محمد الراعي أستاذ فيزياء البيئة بجامعة الإسكندرية ، و يضيف د. الراعي قائلا بأنه على الأقل 15 % من مساحة الدلتا مهددة بالغرق في خلال هذا القرن و أن الصيادين و المزارعين في شمال الدلتا والمناطق السكنية و الصناعية الموجودة مباشرة على ساحل البحر وجب عليهم هجرة هذه المناطق.

هجرة أهالي الدلتا...والغرق آتٍ

وقال التقرير:" إنّ المشكلة الأكبر هو أنّ الدلتا مهددة وهي التي تتميز بخصوبة تربتها في حين إنها لا تمثل سوى 2.5 من المساحة يقطنها ثلث المصريين، وإذا بلغ ارتفاع البحر مستوى متر واحد فإنّ ربع الدلتا ستغرق مما سيؤدي بعشر السكّان إلى النزوح منها ، ومع ترجيحات أن يبلغ عدد سكان مصر في حدود منتصف القرن إلى 160 مليونا أي ضعف العدد الحالي، فإنّ العدد قد يناهز 20 مليونا من النازحين"

فى 10 أغسطس 2008 نشرت صحيفة  Süddeutsche Zeitung الألمانية مقال عن تأثير التغيرات المناخية على مصر جاء فيه أنه فى حالة ارتفاع أقل من متر في مستوى سطح البحر ستصبح 7000 كيلو متر مربع من السواحل المصرية مهددة بالغرق ، وأن هذه العملية ستتم بصورة أسرع بسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض

تعرض أراضي الدلتا للنحر

وهناك مقال منقول من صحيفة الجارديان البريطانية ونشرته جريدة المصري اليوم بتاريخ 22 أغسطس 2009 جاء به حذرت صحيفة «جارديان» البريطانية من تعرض أراضي الدلتا في مصر للنحر، مشيرة إلى أن العديد من المزارعين أصبحوا يصرخون بأن أراضيهم تتعرض للتآكل وأن المياه تغزوها، خاصة بعد أن بلغ النحر في بعض المناطق ما يزيد على الـ 100 متر سنوياً، و بعض المناطق التي كانت تعرف بوصفها أراضي زراعية، أصبحت الآن مليئة بمياه ارتفاعها حوالي نصف متر، وأن الدلتا تبدو كمنطقة تم توقيع مذكرة إعدامها بالفعل.

وضاع غذاء المصريين

وتشير الصحيفة إلى أهمية الدلتا لمصر، حيث تنتج 60% من غذاء المصريين كما يقطنها حوالي ثلثيهم، مما يجعل مصر تعتمد على الدلتا في بقائها، مضيفة أن انخفاض منسوب الأراضي في الدلتا، والتي تتفاوت بين الأراضي التي لا يزيد ارتفاع منسوبها على متر عن سطح البحر والأخرى التي يتساوى منسوبها مع البحر وثالثة يقل منسوبها عن البحر يجعل من السهل للغاية أن يتحول العديد من أراضي الدلتا، بما في ذلك ميناء الإسكندرية نفسه، إلى جزء من البحر و كثير من العلماء يتوقعون أن تنزوي 20% من أراضي الدلتا تحت مياه البحر خلال الـ 100 عام المقبلة، إلا أن آخرين يتوقعون أن تصبح حدود البحر المتوسط الضواحي الشمالية للقاهرة.

المسؤولون يتجاهلون

وتنبه الصحيفة إلى أن ظاهرة النحر بدأت في الظهور بالفعل، إما بشكل «لطيف» من خلال ذوبان التربة التدريجي في البحر، أو بشكل عنيف وتراجيدي من خلال انهيارات التربة الكبيرة في الأراضي الساحلية في البحر، وتحذر الصحيفة من أن الكثير من المسؤولين المصريين يتعاملون مع ظاهرتي الاحتباس الحراري والنحر على أنهما غير حقيقيتين، بينما يرى آخرون أنهما أكبر من أن يفعل الإنسان شيئاً بشأنهما.

رأس البر أكلتها الأمواج

 تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر عند مصب النيل في رشيد

الصورة العليا توضح الوضع حاليا والسفلى الوضع عند ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار متر واحد.

المصدر: البنك الدولي عام 2007    

في كتاب الأرض والماء والتنمية في الوطن العربي ، الصادر عام 1999 ، يقول المؤلف د. عبد المنعم بلبع أستاذ علوم الأراضي والمياه بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية:"إن نقص الطمي في ماء النيل قلل من الرواسب التي يلقى بها في البحر الأبيض المتوسط  ولذا زاد تآكل الشواطئ شمال دلتا نهر النيل".

 و يقول بعض الخبراء:" إن رأس البر ستختفي تماما يوما ما وستأكلها الأمواج بعد امتناع وصول الطمي الذى كان يشكل حاجزا طينيًا أمام الشواطئ المصرية وهم يقدرون المدة اللازمة لاختفاء منطقة رأس البر حوالي 25 سنة ما لم تتخذ الإجراءات التي تمنع أو تعطل ذلك ، و من رأيهم أنه خلال الـ 100 سنة القادمة قد تصل مياه البحر الأبيض المتوسط إلى دكرنس شمال المنصورة و كذلك رشيد التي ستتحول إلى خليج، والواقع أن مشكلة تآكل الشواطئ المصرية حقيقة قائمة حتى قبل انقطاع وصول الطمي إلى البحر ، ويذكر المختصون أن مستوى سطح البحر يرتفع و لا يعرف أحد متى يتوقف هذا الارتفاع و يؤدى ذلك إلى ارتفاع الأمواج مما يؤدى إلى زيادة تآكل الشواطئ و زيادة زحف الماء إلى الداخل.

حماية طبيعية للمناطق الساحلية

و يرى د. ثروت عبدالفتاح ، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية ، إن الكثبان الرملية الموجودة على الشواطئ الممتدة بإدكو هي حماية طبيعية للمناطق الساحلية من طغيان البحر خاصة في ضوء الدراسات الغربية التي تتوقع غرق الدلتا ، وهذه الدراسات رغم أننا لا نتفق معها في أنها حددت غرق الدلتا خلال 20 عاما إلا أن الخطر قائم، خاصة في ضوء التدخلات البشرية مثل عمليات تجريف الكثبان الرملية التي تتم حاليا بالإضافة إلى تأثير توقف ترسيب الطمي بسبب إنشاء السد العالي وهو ما يهدد مناطق غرب الدلتا بالخطر.

ويحذر د. ثروت من ارتفاع منسوب المياه الجوفية؛ لأنه لو حدث غرق فيمكن أن يكون من أسفل عن طريق ارتفاع منسوب المياه الجوفية وليس من أعلى عن طريق طغيان البحر وأعطى مثلا بما يحدث حاليا في مدينتي العبور والعاشر من رمضان ، علمًا بأن مياه البحر الأبيض المتوسط من أسفل تربة دلتا النيل وصلت حتى مدينة طنطا.

حفر الآبار في الدلتا

و يقول الخبير الإنشائي د. ممدوح حمزة، أستاذ ميكانيكا التربة بجامعة قناة السويس :" إنه في أثناء حفر الآبار في الدلتا لوحظ خروج مياه البحر وهو ما يعني أن التهديد بغرق الدلتا ليس سطحيا فقط ،فالتربة المكونة للدلتا بعضها رمال و بعضها طينية وعن طريق الرمال تنفذ المياه و تتسرب إلى باطن الأرض.

ويؤكد عالم الفضاء د. فاروق الباز، مدير مركز أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية ، لقد حذرت بالفعل العديد من المنظمات المعنية بالتغيرات المناخية، وأكدت علي وجود 21 مدينة حول العالم، مهددتان بخطر ارتفاع مستوى البحر، ومن هذه المدن القاهرة والإسكندرية في مصر، و أن اللجنة الحكومية الدولية أصدرت تقريرا موسوعيا بعنوان تغير المناخ 2007 ، والذي أعده 600 خبير من 40 دولة بينهم مصريون في ثلاثة أجزاء وهو ما يؤكد علي أن احتراز النظام المناخي ليس مبالغا فيه، خاصة وأن كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بلغت أقصى حد لها منذ 650 سنة بمعدل 379 جزءًا من المليون.

ويضيف د. فاروق الباز قائلا :"فيضان البحر يهدد مصر من منطقتين أساسيتين في دلتا النيل، هما الظهير الداخلي لمدينة الإسكندرية (بحيرة مريوط والأجزاء الغربية من محافظة البحيرة)، علما بأن هذه الأراضي تقع دون سطح البحر، ومنطقة شمال الدلتا (بحيرة المنزلة وبحيرة البرلس وتخومها الجنوبية) ،مما يعني أن المنطقة الساحلية في دلتا مصر بالغة الحساسية تجاه تأثيرات تغير المناخ بالشكل الذي يجعلها مهيأة لاستقبال عصر الطوفان العالمي.

تدمير كامل لزراعات القمح والأرز

أما عن باقي الساحل المصري فمن المتوقع أن يؤدي ارتفاع البحر بين 0.5 متر إلي متر خلال القرن المقبل إلي ابتلاع البحر لحوالي 30% من مدينة الإسكندرية ومدينة بورسعيد هي الأخرى مهددة بأخطار مماثلة ، وأن ارتفاع منسوب البحر ،سيكون له عواقب خطيرة ، وهذا بالطبع سيعني تدميرًا كاملًا لزراعات القمح والأرز وباقي الزراعات في دلتا مصر، كما سيؤدي إلي تلوث المياه الجوفية ومياه النيل بمياه البحر ويجعلها غير قابلة لا للزراعة أو للري.

البحر يبتلع دول

ويعود د. فاروق الباز في حديث بقناة الجزيرة وبالتحديد في برنامج بلا حدود في 18 نوفمبر 2009 و مدعما بصور من الأقمار الصناعية، ليوضح بأنه من الأماكن المهددة بابتلاع البحر لها دلتا النيل في مصر ومناطق صغيرة أخرى في كل من( قطر و الكويت و الإمارات و تونس و ليبيا و موريتانيا).

شاهد من هنا   https://youtu.be/MRwoe3iTuDo
https://www.youtube.com/watch?v=MRwoe3iTuDo

ويرجح بعض الخبراء غرق أجزاء من مدن( رمانة وبور فؤاد و القنطرة والمطرية والمنزلة ودمياط  وفارسكور وبلطيم والخلالة والحامول وسيدى سالم وأدفينا ورشيد وأدكو ودمنهور وكفر الدوار وأبو المطامير وأبوقير والمعمورة)

خبير البيئة د. مصطفى كمال طلبة ، المدير السابق لبرامج الأمم المتحدة للبيئة، يقول:" القياسات الحالية أثبتت أن مستوى سطح الأرض يهبط في الإسكندرية بمعدل 1.5 مليمتر سنويا و في بورسعيد بمعدل 2.75 مليمتر،بينما يرتفع مستوى سطح البحر بمعدل 5 مليمتر سنويا و هذا يعنى 7 مليمتر سنويا و في 100 عام يصبح 70 سنتيمتر، وأنه عند قياس درجة ملوحة المياه الجوفية في الدلتا وجد أنها ارتفعت كثيرا عمَّا كانت عليه من 20 ـ 30 سنة الماضية ، وأن مياه البحر المالحة تختلط بصورة أكثر بالمياه الجوفية الموجودة داخل الدلتا.

 خطورة غرق السواحل الشمالية

ويطالب الدكتور طلبة الحكومة المصرية بالتحرك السريع ،لمواجهة خطر غرق السواحل الشمالية لمصر بفعل التغيرات البيئية والمناخية مشيرا أن 95 % من علماء العالم يتوقعون غرق الدلتا، وأن الحكومة المصرية سيمكنها مواجهة غرق السواحل الشمالية عبر تخصيص 5 % من ميزانيتها و الباقي يمكن الحصول عليه من المساعدات الدولية ، وأكد أن تقرير اللجنة الدولية لتغير المناخ الصادر في عام 2007 شدد على أن قضية تغير المناخ و الاحتباس الحراري لم يعد حولها نقاش ؛لأنها أصبحت أمرا واقعا مضيفا أن ما بين 5 % و 6 % من علماء العالم يتوقعون ذهابنا إلى عصر جليدي ،فيما يجمع 95 % من العلماء على غرق الدلتا.

وهنا أود أن أقول:" إننا يجب توقع الأسوأ ،وهو حدوث تسارع في هذه المعدلات وعليه يجب أخذ هذا في الحسبان،علما بأنه في قمة المناخ التي انعقدت في كوبنهاجن في ديسمبر عام 2009 تعهدت الدول الصناعية بتوفير 30 مليار يورو، لمساعدة البلدان النامية في مواجهة التغيرات المناخية على مدى الثلاث سنوات القادمة ،فمثلا تعهد الاتحاد الأوروبي بتوفير 7.2 مليار يورو ،بينما تعهدت أمريكا بتوفير 10 مليار دولار على أن يتم تقديم مساعدة تقدر بـ 100 مليار دولار سنويا ابتداءً من عام 2020

أبوقير أضعف نقطة

وفى مدينة الإسكندرية تعتبر منطقة أبوقير أضعف نقطة وحدث تقدم مستمر لمياه البحر و يتوقع خبراء أنه قد تكون هناك بداية النهاية و اختراق البحر للساحل ،لتحول مدينة الإسكندرية إلى جزيرة ، و أخطر من ذلك يحدث في مدينة رشيد ،فمنذ الثمانينات تراجع الساحل بحوالي 2 كيلو متر للخلف و كانت هناك مباني وكافتيريات تطل على الساحل أصبحت الآن جزءًا من البحر، وكان يتم وضع مصدات خرسانية ولكن بلا فائدة والآن توقفوا وأصبحت المعركة ضد البحر بدون أمل.

كارثة طبيعية بالدلتا

وفى عام 2009 صدر تقرير لشبكة الأنباء الإنسانية التابعة للأمم المتحدة «إيرين» من أن منطقة الدلتا في شمال مصر ستواجه كارثة طبيعية كبيرة بحلول عام 2020 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة ،لتحسين إدارة موارد المياه العذبة والتوصل إلى حلول لمواجهة ارتفاع منسوب مياه البحر وتسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية.

ونقص الموارد المائية والزراعية

وفي أول اعتراف حكومي بالتحذيرات الدولية والمحلية من غرق دلتا النيل في غضون السنوات المقبلة، أكد د. ماجد چورچ وزير البيئة، خلال اجتماع لجنة الصحة بمجلس الشعب في عام 2009، أن مصر،ستشهد في عام 2020 تغيرات مناخية كبيرة قد تؤدي إلي غرق جزء كبير من منطقة الدلتا بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وأن الدولة قد تضطر إلي تهجير بعض سكان المدن الساحلية، موضحًا أن التغيرات المناخية ستؤدي إلي اختفاء الشعب المرجانية بالبحر الأحمر، ونقص موارد المياه والإنتاج الزراعي انتهى.

خسارة أخصب الأراضي

ومن المخجل فعلا أنه في الوقت الذى كسبت فيه هولندا أراضي شاسعة من البحر نقف نحن وبمزيج من الجهل والإهمال مكتوفي الأيدي أمام التهديد بخسارة أخصب قطعة في مصر!! لابد أن يكون لدينا سيناريو لمواجهة أسوأ الاحتمالات وكل ما سبق يؤكد أن ما نفعله من محاولات ترقيع و بصورة بدائية لم ولن تجدي ولا بد من مشروع بناء شبكة دفاعات بحرية من الطراز الضخم مثلما فعلت هولندا.

وهنا يمكن لنا أن نحدد المشكلة في نقطتان:

 الأولى  : ارتفاع منسوب المياه الجوفية.

 والثانية: الارتفاع المتوقع لمستوى سطح البحر.

وأيضا نتساءل ماذا يجب على مصر أن تفعل في مواجهة هذه المخاطر المتوقعة؟

حوالي 70 % من مياه الصرف الصحي في القاهرة يتم تسربها من شبكة مجاري القاهرة في باطن الأرض بسبب شبكة المجاري القديمة والتالفة ، والتي يجب تجديدها فورًا ، وهذا يؤدى إلى المساهمة في رفع منسوب المياه الجوفية في القاهرة، ونظرًا لاحتواء القاهرة على كم هائل من المباني القديمة الأثرية ، والتي أصبحت مهددة بالانهيار نتيجة ارتفاع المياه الجوفية ،فهنا علينا طلب مساعدة دولية ،كمنح لتجديد شبكة الصرف الصحي لحماية الآثار.

حائط خرساني ،لصد المياه عن الشواطئ المصرية

يقول د. ممدوح حمزة:" إنه لا يمكن بناء حائط خرساني ليصد المياه عن الشواطئ المصرية و يحذر من أن هذا الحائط سيمنع فقط المياه السطحية ،لكن المياه المتسربة من أسفل التربة ستتمكن من النفاذ و أيضا إلى دلتا النيل نتيجة طبيعتها التي تسمح بمرور الماء ، ويقترح بدلا من ذلك إنشاء شاطئ جديد على الدلتا باستخدام التربة ورمال قاع البحر المغمورة وإعادة ضخها على الشواطئ المصرية مما يزيد ارتفاعها لأعلى من مستوى سطح البحر بالإضافة إلى ذلك يتم بناء حائط من مادة البنتونية أسفل التربة في الدلتا لمنع تسرب مياه البحر من أسفل أراضيها.

أفضل طريقة للحماية من الفيضانات

وهذا ما يذهب إليه بعض الخبراء بأن أفضل طريقة للحماية من الفيضانات في المستقبل تتمثل فيما يسمى بالمصدات الساحلية الناعمة وهى تتمثل في توسيع السواحل ،للحصول على كثبان و تلول ساحلية عريضة وعالية و بسبب تكاليفها المنخفضة فإن هذه المصدات هي الخيار الواقعي في بلدان العالم الثالث.

ولكن هناك آراء لخبراء آخرون تقول بأن الشواطئ على مستوى العالم ستعاني في المستقبل من ارتفاع مستوى سطح البحر والتي تزداد معها سرعة الرياح و قوة الأمواج وقبل كل ذلك الرمال الناعمة ستنقل من مكانها وكثيرا من الشواطئ الناعمة العالية سيتهددها الفيضانات الدائمة ( الطوفان ) ، وهذه معناة أن توسيع السواحل وإنشاء الشواطئ الرملية العالية فقط ،مثلما يقول د. ممدوح حمزة سيكون غير كافي للحماية.

وهنا لتثبت هذه الشواطئ الرملية العالية ينبغي وجود حل قد يكون تشجير هذه الشواطئ لو أمكن ،لأن الأشجار وجذورها تجعل بها تماسك أو وضع أحجار بطريقة فنية بها ،لتدعيمها من الانجراف إلى البحر.

أهوسة على نهر النيل

وأيضا إنشاء أهوسة عند مصب نهر النيل أو بطول تلاقي الدلتا مع البحر ليمكن إغلاقها في حالة ارتفاع سطح البحر وحتى لا تندفع مياه البحر المالحة إلى مجرى النيل، وربما تحويل مصب نهر النيل إلى الصحراء و بعيد عن البحر وفى هذه الحالة يمكن الاستفادة من المياه الضائعة بالبحر في زراعة بالصحراء.

أما د. عمران فريحي ، الأستاذ بمعهد بحوث الشواطئ بالإسكندرية ، فيقول بأنه يكفى فقط تدعيم بعض المناطق الضعيفة على الساحل !!! ويعارض هذا الرأي خبراء البيئة العالميين ومنهم جاك أونجبونو ، والذى يعمل في برامج التنمية التابعة للأمم المتحدة، والذين يقولون بأن السد يجب أن يكون على امتداد الساحل كله وإلا سيزيد أكثر تآكل الشواطئ والنحر في المناطق التي لم يتم تدعيمها على الساحل.

تثبيت السواحل

وهناك أيضا ضرورة لحماية الأعشاب المرجانية أينما وجدت لأنها لها دور إيجابي في تثبيت السواحل ومنع جرف مياه البحر لرمال الشواطئ، ومن أهم وسائل الحماية هو منع تلوث مياه البحر بمياه الصرف والمخلفات ؛لأنهم يؤدوا إلى موت الأعشاب المرجانية وتفاقم أكبر للمشكلة.

وهنا تبقى الكلمة الأخيرة للخبرة الهولندية لمعالجة مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية والارتفاع المتوقع لمستوى سطح البحر.

هذا المشروع مكلف ماديا و يحتاج لعمل ووقت كثير لإتمامه ، وكلما بدأنا مبكرًا ،كلما كانت إمكانية إنقاذ دلتا النيل أكبر وربما يكون هذا أكبر مشروع بناء هندسي في مصر منذ بناء السد العالي في أسوان ، وهناك فائدة تتمثل في أن هذا المشروع سيساهم في توفير الكثير من فرص العمل للمصريين.


أول وقفة احتجاجية حكومية

أما ما نشرته جريدة المصري اليوم في 8 يناير 2010 أن وزارة البيئة المصرية نظمت أول وقفة احتجاجية حكومية ، اعتراضًا على نتائج قمة كوبنهاجن للتغيرات المناخية، بهدف حث قادة العالم على سرعة اتخاذ قرارات حاسمة ؛لإنقاذ كوكب الأرض وشارك في المظاهرة عدد من القيادات الحكومية والشعبية وعدد من الشباب الذين قاموا خلالها بإضاءة عدد كبير من شموع الأمل !!! في مبنى جهاز شؤون البيئة بأسوان ،فهذا لن يجدي وأوهام ،وكأننا نتعلق في حبال الهواء الدائبة ، و للعلم أيضا هذه المظاهرة لم يسمع بها أحد في أوروبا أو أمريكا و هذا يعنى أنه نوع من التهريج و للاستهلاك المحلي.


جريمة في حق الأجيال القادمة.

إن استمرار الإهمال في هذا الملف الهام يعتبر جريمة في حق الأجيال القادمة و يجب أن يتم وضع خطة واستراتيجية مستقبلية بواسطة الجهات المتخصصة في المجال البحري و ضرورة الاستعانة بخبراء من دول لها خبرة أكبر في هذا المجال مثل هولندا وألمانيا ،للاشتراك في وضع وتنفيذ مشروع ضخم مثل النموذج الهولندي لحماية دلتا النيل وشواطئ مصر و البدء فورا في التنفيذ ، وأيضا السعي بجدية للحصول على مساعدات دولية للمساهمة في تكاليف المشروع ، وبصورة أوضح لن يأتي لنا أحد ليعطي لنا تمويلا للمشروع ،ولكن علينا أن نذهب للآخرين ونطلب التمويل ونلح عليه ، ولا ننس أن جيل جديد من المصريين سيحصل على المعرفة وسيتدرب على التكنولوجيا الأجنبية المتقدمة من الدول المشاركة بالمشروع حتى نستطيع بمفردنا بالمستقبل التعامل مع هذه المشكلات وأن نطور تكنولوجيا وأساليب جديدة في هذا المجال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Ads Inside Post