أنت تعمل بمجال الإدارة
تريد أن تبدع إدارايا
تذكرنا بالتميز والتفرد وتستخدم غالبا للمدح، وإسباغ صفات الذكاء على صاحبها، وللإبداع مفاهيم عديدة تختلف في الألفاظ وتتفق في المعاني والأهداف إذ يمثل الإبداع غالبا الرمز للموهبة الخلاقة.
الإبداع لغة (بدع الشيء: أنشأه على غير مثال سابق فهو بديع، وابتدع الشيء: اخترعه، والإبداع عند الفلاسفة: إيجاد شيء من العدم) كما جاء في المعجم الوجيز، وقد أحببت أن أعرج على مفهوم الإبداع في اللغة العربية توطئة لتوضيح مفهومه في اصطلاح علماء الإدارة وعلم الاجتماع، وذلك ليتبين ترابط المعنى اللغوي مع المعنى المعني والمتداول ..
مفهوم الإبداع
تعددت المصطلحات المتداولة لتعريف الإبداع ومنها على سبيل المثال:
1. أن ترى ما لا يراه الآخرون.
2. أن ترى المألوف بطريقة غير مألوفة.
3. القدرة على حل المشكلات بأساليب جديدة.
4. تنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد انطلاقا من عناصر موجودة
5. الأفكار أو الوسائل أو الطرق أو الأشياء المادية الجديدة بالنسبة إلى الأفراد التي تتبنى ذلك، وقد يكون الابتكار منتجا جديدا أو مرحلة عملية إنتاج جديدة أو تطبيقا جديدا لمجموعة وسائل أو أساليب في العمل.
6. السلوك الإنساني الذي يؤدي إلى تغيير في ناتج المواد المستخدمة ويتصف التغيير بالجدية والأصالة والقيمة والفائدة الاجتماعية.
وبالرغم من أن التعريفات السابقة تعريفات مطلقة وعامة، فإنها اتفقت وانتهت إلى أن أبرز شروط العمل الإبداعي هو الجدة والحداثة، أي أن تكون الفكرة أو الوسيلة أو العمل أو المادة المصنعة جديدة وغير مسبوقة، وإن انطلقت أو تجمعت من أفكار أو وسائل أو أعمال أو مواد موجودة فعليا، فالعبرة في وصف الإبداع في نتيجة العمل أو الفكرة المقدمة لا في مكوناتها التي قامت عليها فحسب.
وعلى سبيل المثال .. إن أجهزة الترفيه الجديدة والعصرية مثل (الآي بود) تعد أدوات إبداعية بالرغم من أنها صنعت من نفس مواد عناصر الأجهزة الإلكترونية الأخرى، ولا يعيب ذلك أنها إبداع جديد يضاف إلى عالم التقنيات الحديثة ووسائل الترفيه.
ومثال آخر دورة كرة القدم في الصالات تعد عملا إبداعيا في الرياضة، حيث تضمنت شروطا إضافية وطرقا جديدة لمزاولة اللعبة بالرغم من أنها مشتقة من اللعبة الأم.
الإبداع هو الابتكار
لاحظت أن بعض المراجع العربية المتخصصة في الإدارة تتكلم عن الإبداع الإداري، وبعضها يتكلم عن الابتكار في الإدارة، وأعتقد أن المعني في اللفظين واحد، ويتبين ذلك من خلال تشابه أو توحد العناصر التي تدور حولها المقالات والمؤلفات نفسها، وهذا ما دعا أحد الباحثين في هذا الموضوع إلى أن يقول (إن الإبداع الإداري والابتكار في الإدارة موضوعان جديدان، وصار الإبداع يستخدم قرينا للابتكار).
الإبداع الإداري
ينطلق مفهوم الإبداع الإداري من المفاهيم العامة للإبداع ذاتها، فالإبداع في الإدارة متعلق بالأفكار الجديدة في مجال الإدارة وتطوير المنتجات وقيادة فرق العمل وتحسين الخدمات للعملاء، وكل وظائف الإدارة المعروفة، وباختصار .. فالإبداع الإداري هو كل فكرة أو إجراء أو منتج يقدمه الموظفون صغارهم وكبارهم يتسم بالتجديد والإضافة، ويعود بمنافع إدارية أو اقتصادية أو اجتماعية على المؤسسة أو الأفراد أو المجتمع.
وقد عرف بعض العلماء الإبداع الإداري بتعريفات خاصة منها:
1. (الإبداع الإداري هو عملية فكرية منفردة تجمع بين المعرفة المتألقة والعمل الخلاق، تمس شتى مجالات الحياة، وتتعامل مع الواقع وتسعى نحو الأفضل، فضلا عن أن الإبداع ناتج تفاعل متغيرات ذاتية أو موضوعية أو شخصية أو بيئية أو سلوكية، يقودها أشخاص متميزون).
2. (يشمل الابتكار الإداري عمليات اتخاذ القرارات الرشيدة وتطوير العقلية البشرية وتطوير الهيكل التنظيمي، ويؤثر كل ذلك في التصرفات التي ترتبط بالنواحي الفعلية أو التفكير الابتكاري).
3. (في مجال التفكير الإبداعي تبرز قدرات القائد على تصور النتائج البعيدة والقريبة وابتكار الحلول، فالقائد المبدع لا يعتمد على الحلول التقليدية بل لديه الجرأة والقدرة على المخاطرة في تبني أفكار وحلول جديدة تختلف عن التفكير النمطي والأسلوب التقليدي).
4. (الإبداع الإداري هو عملية تسعى إلى إحداث نقلة متميزة على مستوى التنظيم، من خلال توليد مجموعة من الأفكار الابتكارية وتنفيذها من قبل أفراد العمل ومجموعاته).
وبذلك نرى أن تعريف الإبداع الإداري ينطلق من تعريفات الإبداع العامة التي تركز على دور الفرد في عملية الإبداع والقدرة على ابتكار الأفكار الجديدة والخلاقة، سواء أكان ذلك الإبداع فرديا أو جماعيا.
دوافع الإبداع في بيئة الإدارة العامة
كيف يصبح الإنسان مبدعا وكيف يمكن للإداري أو القائد أن يكون مبدعا في عمله؟ .. وما هي الدوافع التي تشجع القائد على ابتكار الأفكار وتبني القيادة الإبداعية في عمله؟
توجد عدة دوافع تدعو الإداري إلى الإبداع في عمله، وقد تكون هذه الدوافع ذاتية أو دوافع بيئية أو دوافع مادية أو معنوية.
وليس من الضرورة أن يكون القائد وحده مبدعا، بل يفترض فيه تجاوز ذلك ليكون حاضنا للإبداع في إدارته فيقتنص الموظفين المبدعين ويرعاهم وينمي ملكة الإبداع فيهم بما يمثلونه من ثروة للمؤسسة وفريق العمل الذي يشرف عليه (وفي هذا الصدد يجب على المنظمات أن تختار الأفراد العاملين فيها ممن يتوافر فيهم سمات الإبداع والابتكار، مثل اليقظة والفطنة والصدق والتأهب وسرعة التكيف مع الأوضاع .. ويجب على المنظمة أن تضطلع بدور فعال تجاه المجتمع من منطلق المسؤولية الاجتماعية بالمساهمة في خلق كوادر مبدعة).
وهذه بعض دوافع الإبداع
1. الحماس في تحقيق الأهداف الشخصية.
2. الرغبة في معالجة الأشياء الغامضة والمعقدة.
3. الحصول على رضا النفس والذات.
4. الرغبة في تقديم مساهمة مبتكرة قيمة.
5. الحصول على مكافآت مالية.
6. الحصول على الثناء والشهرة والسمعة الحسنة.
7. الحصول على مرتبة علمية مرموقة.
8. الحصول على وظيفة متميزة.
9. الرغبة في خدمة الأمة والوطن.
إن هذه الدوافع وغيرها أو بعضا منها تدعو الإنسان إلى الاندفاع نحو ابتكار الأساليب الجديدة في التفكير وفي العمل، وفي حل المشكلات، ومن الأدوار المهمة للمنظمات الحكومية والخاصة البحث واكتشاف أي من هذه الدوافع الموجودة لدى العاملين فيها لاستنهاضها في نفوسهم وتشجيعهم على الإبداع الإداري بما يعود بالفائدة على العاملين أنفسهم وعلى هذه المؤسسات.
خصائص الشخص المبدع؟
1 - الخصائص العقلية:
أ - الحساسية في تلمس المشكلات:
يمتاز المبدع بأنه يدرك الأزمات والمشكلات في المواقف المختلفة أكثر من غيره، فقد يتلمس أكثر من أزمة أو مشكلة تلح على البحث عن حل لها، في حين يرى الآخرون أن "كل شيء على مايرام"!، أو يتلمسون مشكلة دون الأخريات.
ب - الطلاقة:
وتتمثل في القدرة على استدعاء أكبر عدد ممكن من الأفكار في فترة زمنية قصيرة نسبيا وبازدياد تلك القدرة يزداد الإبداع وتنمو شجرته وهذه الطلاقة تنتظم.:
* الطلاقة الفكرية: سرعة إنتاج وبلورة عدد كبير من الأفكار.
* طلاقة الكلمات: سرعة إنتاج الكلمات والوحدات التعبيرية واستحضارها بصورة تدعم التفكير.
* طلاقة التعبير: سهولة التعبير عن الأفكار وصياغتها في قالب مفهوم.
ج - المرونة:
وتعني القدرة على تغيير زوايا التفكير (من الأعلى الى الأسفل والعكس ومن اليمين الى اليسار والعكس ومن الداخل الى الخارج والعكس وهكذا) من أجل توليد الأفكار، عبر التخلص من "القيود الذهنية المتوهمة" (المرونة التلقائية)، أو من خلال إعادة بناء اجزاء المشكلة ( المرونة التكيفية).
فمثلا باستنطاق "أزمة الكروان"، نجد أن أكثر الناس كانوا يفكرون:
من أعلى الى أسفل: كيف نمسك بالطائر من أعلى؟ ذلك أنهم كانوا يعتقدون بأن الحل يكمن في إيجاد وسيلة معينة يتم استخدامها من جانبهم "الأعلى" وإنزالها الى الطائر "الأسفل"، وهذه زاوية تفكير جيدة قد تنجح، ولكن الخطورة تكمن في الجمود عليها وعدم التماس زوايا أخرى!
بينما وجدنا الطفل المبدع يفكر من زاوية أخرى - بجانب الزاوية الأولى:
من اسفل الى أعلى: ماذا لو جعلنا الطائر يرتفع من جانبه، أي من أسفل الى أعلى لكي نتمكن من الإمساك به! إذا يمكننا تصوير كيف فكر هذا المبدع عبر الكلمات التالية:
بدأ هذا المبدع يحدث نفسه .. فكرت فيما مضى من أعلى الى أسفل .. فلماذا لاأفكر من اسفل الى أعلى .. لماذا لا أغير زاوية التفكير .. أي أنه قال لنفسه: لماذا لايرتفع الطائر بدلا من محاولة جذبه من فوق.
وفعلا .. جاءت فكرة سكب الرمل بكميات قليلة من الجهات المختلفة للحفرة لكي يرتفع الطائر شيئا فشيئا بعد أن ينفض الغبار عن جسده. ويسمي البعض هذا اللون من التفكير ب "التفكير رأسا على عقب".
د - الأصالة:
وتعني القدرة على إنتاج الأفكارالجديدة - على منتجها - بشرط كونها مفيدة وعملية.
وتشكل هذه الخصائص بمجموعها ما يسمى بالتفكير المنطلق (المتشعب)، وهو استنتاج حلول متعددة قد تكون صحيحة من معلومات معينة، وهذا اللون من التفكير يستخدمه المبدع أكثر من التفكير المحدد (التقاربي)، وهو استنتاح حل واحد صحيح من معلومات معينة.
ه - الذكاء:
أثبتت العديد من الدراسات أن الذكاء المرتفع ليس شرطا للإبداع، إنما يكفي الذكاء العادي لإنتاج الإبداع.
2 - الخصائص النفسية:
يمتاز المبدع نفسيا بما يلي:
1 - الثقة بالنفس والاعتداد بقدراتها، ولكن بلاغرور.
2 - قوة العزيمة ومضاء الإرادة وحب المغامرة.
3 - القدرة العالية على تحمل المسؤوليات.
4 - تعدد الميول والاهتمامات.
5 - عدم التعصب.
6 - الميل الى الإنفراد في اداء بعض اعماله، مع اجتماعية وقدرة عالية على اكتساب الأصدقاء.
7 - الاتصاف بالمرح والأريحية.
8 - القدرة على نقد الذات والتعرف على عيوبها.
3 - خصائص متفرقة:
1 - حب الاستكشاف والاستطلاع بالقراءة والملاحظة والتأمل ...
2 - الميل الى النقاش الهادىء.
3 - الإيمان غالبا بأنه في "الإمكان أبدع مما كان".
4 - دائم التغلب على "العائق الوحيد"، (وهو العائق الذي يتجدد ويتلون لصرفك عن الإنتاج والعطاء).
5 - البذل بإخلاص وتفان، وعدم التطلع الى الوجاهة والنفوذ، بمعنى أن تأثره بالدافع الداخلي (كالرغبة في الإسهام والعطاء، تحقق الذات، لذة الاكتشاف، والانجذاب المعرفي ونحوها) أكثر من الدافع الخارجي (المال، الشهرة، المنصب ونحوها.
هل يلزم توافر هذه السمات جميعها في الإنسان كي يكون مبدعا؟!
بالنسبة للخصائص العقلية يلزم توافرها كلها بدرجة معقولة، أما الخصائص الأخرى فيكفي أغلبها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق