التحرش الجنسي (أسبابه وطرق علاجه)
ترى لماذا انحدرت الأمور بنا إلى حد كهذا؟!
هل ترانا نقترب من نهاية الأيام؟ أم أن طريقنا صار مظلما لا يشرق النور فيه؟ إلى أين نسير أو إلى أين تسير الدنيا بنا، يا الله كم نحتاج لعفوك ورحمتك!.
سنتحدث اليوم عن ظاهرة أساسها مصطلح من المصطلحات أو المفاهيم التي أدخلت قسرا لحياتنا وواقعنا، وما كنا نتمنى أبدا أن يحدث أمر كهذا ..
ما هي هذه الظاهرة؟ ولماذا تحدث؟ وكيف يمكننا مواجهتها والتغلب عليها قبل أن تستفحل أكثر من ذلك؟ عن مثل هذه الأسئلة التي بات لزاما علينا أن نتعرض لها بكل مصارحة ومكاشفة سنتحدث بإسهاب، لأنها صارت إحدى القضايا الساخنة في هذه الأيام ....
عن التحرش الجنسي،
• ما هو التحرش الجنسي؟
إن التحرش هو فعل إرادي نابع من احتياج نفسي وبيولوجي للتنفيس عن الرغبة الجنسية المكبوتة لدى الفرد. تلك الرغبة التي تحتاج إلى إشباع، وفي ظل الابتعاد عن القيم والمثل العليا والضوابط المعروفة التي تقف أمام التجاوزات، يحدث أن يقوم جنس ما (غالبا ما يكون الذكر) بسلوك شائن يتعدى به على الجنس الآخر، بسلوك مباشر أو غير مباشر، قولا أو فعلا، تلميحا أو تصريحا. بطريقة لا تليق وغالبا ما تخدش الحياء وتتنافى مع السلوكيات البشرية السوية والمنضبطة.
• التحرش الجنسي هل هو مرتبط بحالات فردية، أم صار يرقى لمرتبة "الظاهرة"؟!
الحقيقة التي تزيد المشكلة تعقيدا، هي حدوث ما يسميه علماء الاجتماع ودارسي السلوك الإنساني، ب "الرأي أو السلوك الجماعي". فرغم أن الأمر قد يبدأ عادة بانحراف فردي في السلوك، إلا أننا يمكن بسهولة أن نجد الكثيرين يندفعون بسلوك القبيلة أو الغابة، يشتركون في صنع أمر ما خطأ، مدفوعين ومحملين بفرد واحد قد يكون هو الذي قد أشعل الشرارة الأولى، فيكون كأنه هو الذي نزع فتيل الانفجار، أو كسر قيد الالتزام والانضباط عند الكثيرين الذين يسعون وراءه ويأتون بنفس هذه الأفعال، فيزداد الأمر خطورة وعمقا، وتزداد المشكلة تفاقما وتعقيدا!
ولعل نظرة واحدة لإحصائيات علمية صادرة من مركز بحوث معترف به حول مدى انتشار هذه الظاهرة في واحدة من كبرى المجتمعات العربية، ربما تقدر أن ترينا مقدار المشكلة
تقول الإحصائية (نقلا عن هيئة الإذاعة البريطانية أن 85 في المئة من الإناث قلن إنهن تعرضن للتحرش الجنسي، وقالت معظمهن أنهن واجهن المضايقات بشكل يومي، في ذات الوقت الذي أقر فيه نحو ثلثي الرجال أنهم يتحرشون بالفتيات!. وأعتقد أننا نتفق هنا أن هذه النسبة إنما تنذر بخطر شديد، إن لم نقم كأفراد ومؤسسات خدمية وحكومية بالعمل على دراسة الموضوع واستقصائه بطريقة موسعة، بهدف الحد من انتشار هذا الأمر الخطير بمجتمعاتنا العربية التي طالما أشدنا ونشيد بها عن حق من جهة الأخلاقيات الجميلة والالتزام.
• التحرش الجنسي و ما هي الأسباب التي تؤدي اليه؟
لعلها كثيرة ومتعددة، لذلك نذكر بعضها في نقاط محددة كما يلي:
* غياب الوازع الديني والارتباط الحقيقي بالدين كصمام أمان يحفظ المرء من الانزلاق في الفساد والخطر والانحراف.
* العنصر الاقتصادي وارتفاع تكاليف الحياة الباهظة، إنما يلعب هو الآخر دورا هاما ومؤثرا في تأخر سن الزواج عند الشباب ومن ثم في تفاقم المشكلة.
* وسائل الترفيه والاتصال والإعلام على تنوعها (جرائد ومجلات، تلفزيون، راديو، إنترنت، ....)، كثيرا ما تقدم موادا يمكن وصفها إما بالمثيرة للغرائز أو مستفزة للكثيرين، مما يجعلهم كرد فعل ناقمين على المجتمع، ومن ثم لا يتورعون عن استغلال أية فرصة تتاح لهم في التعبير عن غضبهم ونقمتهم على هذا المجتمع بمثل هذه السلوكيات السلبية، التي منها التحرش الجنسي بالفتيات.
* الكبت الجنسي، قلة أو انعدام التربية والثقافة الجنسية بالشكل الصحيح يلعبون دورهم في تفاقم المشكلة.
* الفلسفة الذكورية الموروثة من القدم، والتي تتعامل مع المرأة على أنها أداة للمتعة وسخرة للرجل يستغلها لإشباع رغباته وغرائزه بالطريقة والكيفية التي ترضيه!.
* تراجع و انهيار السلم القيمي عند الأفراد والمجتمعات، تبعا لتغير المجتمعات وتفكك الأسر وانشغال الآباء والأمهات عن الدور المنوط بهم القيام به في التربية! مما أدى إلى انتشار الكثير من الأعراض السلوكية السلبية والمنحرفة.
* أيضا الثقافة التي تعمل على إخفاء أمور كهذه. أي ألا تبلغ أية فتاة السلطات المسؤولة عن أي تحرش يحدث معها حتى لا تسوء سمعتها أو تتهم أنها هي السبب في ذلك، بملابس أو سلوك يتهمها وهي منه بريئة. أمر كهذا يجعل الفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش يتقاعسن عن إبلاغ السلطات عن ذلك، مما يشجع الشباب على التمادي في سلوكهم الخاطىء وهم مطمئنون ما دام لا رادع ولا عقاب لهم على ممارسة مثل تلك المخالفات. مما يزيد الوضع تعقيدا!
* وعلى نفس النحو السابق، فإن عدم قيام مؤسسات الدول التربوية والإعلامية والدينية بل والأمنية أيضا، بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها لأجل تنشئة وتوعية الجيل الصاعد بخطورة أمر كهذا على الأفراد والمجتمعات على حد سواء!، وتحذيرهم من عواقب مثل هذه الأمور والقصاص فيها، إنما يلعب هو الآخر دورا مؤثرا في انتشار مثل هذه الظواهر السلبية واستفحالها.
* وربما لا نستطيع أن ننتهي من هذه النقطة دون أن نقول بموضوعية وحياد، إنه في مرات كثيرة بحق، يمكن أن تكون الفتاة المتحرش بها مسؤولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن عمد أو سهو، عن تعرضها لأمر كهذا. سواء بسبب طريقة ارتدائها للملابس الملفتة للنظر أو المثيرة وغير اللائقة، أو عن طريق وقفتها والطريقة التي تعبر بها عن نفسها، أو ......، وربما لو هي حرصت على أن تظهر بالمظهر اللائق شكلا كما سلوكا وتصرفا، لما عرضت نفسها لموقف مؤذ كهذا!.
• التحرش الجنسي و تأثيره على الشخص الذي يقوم به؟
الحقيقة أن الشخص الذي يقوم بهذا الأمر المشين وهو مسؤول عن تصرفاته (أقصد غير المريض أو المختل)، إنما يدفع هو أولا ثمن اقترافه مثل هذا العمل القبيح. فمن ناحية سيزيده أمرا كهذا انحرافا وسلبية وانغماسا أكثر في الخطية، لأنه لن يستطيع إشباع شهوته. ومن ناحية أخرى تصرفاته غير المسؤولة ستوقعه إن عاجلا أم آجلا تحت طائلة العقاب الأدبي والقانوني، نتيجة ارتكابه فعل فاضح آثم يعاقب عليه القانون ويستنكره عامة الأسوياء في كل زمان ومكان. ولو ضبط هذا الإنسان أو تم القبض عليه لنال ما نال من اهانة وذل وعار، وللأسف يكون هو كالمستحق له نظير فعله الآثم.
• كيف ينظر الله إلى هذا الشخص؟
يعلمنا الكتاب المقدس أن الله يكره الخطية، لكنه يحب مرتكبها! نعم يحبه ويغفر له إن هو تاب ورجع عن طريقه الخاطئ وطلب من الله الغفران. فحتى إن استمرت نظرة المجتمع لهذا الشخص سلبية تجاه هذا الخطأ المشين الذي ارتكبه، فالفرصة دوما مفتوحة بكل أمل ورجاء لمن يقبل إلى الله، وهو مؤكد سيجد عنده الصفح والغفران والبداية الجديدة.
• والآن، كيف نواجه التحرش الجنسي؟
إن الإجابة منطقيا إنما تنطلق مما ذكرناه في مرحلة سابقة (الأسباب)، وتستند على القيام بأفعال مضادة ومعاكسة لما قلناه فيها. وأوجز فأقول، ليقم كل فرد بدوره وليتحمل مسؤوليته. ولنعمل كلنا معا أفرادا وأسرا، جماعات ومؤسسات، على بذل كل مجهود لدينا. لنتكاتف ونعمل معا بنفس وقلب رجل واحد على إغلاق هذه الهوة المفتوحة التي يمكن أن تودي بنا جميعا. ليلتزم الرجال ولتلتزم الفتيات والنساء، ولتؤدي وسائل الإعلام ودور العبادة دورها لأجل تنقية الأجواء والتخلص من مثل هذه الظاهرة الفتاكة!
إن التحرش آفة خطيرة وداء عضال ولقد انتشر في زماننا هذا؛ حيث ظن كثير من أهل الشهوات أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فانطلقت أعينهم الجائرة والحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات فانتشرت الفواحش والتحرش بالفتيات حتى بالأطفال وذلك لعدة أسباب :
السبب الأول: ضعف الإيمان؛ نعم إذا ابتعد الإنسان عن الله وعن القرآن وعن ذكر الله آخاه الشيطان وأصبح قرينه؛ قال الله تعالى) ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ([الزخرف: 36]؛ ولقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان عن الزاني وقت ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء حيث قال في (حديث مرفوع) حدثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب يعني: الخمر حين يشربها وهو مؤمن، فإياكم إياكم" فلابد من العودة إلى الدين والتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
السبب الثاني: غياب دور الوالدين؛ ما ضيع الأبناء إلا إهمال الوالدين تربية الأبناء تربية سليمة؛ وعدم مراعاتهما للمسؤولية التي كلفهم الشرع بها؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته)) متفق عليه (98).
وقال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
فنهيب بالوالدين أن ينتبها إلى أن دورهما في التربية هام وخطير؛ وبالأخص الأم فقديما قالوا:
الأم مدرسة إن أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
السبب الثالث: السلبية (عدم قيام الناس بالواجب عليهم من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)؛ يجب على الناس أن يواجهوا هذا المتحرش بنهيه عما يرتكب من جريمة بشعة في حق أخواته المسلمات قال الله تعالى:) والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ([التوبة: 71].
السبب الرابع: التبرج والسفور؛ إن خروج النساء والبنات متبرجات سبب رئيس في اشعال نار الفتنة عند الرجال والشباب؛ للأسف الشديد كيف قبل الوالدان خروج البنت بهذه الملابس الخليعة الوضيعة التي أظهرت مفاتنها؛ وفصلت جسمها كأنها لا تلبس شيئا؟! كيف قبل الرجل على نفسه أن يكون خنزيرا لا يغار على عرضه؟ ولا ينظر الله إليه يوم القيامة حدثنا الحسن بن يحيى الأرزي، حدثنا محمد بن بلال، حدثنا عمران القطان، عن محمد بن عمرو، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق بوالديه والديوث والرجلة؛ ولقد نهانا الله عن التبرج فقال تعالى:) ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ([الأحزاب: 33].
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم" أخرجه البيهقي في سننه.
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "أخرجه الإمام أحمد في المسند، والإمام مسلم في الصحيح.
ومعنى كاسيات عاريات: أنهن لابسات ثيابا رقاقا تصف مفاتنهن ومحاسنهن. وقيل معناه: أنهن يسترن بعض بدنهن ويظهرن بعضه. وقيل معناه: أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى والعفاف.
السبب الخامس: الاختلاط بي الرجال والنساء في أماكن العمل والمواصلات؛ وبين الشباب والشواب في المدارس والمعاهد والكليات؛ سبب آخر في انتشار جريمة التحرش؛ حيث لا ضوابط ولا حدود لهذا الاختلاط؛ وخاصة حين يخلو الرجل بامرأة أجنبية عنه وليس معها ذو محرم وهنا تكون الكارثة؛ لذلك نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخلوة بالأجنبية فعن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجة، واكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: "ارجع، فحج مع امرأتك"؛ يا مسلم يا غيور لا تترك امرأتك أو ابنتك مع أجنبي بمفردهما لأن الشيطان ثالثهما؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
فلا تأمن رجلا معه الشيطان على زوجتك أو ابنتك حتى لو كان خطيبها أو ابن عمها أو ابن خالها) وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه
السبب السادس: تعقيد الزواج وتعسير مؤنة الزواج حتى عف الشباب عن الحلال وبحثوا عن الحرام؛ والواجب علينا أن نيسر كما أمرنا الإسلام قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "يسروا ولا تعسروا" وروى أحمد والحاكم وبن حبان عن على بن أبى طالب أن رسول الله "لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة آدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرتين" أي أنه اقتصر على أبسط الضروريات التي لا غنى مطلقا عنها فلا شئ من الكماليات؛ فيسروا يسر الله لكم.
السبب السابع: الإعلام الحقير الذي أفسد علينا حياتنا ومجتمعاتنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا؛ إن ما يعرض علينا في شاشات التلفاز المدمر من عري وتبرج وانتهاك لحرمات الله في مسلسلات وأفلام ومسرحيات ماجنة؛ والكل يشاهد ذلك الفساد الرجل والمرأة والشاب والفتاة والأخ والأخت وهنا تقع الكوارث؛ فانتبهوا يا أمة الإسلام فلقد قال الله تعالى:) والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ([النساء: 27].
يجب على الوالدين الحفاظ على أبنائهم وبناتهم من هذه السموم التي تدمر حياتهم وتقضي على القيم والمبادئ والأخلاق التي ما جاء الإسلام إلا ليتممها؛ لذلك توعد الله هؤلاء المفسدين بالوعيد الشديد قال تعالى:) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ([النور: 19].
فاستيقظوا ايها الغافلون لهذا المدمر الخطير (التلفاز).
ولا نغفل أيضا دور النت الفعال في هذا الضلال وإفساد أخلاق الشباب والفتيات.
وأرجوا من كل شاب أن يتقي الله في أخواته المسلمات؛ وأن يعاملهن كأنهن أخواته فيجب عليه حمايتهن لا أن يعتدي هو عليهن؛ ولتعلم أنه كما تدين تدان وإذا ما فعلت ذلك مع نساء بنات الناس فاعلم أنه سيرد لك فهل تقبل أن يرد ذلك لك في أهلك؟ ! فاتق الله في أهلك ونفسك وبنات المسلمين.
فعن أبى أمامة (رضى الله عنه) قال: إن فتى شابا أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ائذن لى فى الزنا، فأقبل القوم فزجروه، وقالوا: مه مه (*)!
فقال له: "ادنه" - أي اقترب منى -، فدنا منه قريبا،
قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك.
قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم".
قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: "لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم".
قال: أفتحبه لأختك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم".
قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك". قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم".
قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم".
قال - راوي الحديث - فوضع يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه" فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ.
في النهاية لأختم مقالتي، سأتوجه بكلمات بسيطة لفئات متنوعة،
إلى القائمين على وسائل الإعلام:
إن إثارة الغرائز وإلهاب العواطف لمجرد تحقيق ربح معين لهو أمر له مردوده السلبي والخطير. وإن كان الله قد أوكلكم على أمانة وعلى رسالة فاعلة ومؤثرة، فإنني أرجوكم أن تتقوا الله فيما تقدمونه عبر نوافذكم الإعلامية، حتى يكون مفيدا وبناء للفرد والمجتمع على حد سواء.
عزيزتي الفتاة،
لاحظي مظهرك وسلوكك جيدا حتى لا تعطي الفرصة لأي شاب ضعيف أن يجد فيك ما يشجعه على مضايقتك. كوني طاهرة ونقية شكلا ومضمونا. من الداخل بالقلب النقي بمعرفة الله، ومن الخارج بالمظهر المناسب.
عزيزي الشاب،
لا تنساق وراء غرائزك ودع قيمك وصلتك بالله تحفظك من أي منزلق خطر. اعلم أن أمرا كالتحرش لن يفيدك شيئا، بل إن الضرر من ورائه أمر مؤكد! حكم ضميرك قبل كل تصرف واعلم أن الله رقيب ولا يترك الخطية دون عقاب. تعامل مع هذه الأنثى كأنها أمك أو أختك أو زوجتك. تحاشى كل مثيرات تتعبك أو أصدقاء سوء يضرونك، وتب عما اقترفته من خطايا والله غفور رحيم.
عزيزتي الأم، عزيزي الأب،
راقبا مظهر أولادكما وسلوكياتهم، ازرعا فيهم خوف الله وتقواه، لأنكما إن عملتما هذا فثوابكما كبير، لأنكما تكونان قد أفدتما نفسيكما وأولادكما ومجتمعكما.
أسأل الله أن يهدي المسلمين جميعا وشباب المسلمين وبناتهم وأن يردنا إلى دينه مردا جميلاً
ترى لماذا انحدرت الأمور بنا إلى حد كهذا؟!
هل ترانا نقترب من نهاية الأيام؟ أم أن طريقنا صار مظلما لا يشرق النور فيه؟ إلى أين نسير أو إلى أين تسير الدنيا بنا، يا الله كم نحتاج لعفوك ورحمتك!.
سنتحدث اليوم عن ظاهرة أساسها مصطلح من المصطلحات أو المفاهيم التي أدخلت قسرا لحياتنا وواقعنا، وما كنا نتمنى أبدا أن يحدث أمر كهذا ..
ما هي هذه الظاهرة؟ ولماذا تحدث؟ وكيف يمكننا مواجهتها والتغلب عليها قبل أن تستفحل أكثر من ذلك؟ عن مثل هذه الأسئلة التي بات لزاما علينا أن نتعرض لها بكل مصارحة ومكاشفة سنتحدث بإسهاب، لأنها صارت إحدى القضايا الساخنة في هذه الأيام ....
عن التحرش الجنسي،
• ما هو التحرش الجنسي؟
إن التحرش هو فعل إرادي نابع من احتياج نفسي وبيولوجي للتنفيس عن الرغبة الجنسية المكبوتة لدى الفرد. تلك الرغبة التي تحتاج إلى إشباع، وفي ظل الابتعاد عن القيم والمثل العليا والضوابط المعروفة التي تقف أمام التجاوزات، يحدث أن يقوم جنس ما (غالبا ما يكون الذكر) بسلوك شائن يتعدى به على الجنس الآخر، بسلوك مباشر أو غير مباشر، قولا أو فعلا، تلميحا أو تصريحا. بطريقة لا تليق وغالبا ما تخدش الحياء وتتنافى مع السلوكيات البشرية السوية والمنضبطة.
• التحرش الجنسي هل هو مرتبط بحالات فردية، أم صار يرقى لمرتبة "الظاهرة"؟!
الحقيقة التي تزيد المشكلة تعقيدا، هي حدوث ما يسميه علماء الاجتماع ودارسي السلوك الإنساني، ب "الرأي أو السلوك الجماعي". فرغم أن الأمر قد يبدأ عادة بانحراف فردي في السلوك، إلا أننا يمكن بسهولة أن نجد الكثيرين يندفعون بسلوك القبيلة أو الغابة، يشتركون في صنع أمر ما خطأ، مدفوعين ومحملين بفرد واحد قد يكون هو الذي قد أشعل الشرارة الأولى، فيكون كأنه هو الذي نزع فتيل الانفجار، أو كسر قيد الالتزام والانضباط عند الكثيرين الذين يسعون وراءه ويأتون بنفس هذه الأفعال، فيزداد الأمر خطورة وعمقا، وتزداد المشكلة تفاقما وتعقيدا!
ولعل نظرة واحدة لإحصائيات علمية صادرة من مركز بحوث معترف به حول مدى انتشار هذه الظاهرة في واحدة من كبرى المجتمعات العربية، ربما تقدر أن ترينا مقدار المشكلة
تقول الإحصائية (نقلا عن هيئة الإذاعة البريطانية أن 85 في المئة من الإناث قلن إنهن تعرضن للتحرش الجنسي، وقالت معظمهن أنهن واجهن المضايقات بشكل يومي، في ذات الوقت الذي أقر فيه نحو ثلثي الرجال أنهم يتحرشون بالفتيات!. وأعتقد أننا نتفق هنا أن هذه النسبة إنما تنذر بخطر شديد، إن لم نقم كأفراد ومؤسسات خدمية وحكومية بالعمل على دراسة الموضوع واستقصائه بطريقة موسعة، بهدف الحد من انتشار هذا الأمر الخطير بمجتمعاتنا العربية التي طالما أشدنا ونشيد بها عن حق من جهة الأخلاقيات الجميلة والالتزام.
• التحرش الجنسي و ما هي الأسباب التي تؤدي اليه؟
لعلها كثيرة ومتعددة، لذلك نذكر بعضها في نقاط محددة كما يلي:
* غياب الوازع الديني والارتباط الحقيقي بالدين كصمام أمان يحفظ المرء من الانزلاق في الفساد والخطر والانحراف.
* العنصر الاقتصادي وارتفاع تكاليف الحياة الباهظة، إنما يلعب هو الآخر دورا هاما ومؤثرا في تأخر سن الزواج عند الشباب ومن ثم في تفاقم المشكلة.
* وسائل الترفيه والاتصال والإعلام على تنوعها (جرائد ومجلات، تلفزيون، راديو، إنترنت، ....)، كثيرا ما تقدم موادا يمكن وصفها إما بالمثيرة للغرائز أو مستفزة للكثيرين، مما يجعلهم كرد فعل ناقمين على المجتمع، ومن ثم لا يتورعون عن استغلال أية فرصة تتاح لهم في التعبير عن غضبهم ونقمتهم على هذا المجتمع بمثل هذه السلوكيات السلبية، التي منها التحرش الجنسي بالفتيات.
* الكبت الجنسي، قلة أو انعدام التربية والثقافة الجنسية بالشكل الصحيح يلعبون دورهم في تفاقم المشكلة.
* الفلسفة الذكورية الموروثة من القدم، والتي تتعامل مع المرأة على أنها أداة للمتعة وسخرة للرجل يستغلها لإشباع رغباته وغرائزه بالطريقة والكيفية التي ترضيه!.
* تراجع و انهيار السلم القيمي عند الأفراد والمجتمعات، تبعا لتغير المجتمعات وتفكك الأسر وانشغال الآباء والأمهات عن الدور المنوط بهم القيام به في التربية! مما أدى إلى انتشار الكثير من الأعراض السلوكية السلبية والمنحرفة.
* أيضا الثقافة التي تعمل على إخفاء أمور كهذه. أي ألا تبلغ أية فتاة السلطات المسؤولة عن أي تحرش يحدث معها حتى لا تسوء سمعتها أو تتهم أنها هي السبب في ذلك، بملابس أو سلوك يتهمها وهي منه بريئة. أمر كهذا يجعل الفتيات اللاتي يتعرضن للتحرش يتقاعسن عن إبلاغ السلطات عن ذلك، مما يشجع الشباب على التمادي في سلوكهم الخاطىء وهم مطمئنون ما دام لا رادع ولا عقاب لهم على ممارسة مثل تلك المخالفات. مما يزيد الوضع تعقيدا!
* وعلى نفس النحو السابق، فإن عدم قيام مؤسسات الدول التربوية والإعلامية والدينية بل والأمنية أيضا، بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها لأجل تنشئة وتوعية الجيل الصاعد بخطورة أمر كهذا على الأفراد والمجتمعات على حد سواء!، وتحذيرهم من عواقب مثل هذه الأمور والقصاص فيها، إنما يلعب هو الآخر دورا مؤثرا في انتشار مثل هذه الظواهر السلبية واستفحالها.
* وربما لا نستطيع أن ننتهي من هذه النقطة دون أن نقول بموضوعية وحياد، إنه في مرات كثيرة بحق، يمكن أن تكون الفتاة المتحرش بها مسؤولة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، عن عمد أو سهو، عن تعرضها لأمر كهذا. سواء بسبب طريقة ارتدائها للملابس الملفتة للنظر أو المثيرة وغير اللائقة، أو عن طريق وقفتها والطريقة التي تعبر بها عن نفسها، أو ......، وربما لو هي حرصت على أن تظهر بالمظهر اللائق شكلا كما سلوكا وتصرفا، لما عرضت نفسها لموقف مؤذ كهذا!.
• التحرش الجنسي و تأثيره على الشخص الذي يقوم به؟
الحقيقة أن الشخص الذي يقوم بهذا الأمر المشين وهو مسؤول عن تصرفاته (أقصد غير المريض أو المختل)، إنما يدفع هو أولا ثمن اقترافه مثل هذا العمل القبيح. فمن ناحية سيزيده أمرا كهذا انحرافا وسلبية وانغماسا أكثر في الخطية، لأنه لن يستطيع إشباع شهوته. ومن ناحية أخرى تصرفاته غير المسؤولة ستوقعه إن عاجلا أم آجلا تحت طائلة العقاب الأدبي والقانوني، نتيجة ارتكابه فعل فاضح آثم يعاقب عليه القانون ويستنكره عامة الأسوياء في كل زمان ومكان. ولو ضبط هذا الإنسان أو تم القبض عليه لنال ما نال من اهانة وذل وعار، وللأسف يكون هو كالمستحق له نظير فعله الآثم.
• كيف ينظر الله إلى هذا الشخص؟
يعلمنا الكتاب المقدس أن الله يكره الخطية، لكنه يحب مرتكبها! نعم يحبه ويغفر له إن هو تاب ورجع عن طريقه الخاطئ وطلب من الله الغفران. فحتى إن استمرت نظرة المجتمع لهذا الشخص سلبية تجاه هذا الخطأ المشين الذي ارتكبه، فالفرصة دوما مفتوحة بكل أمل ورجاء لمن يقبل إلى الله، وهو مؤكد سيجد عنده الصفح والغفران والبداية الجديدة.
• والآن، كيف نواجه التحرش الجنسي؟
إن الإجابة منطقيا إنما تنطلق مما ذكرناه في مرحلة سابقة (الأسباب)، وتستند على القيام بأفعال مضادة ومعاكسة لما قلناه فيها. وأوجز فأقول، ليقم كل فرد بدوره وليتحمل مسؤوليته. ولنعمل كلنا معا أفرادا وأسرا، جماعات ومؤسسات، على بذل كل مجهود لدينا. لنتكاتف ونعمل معا بنفس وقلب رجل واحد على إغلاق هذه الهوة المفتوحة التي يمكن أن تودي بنا جميعا. ليلتزم الرجال ولتلتزم الفتيات والنساء، ولتؤدي وسائل الإعلام ودور العبادة دورها لأجل تنقية الأجواء والتخلص من مثل هذه الظاهرة الفتاكة!
إن التحرش آفة خطيرة وداء عضال ولقد انتشر في زماننا هذا؛ حيث ظن كثير من أهل الشهوات أنهم أحرار في عقولهم وأجسادهم يتصرفون فيها بما تمليه عليهم شهواتهم فانطلقت أعينهم الجائرة والحائرة تبحث عن فرائسها كما لو كانت في الغابات فانتشرت الفواحش والتحرش بالفتيات حتى بالأطفال وذلك لعدة أسباب :
السبب الأول: ضعف الإيمان؛ نعم إذا ابتعد الإنسان عن الله وعن القرآن وعن ذكر الله آخاه الشيطان وأصبح قرينه؛ قال الله تعالى) ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ([الزخرف: 36]؛ ولقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان عن الزاني وقت ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء حيث قال في (حديث مرفوع) حدثنا يزيد بن هارون، أنا محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب يعني: الخمر حين يشربها وهو مؤمن، فإياكم إياكم" فلابد من العودة إلى الدين والتمسك بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
السبب الثاني: غياب دور الوالدين؛ ما ضيع الأبناء إلا إهمال الوالدين تربية الأبناء تربية سليمة؛ وعدم مراعاتهما للمسؤولية التي كلفهم الشرع بها؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، والأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته)) متفق عليه (98).
وقال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوده أبوه
فنهيب بالوالدين أن ينتبها إلى أن دورهما في التربية هام وخطير؛ وبالأخص الأم فقديما قالوا:
الأم مدرسة إن أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
السبب الثالث: السلبية (عدم قيام الناس بالواجب عليهم من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر)؛ يجب على الناس أن يواجهوا هذا المتحرش بنهيه عما يرتكب من جريمة بشعة في حق أخواته المسلمات قال الله تعالى:) والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ([التوبة: 71].
السبب الرابع: التبرج والسفور؛ إن خروج النساء والبنات متبرجات سبب رئيس في اشعال نار الفتنة عند الرجال والشباب؛ للأسف الشديد كيف قبل الوالدان خروج البنت بهذه الملابس الخليعة الوضيعة التي أظهرت مفاتنها؛ وفصلت جسمها كأنها لا تلبس شيئا؟! كيف قبل الرجل على نفسه أن يكون خنزيرا لا يغار على عرضه؟ ولا ينظر الله إليه يوم القيامة حدثنا الحسن بن يحيى الأرزي، حدثنا محمد بن بلال، حدثنا عمران القطان، عن محمد بن عمرو، عن سالم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق بوالديه والديوث والرجلة؛ ولقد نهانا الله عن التبرج فقال تعالى:) ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ([الأحزاب: 33].
وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم" أخرجه البيهقي في سننه.
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا "أخرجه الإمام أحمد في المسند، والإمام مسلم في الصحيح.
ومعنى كاسيات عاريات: أنهن لابسات ثيابا رقاقا تصف مفاتنهن ومحاسنهن. وقيل معناه: أنهن يسترن بعض بدنهن ويظهرن بعضه. وقيل معناه: أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى والعفاف.
السبب الخامس: الاختلاط بي الرجال والنساء في أماكن العمل والمواصلات؛ وبين الشباب والشواب في المدارس والمعاهد والكليات؛ سبب آخر في انتشار جريمة التحرش؛ حيث لا ضوابط ولا حدود لهذا الاختلاط؛ وخاصة حين يخلو الرجل بامرأة أجنبية عنه وليس معها ذو محرم وهنا تكون الكارثة؛ لذلك نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخلوة بالأجنبية فعن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجة، واكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: "ارجع، فحج مع امرأتك"؛ يا مسلم يا غيور لا تترك امرأتك أو ابنتك مع أجنبي بمفردهما لأن الشيطان ثالثهما؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ".
فلا تأمن رجلا معه الشيطان على زوجتك أو ابنتك حتى لو كان خطيبها أو ابن عمها أو ابن خالها) وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه
السبب السادس: تعقيد الزواج وتعسير مؤنة الزواج حتى عف الشباب عن الحلال وبحثوا عن الحرام؛ والواجب علينا أن نيسر كما أمرنا الإسلام قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "يسروا ولا تعسروا" وروى أحمد والحاكم وبن حبان عن على بن أبى طالب أن رسول الله "لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة آدم حشوها ليف ورحيين وسقاء وجرتين" أي أنه اقتصر على أبسط الضروريات التي لا غنى مطلقا عنها فلا شئ من الكماليات؛ فيسروا يسر الله لكم.
السبب السابع: الإعلام الحقير الذي أفسد علينا حياتنا ومجتمعاتنا ونساءنا وبناتنا وشبابنا؛ إن ما يعرض علينا في شاشات التلفاز المدمر من عري وتبرج وانتهاك لحرمات الله في مسلسلات وأفلام ومسرحيات ماجنة؛ والكل يشاهد ذلك الفساد الرجل والمرأة والشاب والفتاة والأخ والأخت وهنا تقع الكوارث؛ فانتبهوا يا أمة الإسلام فلقد قال الله تعالى:) والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ([النساء: 27].
يجب على الوالدين الحفاظ على أبنائهم وبناتهم من هذه السموم التي تدمر حياتهم وتقضي على القيم والمبادئ والأخلاق التي ما جاء الإسلام إلا ليتممها؛ لذلك توعد الله هؤلاء المفسدين بالوعيد الشديد قال تعالى:) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ([النور: 19].
فاستيقظوا ايها الغافلون لهذا المدمر الخطير (التلفاز).
ولا نغفل أيضا دور النت الفعال في هذا الضلال وإفساد أخلاق الشباب والفتيات.
وأرجوا من كل شاب أن يتقي الله في أخواته المسلمات؛ وأن يعاملهن كأنهن أخواته فيجب عليه حمايتهن لا أن يعتدي هو عليهن؛ ولتعلم أنه كما تدين تدان وإذا ما فعلت ذلك مع نساء بنات الناس فاعلم أنه سيرد لك فهل تقبل أن يرد ذلك لك في أهلك؟ ! فاتق الله في أهلك ونفسك وبنات المسلمين.
فعن أبى أمامة (رضى الله عنه) قال: إن فتى شابا أتى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ائذن لى فى الزنا، فأقبل القوم فزجروه، وقالوا: مه مه (*)!
فقال له: "ادنه" - أي اقترب منى -، فدنا منه قريبا،
قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك.
قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم".
قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: "لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لبناتهم".
قال: أفتحبه لأختك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لأخواتهم".
قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك". قال: "ولا الناس يحبونه لعماتهم".
قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: "لا والله، جعلني الله فداءك".
قال: "ولا الناس يحبونه لخالاتهم".
قال - راوي الحديث - فوضع يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه" فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ.
في النهاية لأختم مقالتي، سأتوجه بكلمات بسيطة لفئات متنوعة،
إلى القائمين على وسائل الإعلام:
إن إثارة الغرائز وإلهاب العواطف لمجرد تحقيق ربح معين لهو أمر له مردوده السلبي والخطير. وإن كان الله قد أوكلكم على أمانة وعلى رسالة فاعلة ومؤثرة، فإنني أرجوكم أن تتقوا الله فيما تقدمونه عبر نوافذكم الإعلامية، حتى يكون مفيدا وبناء للفرد والمجتمع على حد سواء.
عزيزتي الفتاة،
لاحظي مظهرك وسلوكك جيدا حتى لا تعطي الفرصة لأي شاب ضعيف أن يجد فيك ما يشجعه على مضايقتك. كوني طاهرة ونقية شكلا ومضمونا. من الداخل بالقلب النقي بمعرفة الله، ومن الخارج بالمظهر المناسب.
عزيزي الشاب،
لا تنساق وراء غرائزك ودع قيمك وصلتك بالله تحفظك من أي منزلق خطر. اعلم أن أمرا كالتحرش لن يفيدك شيئا، بل إن الضرر من ورائه أمر مؤكد! حكم ضميرك قبل كل تصرف واعلم أن الله رقيب ولا يترك الخطية دون عقاب. تعامل مع هذه الأنثى كأنها أمك أو أختك أو زوجتك. تحاشى كل مثيرات تتعبك أو أصدقاء سوء يضرونك، وتب عما اقترفته من خطايا والله غفور رحيم.
عزيزتي الأم، عزيزي الأب،
راقبا مظهر أولادكما وسلوكياتهم، ازرعا فيهم خوف الله وتقواه، لأنكما إن عملتما هذا فثوابكما كبير، لأنكما تكونان قد أفدتما نفسيكما وأولادكما ومجتمعكما.
أسأل الله أن يهدي المسلمين جميعا وشباب المسلمين وبناتهم وأن يردنا إلى دينه مردا جميلاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق