الـــفــــقـــر في مــــــصر
حالة الفقر التي يعيشها الشعب المصري تسببت في تهميش فئات كبيرة من المجتمع وخلق حالة من التذمر وعدم الاستقرار في كافة المجالات ، محملين الدولة بسياستها الحالية مسؤولية تفاقم الفقر بعد فشلها في معالجة مسبباته الهيكلية نظرا لغياب عدالة توزيع الدخل القومي ... الفقر في مصر صناعة بشرية نجمت عن فشل سياسات التنمية التي كانت متبعة في نصف القرن السابق والتي أدت في النهاية إلى نتائج كارثية في مجال الفقر والإفقار ، حيث يوجد 20.5 مليون فقير مصري ضمن فئة الفقر المدقع و 35.8 مليونا يقل دخلهم اليومي عن دولارين ، في حين يستحوذ 20 ٪ على 43.6 ٪ من الدخل القومي ولا يحصل أفقر 20 ٪ على أكثر من 8.6٪ من الدخل القومي .... وبقدر ما هناك اشكال وألوان من الثراء فى المجتمع المصرى ... الا انه توجد ايضا اضعافها من الجوع والعطش والمرض والعرى .... لقد اندهشت جدا من منظر لن انساه طوال حياتى عندما ذهبت لعمل تحقيق استقصائى عن مشكلة الفقر فى مصر منذ سنوات فى احدى قرى الصعيد الاكثر فقرا .... لقد وجدت فلاحا كسيحا نائما بجوار حائط فى الشمس مغطى بالذباب ... والى جواره نامت اوزة مربوطة فى رجله ... ثم ان هناك مسمارا قد نفذ من رجل الاوزة الى الارض حتى لا تتحرك ، فتمتلىء بالشحم واللحم ... واذا باضت الاوزة لاتذهب البيضة بعيدا ! ! هذا الرجل يعيش على هذه الاوزة ... فهذه الاوزة هى المصنع الذى ينتج له البيض الذى يشترى به الشاى والسكر والأرز ... واذا ضعف انتاج المصنع ( الاوزة ) يبيع المصنع ويشترى مصنعا اخر ، اقصد اوزة اخرى ، وهكذا ! ! ...
لقد قلت يومها : ( ان هذا هو منتهى الفقر ) ... والفقر ليس مشكلة مصر وحدها بل هو مشكلة معظم بلدان العالم ... فمثلا ( هونج كونج ) ، تلك الجوهرة الملقاة فى الوحل ، حيث يوجد اغنى اغنياء العالم توجد منطقة اسمها ( ايردين ) ... عبارة عن مراكب وزوارق قذرة متأكلة عائمة على سطح الماء يعيش فيها الناس بمئات الألوف ... وفى هذه الزوارق والمراكب العائمة يتوالد الناس ... ويخرجون للعالم فتيات صغيرات ناعمات جميلات .... هؤلاء الفتيات يخرجن الى عرض البحر ، وتتدلى لهن سلالم السفن ... وتختفى الفتيات فى احضان البحارة ساعات واياما ... ويظل الاب والام فى انتظار عودة الفتيات بربح الدعارة الناتجة عن مشكلة الفقر ... وقد تستغرب اذا عرفت ان الاب قد يتفق مع البحار على ابحار ابنته اسبوعا او شهرا ... او على بيعها تماما ! ...
إن انتشار الفقر يمثل قنبلة موقوتة شديدة الانفجار تؤدي إلى تعطيل وتحطيم القوى والإمكانات الإنتاجية والإبداعية في المجتمع وتصنع مجتمعات لا تتمتع بالأمن والاستقرار اللازمين للتنمية والتقدم ، كما أنه يقسم المجتمع إلى فئتين متصارعتين ومتقاتلتين ..... وهنا فى مصر احذر من تعظيم الفروق الطبقية أي ازدياد الأغنياء غنى وازدياد الفقراء فقرا ، وتحول المجتمع إلى جزر من الرفاهية وسط محيطات من الفقر ، وما يترتب عليه حالة من حرب الجميع ضد الجميع وتظهر حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي ومن العنف وتدمير وانهيار للبيئة ... .. من الملاحظ أن ظاهرة الفقر موجودة في كل دول العالم ، ولكن الفقر موزع بطريقة غير متكافئة بين مناطق العالم المختلفة ، وكذلك فيما بين المناطق المختلفة داخل الدولة الواحدة ..... ومن المفترض أن حياة الإنسان تقاس بالدخل الذي يحصل عليه الفرد ، بمعنى أن حياة الرجل الإنجليزي تساوي حياة مائة من الهنود على سبيل المثال .... وحدد البنك الدولي مفهوم الفقر على أنه عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة ..... والفقر ليس من مشاكله عدم المساواة حتى لا تختلط المفاهيم ، ولابد من التأكيد على التفرقة بينهما . ففي حين أن مفهوم الفقر ينصرف إلى المستوى المطلق لمعيشة جزء من السكان وهم الفقراء ، فإن مفهوم عدم المساواة ينصرف إلى المستوى النسبي للمعيشة خلال المجتمع بأسره . علما بأن تخفيض الفقر في دولة ما وفي لحظة ما يتحدد بمعدل نمو دخل السكان في المتوسط ، وبالتغير في توزيع الدخل . فالنمو الضعيف وضعف آليات التوزيع العادل للدخل يؤديا إلى زيادة مستوى الفقر ..... أما الفقر فهو عدم القدرة على الحصول على الحد الأدنى من مستوى المعيشة ......
وللفقر عدة أوجه تتمثل في : عدم كفاية الدخول ، وسوء التغذية ، وانعدام الوصول إلى الضمان الاجتماعي ، وانعدام الوضع الاجتماعي والسياسي . وهكذا فإن مستوى الفقر هو مستوى الدخل الذي يكون كافيا لضمان مستوى غذائي مناسب للأسرة ، بالإضافة لتغطية متطلباتها الدنيا من المواد غير الغذائية ..... ونحتاج إلى تعريف مفهوم الفقر بدقة ووضوح حتى يمكن علاج أسبابه علاجا صحيحا وفعالا ..... ذلك أنه يجب أن تكون خطط التخفيف من حدة الفقر على دراية بالأسباب والعوامل التي تؤدي لحدوث الفقر ، بدلا من الاكتفاء بالعمل على التصدي لواقعه ..... أما الفقر الذاتي فيقيس درجة الفقر من منظور الفقراء أنفسهم ، حيث يعرف الفقر من وجهة نظر الفرد ذاته . فإذا شعر بأنه لا يحصل على ما يحتاج إليه ، بغض النظر عن طريقة تحديده لاحتياجاته الأساسية ، فإنه يوضع ضمن الفقراء ....... ويمكن أن يطلق على هذا النوع اسم : " التعريف الذاتي للفقر " ..... وفي مصر ، ما زال الفقر الذاتي مرتفعا .......
ووفقا لإصدار حديث للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ، بلغ هامش الفرق بين خط الفقر والفقر الذاتي أكثر من 35 ٪ في المدن الكبرى بمصر ..... كما أن فقر القدرات مرتفع أيضا ، فوفقا لهذا المقياس يعتبر 34 ٪ من المصريين فقراء ..... تؤدي الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر ، والتي تهدف إلى التعجيل بالمسارات المختلفة للإصلاح ، إلى زيادة ظاهرة الفقر بين فئات المجتمع المصري ، وتتزايد حدة هذه الظاهرة في مناطق معينة أبرزها منطقة الصعيد .... وتتعدد المظاهر السلبية لهذه الظاهرة على المجتمع المصري ، من تهميش الطبقات الفقيرة في المجتمع ، واستبعادها من لعب دور مؤثر في أحداث التنمية ، بالإضافة إلى شعور أفراد هذه الطبقات بالحرمان والعوز .... إلا أن جهود الدولة يجب أن يتضافر معها جهود فئات المجتمع المختلفة للحد من انتشار هذه الظاهرة ، بما لها من آثار سلبية متعددة على مسار التنمية في البلاد .... كما يجب على الحكومة المصرية استخدام عدد من الوسائل المبتكرة في وضع حلول جذرية لمشكلة الفقر في مصر ، ولعل من أهمها ابتكار حملة إعلامية مصممة جيدا تهدف لتغيير فكر الفئات المختلفة في المجتمع تجاه التوظف بالحكومة ، وضرورة قيامهم بالمبادرات المختلفة لإقامة المشروعات الخاصة الصغيرة والمتوسطة ، وتحمل دورهم في ذلك .....
كما يجب وضع خطة متكاملة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي ترغب الدولة في توجيه عجلة الإنتاج إليها ، وذلك بناء على دراسات واسعة ومكثفة لاحتياجات الأسواق المحلية والدولية .... كما يجب على الدولة وضع خطة عمل ذات محاور ثلاثة للقضاء على الفقر ..... وأول هذه المحاور هو محور تدعيم النمو الاقتصادي ، بهدف تقليل حدة الفقر .... والمحور الثاني هو مدخل التنمية البشرية ، من خلال زيادة الاستثمارات الموجهة إلى التعليم والتدريب والصحة ، بالإضافة إلى تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني للقيام بدورها المتوقع لها في القضاء على ظاهرة الفقر .... أما المحور الثالث فيتعلق بالرفاهة الاجتماعية ، من خلال ترشيد المدفوعات التحويلية والدعم
الفقر
تضم دائرة الفقر بليون فرد في العالم بعد الهند والتي يقل فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنويا، ومنهم 630 مليون في فقر شديد (حيث متوسط دخل الفرد يقل عن 275 دولار سنويا)، وإذا أتسعت الدائرة وفقا لمعايير التنمية البشرية لشملت 2 بليون فرد من حجم السكان في العالم البالغ حوالي 6 بليون فرد، منهم بليون فرد غير قادرين على القراءة أو الكتابة، 1.5 بليون لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وهناك طفل من كل ثلاثة يعاني من سوء التغذية، وهناك بليون فرد يعانون الجوع، وحوالي 13 مليون طفل في العالم يموتون سنويا قبل اليوم الخامس من ميلادهم لسوء الرعاية أو سوء التغذية أو ضعف الحالة الصحية للطفل أو الأم نتيجة الفقر أو المرض.
ان الفقرظاهرة متعددة الأبعاد تشمل مؤشرات كميه وكيفيه ومن هنا مظاهر الفقر: -
1 - البطالة
تعتبر معدلات البطالة المرتفعة في الجزائر عن حالة الإختلال التي يشهدها سوق العمل، وقد ساهم برنامج التصحيح الهيكلي في إتساع حدة هذا المشكل من خلال إنخفاض الطلب الكلي، كما أن من أهم مكاسب العولمة يكمن في التقدم التقني الذي يسمح بزيادة إنتاج السلع إلا أنه لا يخلق مناصب عمل جديدة بل قد يتسبب في القضاء على بعضها حيث أصبح إكتساب التكنولوجيا المتطورة يتم على حساب مناصب العمل.
2 - إتساع الهوه بين الفقراء والأغنياء
إن إتساع الهوة على مستوى العالم يعني إنكماش الثراء في فئة معينة، ففي سنة 2000 تملك الدول المتقدمة 80٪ من الدخل العالمي وهي تمثل 20٪ من سكان العالم، و بالتالي أصبح العالم تحت سيطرة تلك الدول.
3 - الإنفجار السكانى
يشكل تزايد السكان ضغطا على الموارد والبيئة، كما يؤثر على نوعية الحياة على الكرة الأرضية، خاصة إذا كانت تلك الزيادة تتم بين السكان الذين يعيشون في حالة فقر، كما أن الحياة على الكرة الأرضية لا يمكنها أن تتحمل 6 مليارات نسمة الأخدين في التزايد بحيث سيصبح عدد سكان العالم 10 مليارات نسمة خلال السنوات القادمة.
4 - الصراعات والحروب
تشكل الصراعات والحروب عاملا هاما في تفاقم حدة الفقر سواء الداخلية أو الإقليمية خاصة في الدول المتخلفة، ومن أهم اثارها السلبية نجد مشكلة الاجئين، تدني أوضاع التنمية البشرية خاصة التعليم، الصحة، الإسكان والرعاية الإجتماعية، بالإضافة إلى الأزمة الإقتصادية وتزايد حدة الفوارق الإجتماعية.
5 - الديون الخارجية
تعتبر المديونية إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه الدول النامية بحيث أن تسديد الديون وأقساطها يستنزف جزءا هاما من مداخيل الدول المدينة ويزداد الوضع خطورة إذا كان الإقتراض قصد تسديد فوائد وأقساط الديون السابقة، لذلك تصبح تلك الدول تعاني من حلقة مفرغة مما سوف يساهم في إستمرار تفاقم أزمات ومشاكل عديدة وبالتالي تكريس حالة الفقر.
6 - التهميش والحرمان
يعاني الوطن العربي من عدة مشاكل جوهرية أهمها البطالة والأمية وفقدان الأمن الغدائي والمائي والصحي مما سمح باتساع حدة الفقر.
7 - فقدان الديموقراطية
إن الديمقراطية لا تتعايش مع الفقر إذ أن الفئات المهمشة ماديا وإجتماعيا لا تجد الوقت الازم للنشاط السياسي والمشاركة في تنظيمات المجتمع المدني بل تقضي وقتها لإشباع حاجاتها الأساسية. والتاريخ السياسي لأوروبا يؤكد أن التوترات الإجتماعية والإضطرابات الشعبية و إنتشار البطالة ساهم في إنتكاس الديمقراطية.
آثار الفقر
إن للفقر آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة على البلدان، حيث أنه عامل سلبي يؤدي إلى تفاقم الوضع وتدهوره أكثر، فإذا كانت هناك أسباب معينة أدت إلى ظهوره، فإنه يؤدي إلى تعقيد هذه الأسباب، وبالتالي ارتفاع تكلفة الحد منه أو القضاء عليه.
فمن الجانب الاجتماعي يمكن ملاحظة مايلي:
ظهور انحرافات كبيرة على مستوى سلوك الأفراد وأخلاقهم، ففي الأثر كاد الفقر أن يكون كفرا، وبالتالي تظهر سلوكيات جديدة تخالف العادات والتقاليد، والدين، حيث أن الفقير غير المتعفف، يجيز لنفسه كل الأمور التي تمكنه من الحصول على لقمة العيش.
عدم تمكين الأطفال من التمدرس، أو التمدرس الجيد، فارتفاع عبء الإعالة الذي هو من أسباب الفقر يؤدي بالآباء إلى التخلي عن مسؤولياتهم في تعليم أطفالهم، وتوفير الظروف الملائمة لذلك، مما يؤدي إلى انتشار الأمية بين الأطفال.
بروز ظاهرة عمالة الأطفال، وآثارها السلبية على المجتمع والاقتصاد.
تدهور الوضع الصحي، خاصة بالنسبة للأطفال (ارتفاع الوفيات)، وقلة العناية بهم، وتنطبق كذلك على الكبار، وبالتالي التعرض بدرجة عالية للأمراض، وللعدوى المزمنة.
أما الجانب الإقتصادى:
ظهور الفساد وانتشاره بشكل يؤدي إلى تعطيل المصالح الاقتصادية للبلد، فرغم أن الفساد في تسيير الشؤون الاقتصادية يمكن اعتباره من مسببات الفقر، إلا أن وجود هذه الظاهرة تؤدي إلى تنميته وظهوره للعيان بشكل ملفت للانتباه، حيث أن مع الفقر تزول كل المحضورات، فالموظف الذي لا تمكنه وظيفته من تلبية حاجياته وحاجيات أسرته يصبح موظفا فاسدا.
تدهور معيشة الأفراد.
ظهور الآثار الاجتماعية، يؤدي إلى قلة مرد ودية الأفراد، وضعف مستوى نشاطهم الاقتصادي، الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض دخل الدول.
أنواع الفقر
1) الفقر النقدى: ويشير إلى ما إذا كانت الأفراد أو الأسر المعيشية لديهم الموارد الكافية لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
2) الفقر غير النقدى: ويشير إلى مدى الحرمان من الحصول على الاحتياجات الأساسية من السلع والخدمات مثل الغذاء الكافى، أو المسكن، أو الصرف الصحى، أو الرعاية الصحية، أو التعليم.
3) فقر الحاجات الإنسانية: ويشير إلى الحرمان من إشباع الحاجات الإنسانية. وقد تم تحديد مجموعة من الفئات الأساسية للاحتياجات الإنسانية التى من المفترض أن يتم تقييم فقر الأفراد أو الأسر على أساسها، من أهمها: التغذية الكافية، المأوى اللائق، الكساء، العمل، الحماية والأمان، المعرفة، التمتع بالحرية والمشاركة، الصحة.
4) فقر القدرات: ويشير إلى افتقار الأفراد للقدرات الأساسية، ومن أمثلة هذه القدرات أن يكون فى مقدرة الإنسان أن يعيش الإنسان حياة صحية مديدة، وأن يتمتع بمستوى كاف من الغذاء والكساء، والقدرة على القراءة والكتابة والمشاركة فى الحياة الاجتماعية والسياسية.
وفيما يلى أثر الفقر على الظروف المعيشية للأسرة من حيث ممتلكات الأسرة والظروف السكنية، وآراء الأفراد فى الفقر الأكثر فقرا حول أهم الخدمات والمرافق التى يجب على الحكومة أن تبدأ بتطويرها فى تلك القرى.
هناك فجوة فى الممتلكات بين الأسر التى تعيش فى القرى الأكثر فقرا مقارنة بالأسر فى المجتمع المصرى بوجه عام، إلا أن هذه الفجوة ليست كبيرة فى بعض الممتلكات كالثلاجة والتليفزيون الملون والدش والتليفون المحمول، وهو ما يؤكد أن مشكلات الفقراء ليست فى الممتلكات ولكنها تتعلق بخصائص الفقراء كالحالة التعليمية والصحية والثقافية.
وبخلاف الحقائق السابق ذكرها، فإن هناك حقائق أخرى نود الإشارة إليها بالنسبة لأثر الفقر على الظروف المعيشية للأسرة: -
74٪ من الأسر فى القرى الأكثر فقرا لديها بطاقة تموين مقارنة بنسبة 65٪ فى إجمالى الجمهورية، ويشكل كل من السكر والزيت أهم سلعتين ترغب الأسر المصرية على اختلاف مستوياتهم المعيشية فى زيادة كمياتهم فى بطاقة التموين،
وكذلك كل من المكرونة والبقوليات والسمنة والدقيق.
بالنسبة للمساعدات والقروض (عام 2009)، و 22٪ من الأسر فى القرى الأكثر فقرا يحصلون على مساعدات مادية أو عينية، وغالبية الأسر التى تحصل على مساعدات يستخدمونها فى الأكل والشرب. و 3٪ من الأسر فى القرى الأكثر فقرا حصلت على قرض خلال السنتين السابقتين بغرض إقامة مشروع جديد أو التوسع فى مشروع قائم.
قياس الفقر
ولقد اعتمد في قياسه على أساليب متعددة، يمكن توضيحها على النحو التالي:
أولا: مؤشرات قياس مستوى المعيشة: والتي يمكن قياسها من خلال:
1 - دخل الأسرة
يعبر ها المؤشر عن قدرة الاسرة على الحصول على السلع والخدمات الاستهلاكية التي تعد المحور الأساسي لمستوى المعيشة. ومن الصعوبات التي تعترض هذا المؤشر تحديد الدخل الذي يمثل الحد الفاصل بين الأسر الفقيرة والأسر غير الفقيرة، وتباين الأسر من حيث حجمها وتركيبتها وفقا للعمر والجنس، وتغير مستوى معيشة الأسرة التي قد لا يتطابق مع تغير مستوى دخلها، وصعوبة الحصول على بيانات دقيقة عن الدخل لعوامل اقتصادية واجتماعية.
2 - الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي للأسرة
استحدث هذا المؤشر لتلافي المشاكل الناجمة عن مؤشر دخل الأسرة ولكونه أكثر ارتباطا بمستوى معيشة الأسرة وامكانية تقدير الانفاق على نحو أدق من مسوحات الأسرة التي تجمع فيها بيانات الانفاق والاستهلاك الفعلي لعينات الأسر.
3 - متوسط إنفاق الوحدة الاستهلاكية
يعتبر هذا المؤشر استكمالا لمؤشر الانفاق الاستهلاكي الاجمالي للأسرة. وقد استحدث لمعالجة مشكلة تباين الأسر في أحجامها وتركيبتها. ويتم احتسابه من خلال قسمة الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي للأسرة على ما يقابل حجمها من الوحدات الاستهلاكية، ويؤخذ على هذا المؤشر تفاوت انفاق الوحدة الاستهلاكية من أسرة لأخرى تبعا للموقع وما يتطلبه من زيادة أو خفض في انفاق الوحدة، واختلاف الكيفية التي يتم حساب عدد الوحدات الاستهلاكية.
4 - نسبة الإنفاق على المواد الغذائية
يستخدم هذا المؤشر وفقا لوجهة النظر التي ترى، أنه كلما ارتفعت نسبة الانفاق على المواد الغذائية انخفضت النسبة التي توجهها الأسرة من انفاقها على السلع غير الضرورية. وبالتالي، فانه مؤشر أو دلالة على انخفاض مستوى المعيشة للأسرة. يمتاز هذا المؤشر بأنه يتيح المقارنة بين مختلف الأسر حتى وان تباينت أحجامها أو وحدات العملة التي تتعامل معها.
5 - حصة الفرد من السعرات أو البروتين
يعتبر هذا المؤشر من المؤشرات التغذوية، الذي يمكن استخدامه للتمييز بين الفقراء وغير الفقراء وفقا لحاجة الفرد من السعرات الحرارية أو حاجته للبروتين، وباعتبار ان نقص التغذية هو أحد الأوجه الأساسية لمعاناة الفقراء.
ثانيا: أسلوب خط الفقر
يعتبر هذا الأسلوب الأوسع استخداما لقياس وتحليل الفقر، وهو يصلح لأغراض المقارنات الدولية والأسلوب المعتمد من البنك الدولي. تعتمد منهجيته على تقسيم المجتمع إلى فئتين: فقراء وغير فقراء وذلك بتحديد خط الفقر الذي يعرف بأنه إجمالي تكلفة السلع المطلوبة لسد الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية.
يتطلب تطبيق هذا الأسلوب، بيانات مسوحات إنفاق ودخل الأسرة. ويعتبر الأسلوب الأنسب لأغراض وضع السياسات الاقتصادية المتعلقة بالدخول كسياسات العمالة والأجور والأسعار والضرائب والاعانات الاجتماعية.
ويتضمن أسلوب خط الفقر هذا منظومة مؤشرات الفقر والتي تشتمل على خطي الفقر المطلق والمدقع، نسبة الفقر، فجوة الفقر، وشدة الفقر، ومعامل جيني.
منظومة مؤشرات الفقر
1 / الفقر المطلق: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع فيها الانسان، عبر التصرف بدخله، الوصول الى اشباع الحاجات الأساسية المتمثلة بالغذاء والمسكن والملبس والتعليم والصحة والنقل.
2 / الفقر المدقع: يعرف بأنه الحالة التي لا يستطيع فيها الإنسان عبر التصرف بدخله، الوصول إلى إشباع الحاجة الغذائية المتمثلة بعدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة.
وقد تم التمييز بين نوعين من خطوط الفقر:
أ) خط الفقر المطلق: يعرف بأنه إجمالي تكلفة السلع المطلوبة لسد هذه الاحتياجات سواء للفرد أو للأسرة، وفق نمط الحياة القائمة في المجتمع المعني وبحدوده الدنيا.
ب) خط الفقر المدقع: ويمثل كلفة تغطية الحاجات الغذائية سواء للفرد أو الأسرة، وفق النمط الغذائي السائد في المجتمع المعني وبحدود معينة.
وقد وضع البنك البنك الدولي رقمين قياسيين يستندان الى الحد الأدنى من الاستهلاك، ومستوى المعيشة، لقياس الفقر على المستوى العالمي بصورة عامة، والدول النامية بصورة خاصة على أساس أسعار الولايات المتحدة الأمريكية لعام عام 1985، فالحد الأدنى للدخل هو 275 دولار للفرد سنويا، وهو مأسماه البنك بالفقر المدقع، والحد الأعلى للدخل هو 370 دولار للفرد سنويا، وهو مأسماه البنك بالفقر المطلق
3 / نسبة الفقر: تعرف بأنها نسبة السكان تحت خط الفقر إلى إجمالي السكان، وهذه النسبة تقيس الأهمية النسبية للفقراء سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أم على مستوى الأسر.
4 / فجوة الفقر: يقيس هذا المؤشر حجم الفجوة الإجمالية الموجودة بين دخول الفقراء وخط الفقر أو مقدار الدخل اللازم للخروج من حالة الفقر إلى مستوى خط الفقر المحدد.
5 / شدة الفقر: يقيس هذا المؤشر التفاوت الموجود بين الفقراء، ويمكن حسابه باعتباره يساوي الوسط الحسابي لمجموع مربعات فجوات الفقر النسبية للفقراء كافة.
6 / معامل جيني: يستخدم هذا المعامل كمؤشر لقياس التفاوت في توزيع الدخول ما بين جميع السكان فقراء وغير فقراء.
ثالثا: أسلوب الحاجات غير المشبعة
يعتمد هذا الأسلوب على الملاحظة المباشرة لواقع اشباع الحاجات الأساسية وذلك كبديل عن الاعتماد على القدرة الدخلية التي تؤهل الأسرة لاشباع تلك الحاجات كما في أسلوب الفقر.
يمتاز هذا الأسلوب بأنه لا يعتمد على دخل الأسرة، وأن البيانات المطلوبة لتطبيقه أكثر توفرا ودقة مقارنة بأسلوب خط الفقر.
يتم تطبيق هذا الأسلوب باستخدام بيانات التعداد العام للسكان أو مسوحات الأسرة عموما، وهو الأسلوب الأنسب لأغراض وضع السياسات الاجتماعية المتعلقة بتوفير خدمات الصحة والتعليم والاسكان وتوفير البنية التحتية المتصلة بالمياه والصرف الصحي.
أسباب الفقر
أن أهم أسباب الفقر تندرج تبعا لأسباب أو أبعاد رئيسية وهي أما بعد سياسي أو اجتماعي وتعتبر تلك الأبعاد ذات تأثير قوي على الفرد والمجتمع ككل.
1 - البعد السياسي:
نجد في هذا البعد أن التوزيع الجغرافي لبعض البلاد قد يؤثر على مستوى المعيشة بالنسبة لأفراد المجتمع وذلك بسبب قلة الموارد المتاحة للأفراد وبالتالي يؤثر على مستوى المعيشة نظرا لسوء التوزيع الجغرافي.
نجد أيضا الحرب قد تؤثر على مستوى معيشة الفرد وتجعله يعيش في مستوى أدنى للمعيشة وذلك لأن الحروب تؤثر على النشاط الاقتصادي وعلى الموارد الموجودة والحصار الذي يفرض على أي بلد على الأفراد أيضا لأنه يوقف أي نشاط أو استثمار وبالتالي لا يجد أفراد المجتمع أمامهم إلا الموارد المتاحة لهم وبالتالي يصلوا إلى مرحلة الفقر المطلق وهي عدم القدرة على إشباع الحاجات الأولية (كالمأكل - والملبس)
ونجد أيضا أن بعض السياسة في بعض المجتمعات تكون السبب في ظهور ظاهرة الفقر والتي ترجع إلى امتلاك بعض من أفراد المجتمع الثروات وأيضا السلطة والبعض الآخر لا يستطيع أن يملك شيئا من هذا.
2 - البعد الاقتصادي:
يظهر من خلال بعض الأزمات الاقتصادية في بعض المجتمعات التي تؤثر على طريقها على أفراد المجتمع مثل: عدم الاستفادة من الموارد التي تساعد على رفع المستوى الاقتصادي للبلد أو المجتمع.
كما أن التطورات الاقتصادية مثل الجات والعولمة والخصخصة والتمويل الاقتصادي لا يعتبر نجاحا اقتصاديا في بعض المجتمعات وإنما سيعمق مشكلة الفقر.
عدم استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في المجتمع مثل (البترول - الزراعة - الأنهار) وبالتالي يكون استهلاك أفراد المجتمع أكثر من الإنتاج وزيادة الإنتاج وأيضا عدم الاهتمام بإنشاء أنشطة جديدة داخل المجتمع مما تزيد وتحسن من دخل المجتمع وأفراده. وعدم الاهتمام بتكوين علاقات جيدة مع العالم الخارجي للمجتمع لتبادل الأنشطة التجارية بين المجتمعات وبعضها البعض.
3 - البعد الاجتماعي:
ويظهر من خلال ثقافة المجتمع والمبادئ التي يقوم عليها هل هي المساواة أم اللامساواة بين أفراد المجتمع.
عدم تقديم الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل بالنسبة لأفراد المجتمع تعتبر من أهم الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
ظهور النظام الطبقي والتمايز بين الطبقات والذي يؤدي إلى عدم وجود مشاركة فعالة بين أفراد المجتمع أيضا من أهم أسباب الفقر.
أيضا عدم الاهتمام بالتنمية الثقافية بالنسبة لأفراد المجتمع قد يكون ضمن الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
ونجد من خلال طرح الأبعاد الثلاثة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع اختلاف الأسباب الناتجة من خلال هذه الأبعاد إلا أنها تعتبر مرتبة ببعضها وذو تأثير قوي على هذه الظاهرة وهي الفقر.
المشكلات المترتبة على هذه الأبعاد الثلاثة:
(وهى تحد من الآثار الناجمه عن الفقر)
1 - البقاء في دائرة الحروب مما يؤدي بدمار أفراد المجتمع وانهياره ككل.
2 - انعدام أو تدني في مستويات الدخل.
3 - انتشار البطالة.
4 - انخفاض مستوى المهارة وظهور الأمية (الجهل)
5 - ظهور وانتشار الأمراض وانخفاض مستوى الرعاية الصحية مما تؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات.
6 - نقص وسوء التغذية والتي تؤدي لانتشار الأمراض.
7 - تدني مستوى الإسكان.
8 - ظهور المشكلات الاجتماعية مثل التفكك الأسري الناتج عن عدم قدرة رب الأسرة على تحمل المسؤولية لباقي أفراد الأسرة والتي تؤدي إلى:
9 - اللجوء إلى نزول الأطفال إلى مجال العمل وترك الدراسة لمساعدة سد احتياجات الأسرة من مأكل وملبس.
10 - انتشار الجرائم مثل القتل والسرقات والاختلاس الناتج من انخفاض الدخل ومستوى المعيشة والرغبة في الثراء أو الحصول على المال لسد احتياجات الأسرة. و قلة فرص التعليم بالنسبة لأفراد المجتمع.
ولنضرب مثال على ذلك لإنتحار جماعى لأسرة مصريه ب "سبب الفقر الشديد"
ما تزال قصة الانتحار الجماعي لأسرة تقطن في إحدى ضواحي القاهرة تتفاعل في الشارع المصري لاسيما بعد نشر تفاصيل أشارت إلى أن سبب الانتحار هو حالة الفقر الشديد التي كانت تعاني منها، ويتألف أبطال تلك الدراما السوداء من أب تجاوز الستين من عمره وابنتين جامعيتين لم تتمكنا من الحصول على فرصة عمل. وقال مقربون من العائلة التي تقطن في حي النزهة شرق القاهرة إن الثلاثة اتخذوا قرار الانتحار الجماعي هروبا من واقع الفقر المؤلم والمزعج لاسيما بعد أن خطف الموت قبل نحو شهر نجل الأب وشقيق الفتاتين في حادث سير بشارع صلاح سالم في العاصمة المصرية، وذلك بحسب ما ورد في تقرير الصحافي محمد الغبيري الذي نشرته صحيفة الرأي الكويتية السبت 2007/4/8. وقالت الصحيفة إن الابن كان بارا بوالده، حتى إنه لبى رغبته حين أمره بترك عمله في وظيفته في أحد البنوك، ليرعى أرضه الزراعية في محافظة البحيرة (شمال غرب مصر) بعدما رفض مستأجروها الانتظام في تسديد الإيجار السنوي، وكان الأب المنتحر يعتمد على تلك الأرض في الانفاق على أسرته وأولاده من زوجته الأولى وزوجته الثانية، وحين ضاق ذرعا ببلطجية المستأجرين قرر الأب أن يقوم بزراعتها بنفسه، وبمعاونة ابنه، الذي خضع لرغبته واستقال من عمله، لكنه توفي في نفس اليوم، الذي استقال فيه من عمله. وكشفت التحريات الجنائية للشرطة المصرية أن الأب المنتحر وابنتيه كانوا يعيشون هم وزوجته الثانية وأطفاله منها في الأيام الأخيرة تحت خط الفقر، وكانوا يفترشون الأرض، لأنهم باعوا الأثاث، ويتلقون مساعدات يومية من جيرانهم بعدما تخلى الأهل والأقارب عنهم، وامتنعوا عن تقديم يد العون لهم. وذكرت التحقيقات أن الأب المنتحر كان يمتلك 35 فدانا في محافظة البحيرة (165 كيلو مترا شمال غرب العاصمة المصرية) يقتات من ايجارها، ولكن المستأجرين امتنعوا عن تسديد الايجارات السنوية، ما دفعه إلى مقاضاتهم ، وأنصفه القضاء، وأعاد إليه حقه المسلوب، ولكنهم انتزعوه مرة أخرى في الاستئناف، فقرر أن يزرعها بنفسه بمساعدة ابنه.
أما تفاصيل الانتحار: - فتعود إلى يوم السبت الماضي بعد أن استيقظ الأب على صراخ ابنته فاطمة الحاصلة على درجة الليسانس في الآداب، وذات ال (25 ربيعا) فاكتشف أنها وشقيقتها الكبرى أماني الحاصلة على ليسانس الحقوق التي بلغت عامها ال 36 تناولتا عقار (لانجوسين) المخصص لمرضى القلب، حتى يتخلصا من حياتهما إلى الأبد، وعوضا أن يقوم الأب بإسعاف الفتاتين سارع إلى تناول 20 قرصا من العقار نفسه، ليستقل قطار الموت بصحبتهما.
ثانيا: أسباب على المستوى الوطنى
عادة ما يكون الفقر على مستوى الدولة مصحوبا بانخفاض في الدخل الفردي وعدم المساواة في توزيعه. ويمكن تقسيم الأسباب إلى مباشرة وغير مباشرة.
أ - المباشرة: تلك العوامل ذات الأثر المباشر على متوسط الدخل المتولد على المستوى الوطني وعلى نمط توزيع الدخل في الاقتصاد.
ب - غير المباشرة: هي التي تعمل من خلال الآثار المباشرة، والتي تتمثل في أربعة أسباب.
1 - انخفاض معدل النمو السنوي في نصيب الفرد من الناتج الوطني الإجمالي.
2 - انخفاض إنتاجية العمال.
3 - ارتفاع معدل أعباء الإعالة.
4 - عدم المساواة في توزيع الدخل.
السبب الثاني
يمكن إرجاعه إلى انخفاض إنتاجية العمالة وتبين النظرية النيوكلاسيكية وجود علاقة نسبية بين الإنتاجية الحدية للعمال والأجور، وتتأثر إنتاجية العمال بثلاث عوامل هي:
1 - إمكان الحصول على التعليم.
2 - إمكان الحصول على الخدمات الصحية.
3 - إمكان الحصول على الأصول والائتمان.
السبب الثالث
يتمثل في معدل عبء الإعالة، والذي يشير إلى عدد الأفراد الذين يعولهم كل عامل في المتوسط. وهناك علاقة مباشرة بين قيمة معدل عبء الإعالة في الدولة وبين مستوى الفقر فيها، بافتراض ثبات إنتاجية العمل، ويتأثر هذا المعدل بثلاث أسباب غير مباشرة للفقر وهي:
1 - معدل مشاركة القوى العاملة.
2 - مشاركة المرأة في القوى العاملة.
3 - البطالة.
السبب الرابع
يمكن تلخيصه في توزيع الدخل، والذي يتأثر بدوره بسببين غير مباشرين هما:
1 - عدم المساواة في توزيع الأصول المادية، والمالية بين السكان.
2 - عدم كفاية التحويلات إلى الفقراء.
ثالثا الأسباب على مستوى الوطن العربى
"فى البلدان العربيه"
1 - تدهور شروط التجارة، وعبء الدين، والحروب ونقص التعاون الإقليمي والدولي، وكذلك عدم سلامة السياسات الحكومية (السياسة النقدية والمالية مثلا).
2 - التصحيح الهيكلي الذي كان أمر لا مفر منه، حيث أن صانعي السياسات الاقتصادية طبقوا مختلف السياسات الانكماشية النموذجية، تخفيض الأجور الدنيا الفعلية، تخفيض سعر الصرف، زيادة معدلات الفائدة الحقيقية)، مع خصخصة الشركات التي يملكها القطاع العام، وتحسين كفاءة الخدمات العامة.
3 - وضع الحرب الذي عاشه الوطن العربي برمته، أو جزء منه خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فان الخوف من الحروب قد برر مستويات عالية للغاية من الإنفاق العسكري على حساب القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية المدنية، والاستثمار المنتج.
4 - النمو السكاني، ففي الدول العربية أعلى معدلات نمو سكاني في العالم، ويؤثر نمو السكان على توزيع الأرض (في حالة عدم توفر الظروف الملائمة)، فهي ليست مشكلة في حد ذاتها، ويفرض ضغوطا على الانفاق الاجتماعي.
وتؤثر الاتجاهات الاقتصادية على الفقر من خلال الأسواق، وأهمها بالنسبة للفقراء سوق العمل وأسواق السلع التي ينتجها ويستهلكها الفقراء.
5 - إن ضعف خصوبة الأرض، وصغر أحجام الحيازات الزراعية مسئولان أيضا عن فقر الفلاحين، إضافة إلى المستوى غير الكافي للموارد البشرية.
6 - الارتفاع المتسارع في استثمار الثروة النفطية يؤدي إلى انهيار أسعار النفط وبالتالي تراجع وتيرة التنمية في الوطن العربي وهو الشيء الذي أثر على الاستثمار والأيدي العاملة.
7 - الأزمات المالية تؤدي إلى تعميق الفقر، وجعل عدم مساواة الدخل أكثر سوءا وذلك بعدة طرق هى:
1 - جعل النشاط الاقتصادي أكثر ضعفا.
2 - تغير الأسعار النسبية (انخفاض قيمة العملة).
3 - خفض الإنفاق المالي.
8 - معظم رأس المال الدولي يتجمع في أماكن محددة، مثل الاقتصاد الغربي والأمريكي، وهذه مشكلة كبيرة في كيفية إعادة توزيع الأموال. كما أن حركة انتقال الأموال السريعة باتت تتحكم بها شركات محدودة في العالم التي تستحوذ على كل الودائع.
9 - من الأسباب غير الظاهرة للعيان نقص المساعدات الدولي ة، أو سوء توزيعها في البلدان التي يسود فيها توزيع غير عادل للأموال.
10 - ومن أخفى عوامل التفقير للبلدان النامية التي يعتمد اقتصادها خاصة على المنتج الفلاحي، وبعض الصناعات التحويلي، الحماية الجمركية التي تمارسها البلدان الغنية في وجه صادرات البلدان النامية، وبالخصوص الدعم المالي الذي تقدمه لفلاحيها، حتى ينافس منتجهم الفلاحي صادرات تلك البلدان، وقد بلغ مقدار هذا الدعم رقما مهولا يعادل المليار دولار يوميا، فضلا عن عرقلة التبادل بين بلدان الجنوب مع بعضها البعض، وكذا التلاعب بأسعار المواد الأولية التي لا تستطيع الدول النامية التحكم فيها.
11 - الأميه فى البلدان العربية: تعود ظاهرة تفشى الأميه فى البلاد العربيه إلى أسباب سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافيه منها:
1 - الزيادة السكانية الكبيرة في البلاد العربية.
2 - ضعف الكفاية الداخلية لانظمة التعليم التي تؤدي آلي تسرب الاطفال من التعليم.
3 - عدم تطبيق التعليم الالزامي بشكل كامل في معطم اقطار الوطن العربي.
4 - عجز معظم الحكومات العربية عن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التربوية.
5 - عدم جدوى الاجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الامية وتعليم الكبار في البلاد العربية.
6 - عدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية في البلاد العربية بالتنمية التربوية التعليمية.
7 - تدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل في معظم الاسر العربية.
8 - عد ظاهرة الامية من الظواهر الطبيعية التي تتسم بها مجتماعاتنا العربية.
رابعا: أسباب داخليه وخارجيه
أولا: الأسباب الداخليه:
من أهم الأسباب الداخلية طبيعة المجتمع ونشاطه وتطوره الحضاري والبشري، وعراقته في تنظيم اعماله ونشاطه واستفادته من ثرواته وتنميتها تنمية مستدامة.
وثانيا النظام السياسي والاقتصادي السائد في بلد ما. فالنظام الجائر لا يشعر فيه المواطن بالأمن والاطمئنان إلى عدالة تحميه من الظلم والعسف. ويستفحل الأمر إذا تضاعف العامل السياسي بعامل اقتصادي يتمثل في انفراد الحكم وأذياله بالثروة بالطرق غير المشروعة نتيجة استشراء الفساد والمحسوبية، فيتعاضد الاستبداد السياسي بالاستبداد الاقتصادي والاجتماعي، وهي من الحالات التي تتسبب في اتساع رقعة الفقر حتى عندما يكون البلد زاخرا بالثروات الطبيعية كما حدث ويحدث في عدة بلدان إفريقية أو في دول أمريكا اللاتينية، هذا فضلا عن الحروب الأهلية والاضطرابات وانعدام الأمن.
ثانيا: الأسباب الخارجية:
الأسباب الخارجية متعددة، وهي أعقد وأخفى أحيانا. ومن أهمها الحروب والنزاعات والصراعات الدولية التي تحرم البلدان فرصة التنمية والتطوير، كما من أسبابها السيطرة والاستعمار والتدخل بشؤون الدول الفقيرة استغلالا ونهبا لثرواتها، من أكثرها ظهورا الاحتلال الأجنبي كما حدث في الغزو الأمريكي للعراق أخيرا وبعد حصار دام أكثر من عقد من الزمن تسبب في تفقير شعب بأكمله رغم ثرواته النفطية. ويتعقد الأمر كثيرا إذا كان الاحتلال استيطانيا كما في فلسطين حيث تتدهور حالة الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم وتتسع فيه رقعة الفقر نتيجة إرهاب الدولة الصهيونية وتدميرها المتواصل للبنية التحتية وهدم المنازل وتجريف الأراضي الفلاحية فتتحول مئات العائلات بين يوم وليلة من حد الكفاف إلى حالة الفقر المدقع.
ومن الأسباب غير الظاهرة للعيان نقص المساعدات الدولية أو سوء توزيعها في البلدان التي يسود فيها الفساد في الحكم.
إن كان الكل يعترف بأن المرأة هي نصف المجتمع، فإنهم كانوا ولأزمان طويلة يمارسون بحقها عملية تنحية إجبارية عن لعب دور إيجابي في العملية الاقتصادية، لتبقى أسيرة نفسها، رغم أن الاقتصاد الزراعي يقع وبمجمله على عاتق المرأة الريفية، وما دور الرجل سوى المراقب، وأحيانا كثيرة "المتهكم"، من هنا كان واجب الالتفات إليها ضرورة اقتصادية، وحراكا إنسانيا فعالا.
موقع eHama زار مديرية زراعة "حماة" والتقى المهندس "بسام البني" رئيس قسم الموارد البشرية الذي تحدث عن مشروع تمكين المرأة والحد من الفقر قائلا: "يرمي المشروع إلى تحقيق أهداف طموحة لتحسين كافة قطاعات المجتمع المحلي، وأطره الفكرية، والصحية، والاجتماعية والتعليمية، وتعزيز مكانة المرأة بالاعتماد على ذاتها من خلال الموارد المتاحة لها في مجتمعها عبر أنشطة استثمارية مدرة لدخلها تتناسب مع أولويات المجتمع واحتياجاته، وبما يحقق تنمية شاملة مستديمة ".
ويتابع: "يتضمن المشروع إنشاء لجنة محلية لقيادة المجتمع المحلي وتفريعها إلى عدة لجان مختصة مهمتها متابعة، وتفعيل الأنشطة الإنمائية في هذا المجتمع وضمان استدامتها، بحيث تتولى هذه اللجان مستقبلا قيادة تنمية المجتمع المحلي".
ويتابع: "في هذا السياق يشدد المشروع على تمكين المرأة الريفية حتى يتسنى لها أن تؤدي دورها في عملية التنمية من خلال المشاركة في اتخاذ القرارات، والمساهمة في المشاريع التنموية على قدم المساواة مع الرجل".
ويضيف: "كما يؤكد المشروع أولوية حماية البيئة الطبيعية، وذلك من خلال رفع الوعي، والثقافة البيئية لأفراد المجتمع المحلي، بحيث يشجع المشروع على الأنشطة المحافظة على البيئة، مثل استخدام المصادر البديلة للطاقة، أو الأنشطة الخدمية".
وعن الأهداف المرجوة من هذا المشروع، يقول: «لا بد لكل عمل من هدف، ويمكن إيجاز أهداف مشروع تمكين المرأة الريفية بالعمل على تمكين أفراد المجتمع الريفي من تشخيص واقعهم الاقتصادي والاجتماعي تشخيصا دقيقا ما يتيح لهم فرصة التخطيط والتنفيذ لحل جميع مشاكلهم، بما يحقق تنمية اقتصاديه، واجتماعيه مستمره وشامله. "
عن أهداف أخرى يتابع القول: "العمل على تمكين القيادات المحلية بعد أن يتم تدريبها وتأهيلها وتشكيلها في لجان تنموية أما الهدف الثالث فيعتمد على صقل مهارات أفراد المجتمع المحلي بتدريبهم على أنشطة متعددة، منها كيفية حساب الجدوى الاقتصادية لأي مشروع مقترح، والتدريب الفني لتوليد مهارات مهنية وحرفية وفنية بالاستفادة من الموارد المتاحة والحفاظ على البيئة، مع التركيز على تأهيل المرأة الريفية لتتمكن من إيجاد دخل إضافي لأسرتها، وتأهيلها للاستثمار في مشاريع ريفية صغيرة مدرة للدخل بعد أن وضعت قروض الصندوق الدوار في موضع الاستثمار ".
ولأن أهداف هذا المشروع كبيرة، يتابع قائلا: "إن دمج المرأة في تنمية المجتمع المحلي، ورفع مستواها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والصحي لتكون عنصرا فاعلا أسوة بالرجل، هو من الأهداف المهمة لهذا المشروع، إضافة إلى محاولة الحد من العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة، والتي تعيق مسيرة التنمية في القرية وتدعيم مكانة المرأة ودورها في التخلص من هذه العادات. كما أن المشروع يهدف إلى التخلص من معوقات العمل الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، عن طريق إدخال التقنيات الحديثة والتدريب عليها، وبالتالي رفع مردودية الإنتاج، ودخل الأسرة، آخذين بعين الاعتبار رفع المستوى الصحي لأفراد القرى الفقيرة، وتطوير المستوى الثقافي والتعليمي "وينهي أهداف هذا المشروع بالقول:« أخيرا يهدف مشروع تمكين المرأة الريفية إلى تدريب الأسر الفقيرة على بعض الحرف المنزلية، وبعض المهن، ومنحهم قروضا من الصندوق الدوار ".
· الفقر أكبر تحديات التنمية في البلدان الإسلامية
عرف الباحثون الاقتصاديون مفهوم التنمية، بأنه عملية مجتمعية واعية ودائمة، موجهة وفق إرادة وطنية مستقلة، من أجل إيجاد تحولات هيكلية، وإحداث تغييرات سياسية واجتماعية واقتصادية تسمح بتحقيق مطرد لقدرات المجتمع المعني، وتحسين مستمر لنوعية الحياة فيه.
قضية التنمية مطروحة بشكل قوي، على أجندة الدول المتقدمة والنامية، منذ الحرب العالمية الثانية، وقد شكلت العلاقات بين دول الشمال والجنوب، وكذلك بين دول الشمال ذاتها، فالعلاقات السياسية بين أميركا وأوروبا الغربية خلال الخمسينات من القرن الماضي، حددتها وبصورة أساسية هذه القضية، فيما عرف بمشروع مارشال لتنمية أوروبا.
أما العلاقة بين الشمال والجنوب، فالتنمية هي القضية المحورية إلى يومنا هذا، وإن تم تغيير مسمياتها إلى ما أصبح يعرف بالتنمية المستدامة، القائمة على الإصلاح الهيكلي والتحول الديموقراطي والخصخصة، وعلى الرغم من الأهمية المركزية لقضية التنمية طوال ما يقارب نصف القرن، فإنها لم تحقق أهدافها في دول الجنوب (الدول النامية)، التي من ضمنها الدول العربية والإسلامية، التي مازالت تعاني من الأزمات نفسها، التي كانت تعاني منها منذ الاستقلال، ولم تحقق في معظمها أي نقلات نوعية يعتد بها، في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
إن التنمية العربية تواجه تحديات كثيرة وخطيرة، يتوقع أن تشتد حدتها وتزداد انعكاساتها السلبية، على مجمل الحياة العربية خلال القرن الحالي، ومن التحديات الخطيرة التي تواجهها البلدان الإسلامية داخليا، استفحال آفة البطالة والفقر.
ظاهرة الفقر
تعتبر ظاهرة الفقر واحدة من أهم المعضلات، التي واجهتها المجتمعات والحكومات والنظريات الاجتماعية منذ أقدم العصور. وفي القدم ارتبطت ظاهرة الفقر بفقدان الموارد، أو بالحروب التي تؤدي إلى القهر والاستعباد؛ ولذا فإن الأديان السماوية جميعها، أولت ظاهرة الفقر اهتماما خاصا، وقال *: "اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر" (1)، ويقول *: "كاد الفقر أن يكون كفرا "(2). ومن أشهر المقولات مقولة سيدنا على بن أبي طالب (عليه السلام): "لو كان الفقر رجلا لقتلته"، وفي التراث الفلسفي يقول أرسطو: "الفقر مولد الثورات والجريمة".
الفقر كمفهوم
والفقر من المفاهيم المجردة النسبية، فهو مفهوم يحاول وصف ظاهرة اجتماعية واقتصادية بالغة التعقيد. تدور معظم الأدبيات التي تتحدث عن ظاهرة الفقر، حول نوعين أساسيين من الفقر: الأول يسمى بالفقر المطلق، ويحدد الفقر بأنه عدم قدرة الفرد / الأسرة على الوفاء باحتياجاتها الأساسية، الغذائية وغير الغذائية. وهناك الفقر النسبي، ويشير لعدم قدرة الفرد / الأسرة على الوفاء بالمستوى المعيشي للمجتمع الذي تعيش فيه.
وتحدد الأمم المتحدة خط الفقر، أي الخط الذي يفصل بين الفقير وغير الفقير، أنه دولار واحد باليوم بالنسبة للفقر المطلق، وبطبيعة الحال فالفقر يختلف باختلاف المجتمعات، والأوقات والأحوال والأشخاص، وأساليب تعريفه وطرق قياسه ووسائل معالجته. ويمكن التأكد أن الفقر بمفهومه النسبي، الذي يرتبط بالظروف الاقتصادية والاجتماعية لكل بلد، هو ظاهرة موجودة في بلدان الخليج، يبرز أكثر في صورة التفاوت في توزيع الدخل وليس في انتشار ظاهرة الفقر المطلق أو المدقع منه.
أ - أخطار الفقر على المرأة
تشكل النساء 70٪ من فقراء العالم، نصف سكان العالم، يحققن ثلثي ساعات العمل، يحصلن - فقط - على عشر الدخل العالمي، ويمتلكن 1٪ من ثروات العالم، ويشكلن 1٪ فقط من صانعي القرار في العالم، وهن 75٪ من اللاجئين والمهاجرين، بسبب الحروب والفقر وانتهاك حقوق الإنسان.
إن عبء المرأة كبير في مواجهة الفقر، فحينما تنسحب الدولة ولا تؤدي أدوارها، يصبح على الأم - في الغالب - أن تقوم بدور في التعليم والصحة، وبالنسبة لأسرتها فهي بذلك المترجم الأول لاحتياجات الأسر، والمجتمعات الفقيرة تطلب من الجميع الالتفات.
ب - خطر الفقر على الأخلاق والسلوك
إن البؤس والحرمان الذي يعيشه الفقير، خاصة إذا كان إلى جواره مترفون، قد يدفعه لسلوك غير سوي، وتشكيك منه بالقيم الأخلاقية والنظام العام للمجتمع، لهذا قالوا: "صوت المعدة أقوى من صوت الضمير"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "إن الرجل إذا غرم استدان، وحدث فكذب، ووعد فأخلف ".
لقد أوضحت مجموعة من الدراسات، أن اغلب الفتيات الجانحات والنساء المرتكبات للجرائم، ينتمين إلى أسر فقيرة، بالإضافة إلى وجود أعداد كبيرة من الفتيات الجانحات، يتجهن إلى ممارسة التسول، ومن ثم الانحراف إلى طريق الجريمة، وكثير من نزيلات السجون هن من مرتكبات جرائم السرقة، كونهن بحاجة ضرورية للمال والأشياء اللازمة، واتضح أن 75٪ من نزيلات السجون ينتمين إلى أسر فقيرة، والكثير من مرتكبات جرائم السرقة والزنا منهن أرجعن أسباب ارتكابهن لتلك الجرائم إلى العوز والفقر، إلى جانب أن الفقر يحول بين متابعة الفتيات لدراستهن، لعدم امتلاك المال لدفع الرسوم الجامعية وشراء الأدوات والكتب والمستلزمات الدراسية، مما يقف مانعا من حصولهن على تعليم جامعي أو تخصصي، وبالتالي عدم إمكانية الحصول على عمل يمكن أن يتكسبن منه، مما يوقعهن في حالة بطالة، خاصة في المدن، ويلجأن إلى ارتكاب الجريمة للحصول على المال غير المشروع، من خلال السرقة أو الزنا والدعارة والاحتيال وخيانة الأمانة.
ج - خطر الفقر على الفكر الإنساني
إن أثر الفقر يمتد للجانب الفكري كما هو في الجانب الروحي والأخلاقي للإنسان، فروي عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: "لا تستشر من ليس في بيته دقيق"، لأنه مشتت الفكر ومشغول البال، فلا يكون حكمه سديدا.
والفقر مانع رئيسي من موانع الزواج، وتكوين الأسرة والتناسل الإنساني، لما وراءه من أعباء ونفقة، لهذا أوصى القرآن غير القادرين على الزواج بالتعفف والصبر حتى تواتيهم القدرة الاقتصادية، بقوله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} (3) ، وللفقر كذلك أثر على استمرار الأسرة، فمن حق القاضي أن يفرق بين المرأة وزوجها لعجزه عن النفقة عليها، رفعا للضرر عنها، وفقا لقاعدة "لا ضرر ولا ضرار"
بل قد يتعدى أثر الفقر إلى قتل النفس التي حرم الله، وهي حقيقة قرآنية ذكرها تعالى بقوله: {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم} (4)، وتظهر في بعض الصحف أخبار تشير لبيع بعض الأسر لأولادها بسبب ضيق الحال، أو انتحار الأب أو الأم مع الأولاد بسبب الفقر.
روي عن أبي ذر أنه قال: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه" فقد يصبر المرء على الفقر إن كان ناشئا من قلة الموارد وكثرة الناس، أما إذا نشأ من سوء التوزيع للثروة والدخل، وبغي بعض الناس على بعض، وترف أقلية في المجتمع على حساب الأكثرية، فهذا هو الفقر الذي يثير النفوس، ويحدث الفتن والاضطراب، ويقوض أركان المحبة والإخاء بين الناس.
· الحروب وآثارها السلبية على تنمية المرأة المسلمة لمجتمعاتها
إن أكثر التأثيرات سلبية للنظام العالمي الجديد، سيكون على النساء، الفئة التي تعتبر الأكثر تضررا، ففي فلسطين والعراق وأفغانستان، تدهورت أحوال النساء، وانخرطن مع حركة المقاومة لطرد الاستعمار الأمريكي - البريطاني - الصهيوني، ليصبحن استشهاديات، (انتحاريات أو إرهابيات) كما تشاء أمريكا تسميتهن.
وبهذا تتحمل المرأة في البلدان الإسلامية، عبئا جديدا يضاف إلى أعبائها الكثيرة في ظل الترمل والثكل، لتصبح المعيل الوحيد لأسرة يتفاوت تعدادها، في ظل ظروف تقف في الجانب الآخر تماما من مصالحها وما أتيح لها، في مجتمعات تضطهدها أساسا قبل هذه الظروف المعقدة.
وبعيدا عن أجواء الحروب الصاخبة ووضعها الخاص، نتجه إلى نساء يعشن العولمة الحقيقية بكل أبعادها في المجتمعات الغربية، حيث تبقى نساء الشعوب الفقيرة في أفريقيا وآسيا والمنطقة العربية، في مجال تهديد خطر العولمة، سواء على المستوى العقدي والفكري والثقافي أو على المستوى الاقتصادي، فيرتفع صوت الشعوب الغربية احتجاجا واستنكارا، لأنهم عرفوا تماما حقيقة الخطر وأبعاده. وقد لبست أشكال الحرب على المرأة أكثر من حلة، ووظفت على أكثر من جبهة:
الجبهة الأولى: تأثير ضخامة العولمة بطبيعتها الخاصة على المرأة عموما، إذ لا يميز المظلوم المنخرط فيها ظلمه، ويغيب الظالم مع مكاسبه، ليظهر كمنقذ من الفقر والجوع والموت. وهي: الاتجار بالنساء.
وإذ يتزايد عدد النساء والطفلات من البلدان النامية، ومن بعض البلدان التي تمر اقتصادياتها بمرحلة انتقالية، اللواتي يجري الاتجار بهن، فينقلن إلى البلدان المتقدمة، وكذلك في داخل المناطق والدول وفيما بينها، لندرك فجأة أن الصبية هم أيضا من ضحايا مشكلة الاتجار.
وتزداد أنشطة التنظيمات الإجرامية عبر الشركات المروجة لهذا النوع التجاري الرابح، والعابرة للقارات أيضا، والتي تجني أرباحا من الاتجار بالنساء والأطفال على الصعيد الدولي، دون مراعاة للظروف الخطيرة واللاإنسانية، وفي انتهاك صارخ للقوانين والمعايير سواء المحلية أو الدولية.
ويتزايد استخدام تكنولوجيات المعلومات الحديثة، بما في ذلك شبكة الإنترنت لأغراض البغاء والتصوير الإباحي للأطفال، والاتجار بالنساء في الزواج، والسياحة الجنسية.
أما الجبهة الثانية: فتتضح في تأثيرات العولمة على وضع المرأة العاملة، فقد عملت الدول الرأسمالية الكبرى، على فرض حالة انسياب في حركة البضائع والرأسمال بدعوى حرية التجارة، وذلك في سبيل غزو أسواق بلدان الجنوب من ناحية، وتحقيق شروط ملائمة لنشاط رأس المال في هذه البلدان ، من ناحية أخرى، حيث (5):
1 - توفير يد عاملة كثيفة من ضمنها النساء.
2 - توفير يد عاملة بخسة، والتي تمثلها اليد العاملة النسائية بشكل بارز.
3 - الاستثمار في قطاعات وصناعات ملوثة للبيئة، غير مقبول تواصلها في البلدان الرأسمالية الكبرى، فيقع تصدير هذه القطاعات إلى بلدان الجنوب.
ما يلاحظ في هذه القطاعات، هو أنها تقوم في جانب كبير على تشغيل النساء، ذلك أن اليد العاملة النسائية تستجيب لشروط الاستغلال القصوى، في ظل كل الظروف المحيطة بها.
· واقع المرأة الريفية
إن المعطيات الإحصائية، تظهر أهميتها خاصة في دراسة فئة لها أوضاعها الخاصة وظروفها الشاقة والصعبة، ولا سيما أن لها تأثيرا كبيرا على التنمية الاقتصادية، هذه الفئة هي عبارة عن فئة النساء الريفيات، إننا إذ نريد أن نظهر واقعها الذي هو بصورة عامة واقع أليم، فإننا نهدف من هذا، إلى التأكيد على أهمية دراسة أوضاعها بالأرقام، والتخطيط لتطويرها، وتنمية القطاع الزراعي، الذي يعتبر أهم من جميع القطاعات في الأقطار العربية:
أ التركيب السكاني: 78٪ من النساء في الريف هن في أعمار تتراوح بين 15-59 سنة، بينما اللواتي تزيد أعمارهن عن 60٪ فلا يشكلن سوى 4٪، وهذا معناه أن المرأة الريفية قوة بشرية فعالة، تسهم في العمل والإنتاج معا.
ب - التركيب التعليمي: إن نسبة الأمية في الأوساط النسائية الريفية تبلغ 76٪ بشكل عام، وهي 61٪ في فئة السن 15-19 و 91٪ في كل من فئات السن 30-34-35-39، ونؤكد على ما جاء في البحث، بأن هذه النسبة مؤشر خطر لأوضاع المرأة الريفية، وتظهر آثاره واضحة في جميع المجالات؛ الأمر الذي يدفع المسؤولين إلى الاهتمام الجدي بمحو أمية النساء الريفيات، عبر وضع برامج تنفيذية تتناسب والواقع، وتتفق مع الاحتياجات.
ج - المرأة الريفية والعمل: إن العمل الزراعي للمرأة الريفية جزء لا يتجزأ من عملها اليومي كربة منزل، ف 96.87٪ من نساء الريف مشتغلات بعملهن بالزراعة والرعي، ولكن قلما تستقل المرأة الريفية ماديا، إذ هنالك 82.19٪ من النساء الريفيات، ليس لديهن أي إطلاع على الوسائل الصحيحة للخدمات ووسائل الترفيه والتسلية.
النتائج الممكن أن نستخلصها عن وضع المرأة الريفية تتلخص في النقاط التالية:
1 - إن المرأة الريفية تساهم في التنمية بشكل ملموس.
2 - مردود مساهمة المرأة الريفية يبقى منخفضا، نتيجة مستواها العلمي والعملي.
3 - قلما تعمل المرأة الريفية بأجر، إلا إذا كانت تعمل في الوظائف الإدارية، كمعلمة أو غير ذلك، وفي بعض الأحيان لدى مزارع الدولة أو الجمعيات التعاونية، والتي لا تشكل - في الحقيقة - إلا نسبة ضئيلة من عموم العاملات.
وهكذا نجد أن المرأة المسلمة عامة، قد حققت في الوقت الراهن، وقياسا إلى أواسط القرن مثلا، نوعا من الاعتراف بعدد لا يستهان به من حقوقها، في ميادين التربية والثقافة، والشغل والحقوق السياسية والمدنية .. فاقتحمت بذلك مجالات اجتماعية وإنتاجية كثيرة، محاولة بذلك إثبات ذاتها وتأكيد نجاعة مساهمتها، كرأسمال بشري فاعل ومنتج، إلا أنها ما تزال تعاني من كثير من مظاهر الإقصاء والتهميش، والفقر، والقهر، وعدم تكافؤ الفرص التعليمية والمهنية والسياسية والاقتصادية، الأمر الذي يحد من مشاركتها واندماجها في عملية التنمية الشاملة.
وهكذا نجد أن وضع المرأة المسلمة في المدينة، لا يختلف كثيرا عن وضع المرأة في الريف، إلا من حيث كون المرأة في المدينة، تحصل على بعض الخدمات الإضافية، التي تحرم منها المرأة في الريف، وهي حبيسة البيت والمطبخ وتربية الأطفال، والحرمان من أغلب الحقوق والواجبات الحقيقية في المجتمع. وعندما تحرم النسبة العظمى من النساء من العمل، فهن لا يتمتعن بأي استقلال اقتصادي.
· سبل مواجهة التحديات التي تعيق
دور المرأة المسلمة في التنمية الشاملة
تتمثل سياسات القرارات والخطط والبرامج الرامية لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والنهوض بالمرأة، في التركيز على تحقيق تضامن المرأة في مجتمعاتنا العربية، باعتباره ركنا أساسيا للتضامن العربي والإسلامي، وعلى تنسيق الجهود على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال العمل المؤسساتي الفعال، وتبادل الخبرات في نطاق تحقيق التنمية المستدامة.
وتؤكد هذه السياسات أن تمكين المرأة داخل مجتمعها، يعد ركيزة أساسية لتقدم هذا المجتمع، وحركة الإنسان العربي وتمتعه بحقوقه، كما أن تطوير واقع المرأة المسلمة وتحرير طاقاتها، لا يمكن تحقيقه دون وجود منظومة من التشريعات القائمة على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، وإدماج قضايا المرأة في أوليات خطط وبرامج التنمية الشاملة، وفي إطار هذه السياسات لا بد من توعية المجتمع بقضايا المرأة، وقدراتها التي تخولها المشاركة في صنع القرار على مختلف المستويات، بما يعزز دورها الإيجابي في الأسرة والمجتمع .. ولتحقيق مثل هذه السياسات العامة، تلجأ منظمة المرأة العربية إلى وضع خطط وبرامج، تعتمد المنهجية القائمة على تحليل المواقف، وتحديد الأهداف والأوليات وآليات التنفيذ. ويأتي في إطار هذه الأوليات العمل على رفع قدرات المرأة العربية، وتمكينها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وقانونيا في المجالات التالية:
- في مجال التربية والتعليم: حيث تعطى الأولوية في ذلك للقضاء على الأمية، من خلال اعتماد آليات تنفيذ تقوم على اتخاذ تدابير تضمن إلزامية التعليم، ودعم نظام تعليم الكبار عبر برامج خاصة تستخدم أساليب التعليم عن بعد.
- في مجال الصحة والبيئة: حيث تعطى الأولوية لتعزيز البرامج الوقائية، التي تحسن من صحة المرأة، وإدماج الصحة الانتخابية في البرامج التنموية للمجتمعات المحلية، وأيضا زيادة وعي المرأة بالمخاطر البيئية، وانعكاساتها على صحة أفراد الأسرة.
- في مجال الإعلام، حيث تبدو الأولويات في ذلك:
أ - العمل على مكافحة الصورة السلبية للمرأة، واستبدال صور متوازنة تعزز بها دورها الإيجابي في المجتمع ومشاركتها في التنمية، على أن يتم ذلك عبر آليات تنفيذ تعتمد تشكيل مجموعات خبراء من الإعلاميين، تكون مسؤولة عن مراجعة ما ينشر حول المرأة في وسائل الإعلام، وتوفير المعلومات والردود أيضا، وتخصيص جائزة باسم المنظمة لأفضل عمل إعلامي يبرز دور المرأة الإيجابي، إضافة إلى إقامة برامج تدريبية للإعلاميين، تحثهم على إعداد برامج لتوعية المرأة بحقوقها وواجباتها الشرعية والقانونية، وعلى عدم تقديم المرأة بصورة سلبية، والعمل أيضا مع وزارات التربية في الدول العربية، على إعادة النظر بالمناهج المدرسية، لإظهار المرأة كشريكة متساوية في بناء الأسرة والمجتمع.
- وفي المجال الاجتماعي: اعتمدت المنظمة على أسلوب التخطيط للنوع الاجتماعي، وتبني مفهوم التخطيط بالمشاركة، والتأكيد على تماسك الأسرة العربية لحماية المرأة والأسرة من المشكلات الممكنة.
- وفي المجال الاقتصادي: تعتمد المنظمة إعطاء الأولوية لمشكلة الفقر، والعمل على خفض نسبة الفقر وتخفيض أثاره على المرأة، خاصة في القطاع الريفي، من خلال توفير فرص العمل والتدريب الملائمة للمرأة .. والتوسع في إقامة المشروعات الصغيرة والبرامج الأسرية المنتجة.
- وفي المجال السياسي: فإن أولويات المنظمة العربية هي دعم المشاركة السياسية للمرأة، من خلال زيادة نسبة تمثيلها في المجالس التشريعية ومواقع القرار، وأيضا زيادة نسبة عضوية المرأة في الأحزاب والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني ..
- أما في المجال القانوني: فإن أولويات المنظمة تعديل التشريعات التي تحول دون مشاركة المرأة العربية، وإزالة أشكال التمييز ضدها، وذلك عبر آليات تعتمد على إنشاء مجموعة قانونية عربية، تسعى لإزالة الفجوة بين النص القانوني والتطبيق الواقعي له.
· نجاح برامج التنمية وضمان استدامتها
رهن بمشاركة المرأة في التنمية
تؤكد الآراء الحديثة الواردة في أدبيات التنمية، على أن نجاح برامج التنمية وضمان استدامتها، وقدرة المجتمعات على مواجهة التغيرات العالمية، والتواؤم معها، مرهون بمشاركة العنصر البشري، وحسن إعداد الإنسان وطبيعة تأهيله. وتعتبر المرأة العربية المسلمة عنصرا مهما في عملية التنمية. وإذا ما أريد لهذا العنصر أن يكون فعالا فلا بد أن تتوافر للمرأة معطيات أساسية، تمكنها من المساهمة الإيجابية في حركة التنمية وتوجيهها، ويأتي في مقدمة هذه المعطيات الإنتاج الاقتصادي، الذي يضعها في موضع القوة ويجعلها قادرة على خدمة مجتمعها. ويعتبر عمل المرأة في المؤسسات الخيرية المتاحة تدعيما لقدرتها الاقتصادية، كما يعطي مؤشرا واضحا على تفهم المرأة لدورها في بناء المجتمع، وقدرتها على المشاركة الحقيقية في التنمية، خاصة إذا ما أدركنا أن دورها في هذه المؤسسات في تطور مستمر، نظرا لما وصلت إليه المرأة من قدرة على الأداء، وسوف يعرض هذا المحور للدور المتغير الذي تلعبه المرأة في المجتمعات الإسلامية:
أولا: بالنسبة لمشاركتها في التنمية.
ثانيا: بالنسبة لمشاركتها في المنظمات غير الحكومية.
ثالثا: بالنسبة لمشاركتها في العمل التطوعي، مشيرة إلى دورها في المؤسسات المناحة. مع العلم بأنه لا توجد دراسات سابقة بشأن مشاركة المرأة في مؤسسات الخير المناحة والمتلقية.
أولا: بالنسبة لمشاركة المرأة في التنمية
يتصل مفهوم المشاركة بمفهومي التنمية والتمكين اتصالا وثيقا، فلقد أضحى من المسلم به أن تنمية حقيقية، يستحيل إنجازها على أي صعيد، دون مشاركة الناس بقطاعاتهم المختلفة، وفئاتهم وطبقاتهم وشرائحهم الاجتماعية، في صنعها من ناحية، وفي جني ثمارها من ناحية أخرى.
إن درجة المشاركة ونطاقها، تحدد إلى درجة كبيرة توزيع القوة السلطة في المجتمع، بمعنى القدرة على إحداث تأثير في الآخر الذي قد يكون فردا أو جماعة أو مجتمعا بأكمله، إلى المدى الذي نستطيع أن نقول فيه: إن المشاركة والتمكين هما وجهان لعملة واحدة. أي أن المشاركة لا تستهدف فقط تنمية المجتمع وصنع مستقبله، بل تستهدف أيضا تنمية الذات المشاركة وتطوير قدراتها وإمكاناتها، ووجودها الفاعل والمؤثر في الحياة الاجتماعية على أصعدتها المختلفة. ومن هنا فإن درجة مشاركة النساء في الجوانب المختلفة للواقع الاجتماعي، تقف كمؤشر أساسي على وضع المرأة ومشكلاتها، ومكانتها وقوتها وتمكنها في المجتمع.
ورغم حداثة مفهوم المشاركة النسائية، وارتباطه بتطورات حديثة في الحركة الاجتماعية بصورة عامة، والحركة النسائية بصفة خاصة، فإن ثمة أشكالا من المشاركة التقليدية للنساء، وبصفة خاصة في مجتمعنا العربي لا ينبغي تجاهلها، بل إن أي دعوة لمشاركة المرأة العربية مرهونة في نجاحها، باستلهامها وارتباطها بأشكال المشاركة التقليدية المتجذرة في ثقافتنا، مع إفادتها في الوقت ذاته من المدلولات الحديثة لمفهوم المشاركة.
تكتسب "المشاركة" إذن أهميتها ودلالتها بالنسبة للمرأة وقضاياها من حيث كونها آلية أساسية لتنمية الذات (المرأة ذاتها)، وتنمية الموضوع (المجتمع والواقع الاجتماعي)، وهما بعدان يرتبطان ارتباطا جدليا، فالذات أو الشخصية المتفتحة، القوية، والمزدهرة، والفاعلة، هي القادرة على تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، كما أن النمو الاجتماعي بدوره، يمكن أن يقاس بمدى الفرص التي يتيحها لتحقيق مشاركة القطاعات المختلفة، وتفتحها وازدهارها وفاعليته.
ونستطيع أن نقول في هذا الصدد: إن المرأة بعامة، والمرأة العربية بصفة خاصة، ما تزال تستشعر الكثير من الضغوط المؤسسية الاجتماعية، التي تعوق مشاركتها في صنع القرار، إن مفهوم التمكين هنا، يشير إلى كل ما من شأنه أن يطور مشاركة المرأة، وينمي من قدرتها ووعيها ومعرفتها، ومن ثم تحقيق ذاتها على مختلف الأصعدة: المادية والسيكولوجية والاجتماعية والسياسية، ويتيح لديها كافة القدرات والإمكانات، التي تجعلها قادرة على السيطرة على ظروفها ووضعها، ومن ثم الإسهام الحر والواعي في بناء المجتمع على كافة أصعدته.
ثانيا: مشاركة المرأة في التنظيمات غير الحكومية
المنظمات الأهلية غير الحكومية
من المسلم به أن دور المرأة ومشاركتها في التنظيمات الأهلية، لا ينفصل عن وضعها في المجتمع بصورة عامة، وهو الوضع الذي سيتحدد بدوره، بمدى تطور البني الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. وإن العلاقة بينهما علاقة جدلية وتفاعلية، فمن المستحيل أن تتطور أدوار المرأة وتتحرر وتصبح شريكا كاملا في المجتمع، إلا إذا سمحت مرحلة تطور البنى الاجتماعية والسياسية في هذا المجتمع بذلك، وهي بدورها تتأثر في تطورها بدرجة تحرر المرأة وتفاعلها مع حركة المجتمع.
يتمثل النشاط الأهلي للنساء في أنماط متعددة، من أقدمها وأكثرها شيوعا الجمعيات الخيرية النسائية، وهي الجمعيات التي ترتبط بالبر والإحسان، وتحاول بالتالي ترميم وإصلاح العيوب ومعالجة المشكلات من موقف إصلاحي، وهي أكثر أصناف الجمعيات رواجا وعراقة. وهي تارة جمعيات خيرية "مختلطة" تساهم فيها نساء، وتارة أخرى جمعيات خيرية نسائية صرفة، لا تعمل فيها إلا نساء ..
وهناك جمعيات واتحادات نسائية، مرتبطة بأحزاب في السلطة أو خارجها، فإن كانت هذه الأحزاب خارج السلطة، فإنها قد ترتبط بالحركة الوطنية، وتربط نظرتها للمرأة بموقفها الإيديولوجي