عراقيل وشروط سباق إنتخابات الرئاسة المصرية ودور الرئيس القادم
المشهد السياسي المصري ، مرشح لأن يزداد سخونة ، مع إرتفاع مؤشرات التوقعات والتساؤلات والتصريحات والتحذيرات ، وأن يكون مصدر القلق الأكبر كما يرى خبراء سياسيون ليس في المرشحين ، وإنما في أعوانهم ورجال حملاتهم الإنتخابية ، والخطاب الإعلامي الهابط الذي قد تلجأ إليه حملة أو أخرى .
. وقد تراجعت المخاوف من إحتمال إعلان حمدين صباحي الإنسحاب من السباق في اللحظة الأخيرة تحت دعاوى مختلفة تصب في مصلحة الأطراف المتربصة بمصر داخليا وخارجيا ، وتراجعت المخاوف بعد أن دخل سباق الإنتخابات الرئاسية المستشار مرتضى منصور ، رئيس محكمة سابق ، والمحامي الشهير ورئيس نادي الزمالك ، ومحمود حسام الدين محمود ، ضابط سابق بإدارة حراسات مجلس الوزراء والمرشح الرئاسي السابق في عام 2012، فضلا عن التوقعات القائمة بترشح شخصية مهمة " مسؤول سابق في احد الأجهزة السيادية " قبل إنتهاء موعد تقديم أوراق الترشح ! ولم يعلن أي مرشح حتى الان عن تفاصيل برنامجه الإنتخابي ، بإستثناء الإشارات عن الخطوط العريضة ، والتي تعد من وجهة نظر الدوائر السياسية في القاهرة مجرد نقاط إسترشادية عامة ! وفي حين يعكف كل فريق من الخبراء والمتخصصين في الحملات الإنتخابية لكل مرشح ، على إعداد برامج المرشحين بالتفصيل ، والجدول الزمني للتنفيذ ..
ملامح برامج المرشحين
وإذ كان برنامج المشير السيسي ( كما علمت عن قرب من داخل مقر حملته الإنتخابية في منطقة التجمع الخامس شرق القاهرة ) يتضمن الملفات الداخلية الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والخدمات الحكومية للمواطنين ، وملفات عربية حول العلاقات العربية العربية بصفة عامة ، والعلاقات المصرية العربية بصفة خاصة ، والعلاقات المصرية الإقليمية " تركيا وإيران تحديدا " وتفعيل دور جامعة الدول العربية ، وطرح رؤية جديدة للتضامن والتكامل العربي ( تكتلات جبهوية ) أبرزها حسب معلوماتنا من داخل الحملة دول الخليج " السعودية والكويت والإمارات والبحرين " ومصر والأردن ، ويضم البرنامج 3 مشروعات قومية تنموية كبرى ، سوف تساهم في توفير فرص عمل لملايين المصريين .. فإن برنامج حمدين صباحي ، حسب تصريحاته الخاصة، يستهدف إستئصال الإرهاب ، وكيفية إعادة القدرة على التماسك لمصر ، وأن تكون مصر دولة ديمقراطية فيها عدالة وتنمية وتوزيع عادل للثروة ، وقال " صباحي " إن برنامجه الإنتخابي ليس جديدا ، وهو البرنامج نفسه الذي خاض به الإنتخابات الرئاسية السابقة 2012 ولكن الحملة الإنتخابية قامت بإعادة دراسته وإدخال مجموعة كبيرة من التغييرات عليه كي يتناسب مع الوضع الحالي لمصر ، بعد التغييرات التي طرأت على الأوضاع السياسية والإقتصادية خلال العامين الماضيين .. أما برنامج المرشح المحتمل المستشار مرتضى منصور ، فإنه يتضمن حسب تصريحاته القضاء على الفقر والبطالة باعتبارهما مصدر الإرهاب ، ومنع تداول الخمور وكل ما حرم الله ، وأنه سيعمل على تطبيق دولة القانون ، وحل مشكلة المرور ، وتوفير الخدمات التعليمية والصحية والدواء والغذاء والحفاظ على كرامة المواطنين ومن ثم أعلن إنسحابة من سباق الرئاسة المصرية.. وعن تصور العلاقات الخارجية لمصر في ضوء برنامجه الإنتخابي ؟ ! قال مرتضى منصور : سنحرص فقط على علاقتنا مع جميع الدول التي تحترم سيادتنا ، ولدينا رؤية واضحة لما يحدث في سورية ، فهناك مؤامرة وخيانة وليست ثورة ، وإنما محاولات للقضاء على الكيان العربي وتخريب البلاد العربية !
هيكل : برامج المرشحين دون المستوى المطلوب
يرى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ،
أن أي مرشح لا يحتاج إلى برامج تفصيلية ، وأن البرامج الموجودة سواء للسيسي أو صباحي ليست كافية ، برغم أنه قد بذل فيها جهدا كبيرا ، ولكنه في الحقيقة دون المطلوب ، وأن رؤية برنامج أي مرشح لا يمكن أن تعتمد على أبحاث فقط ، ونحن نحتاج إلى ما هو أعمق وأشمل .. وقال " هيكل " : إن المشير السيسي ، وكذلك صباحي ، لا يحتاج إلى برنامج ، فثمة مشاكل عاجلة من الضروري مواجهتها ، وهناك مشكلات مهمة جدا وضرورية ، لكن ليست هي العاجلة .. وأضاف " هيكل " : إن الرئيس القادم وفي ظل هذه الظروف الراهنة " مسكين " في حقيقة الأمر ، لأنه مقبل على مجتمع متشبع بالفتن ، وأعتقد أنه سيجد مشاكل وتحديات أمامه بحجم الدنيا والآخرة ، وقابلت المشير السيسي قبل يومين وقلت له : عندما شاهدت كل هذه البلاوي حولك ، ألست نادما أنك قمت بترشيح نفسك ؟ فقال إنه يظن أن كل شيء بأمر الله ، ويعتقد أنه هو والشعب سيقدران على هذا .. فقلت له : أتمنى لك التوفيق وقلبي معك ولا أتمنى أن أكون مكانك ..
جمع التوكيلات
دخلت الإستعدادات للإنتخابات الرئاسية مرحلة جديدة ، مع تسابق حملات المرشحين لجمع أكبر عدد من التوكيلات الشعبية الموثقة من الشهر العقاري ، قبل إغلاق باب الترشح رسميا في 20 من الشهر الجاري ، ولجأت الحملات الإنتخابية للمرشحين إلى فتح مقرات جديدة لإستقبال التوكيلات من المواطنين ، وأعلنت الحملة الرسمية للمشير السيسي عن تخصيص 27 مقرا رئيسيا للحملة تغطي المحافظات المصرية ، وكان حزب " الوفد " الليبرالي قد أعلن وضع مقرات الحزب 145 مقرا لخدمة الحملة الإنتخابية للمشير السيسي .. وأكدت الحملة الرسمية ل " صباحي " أنها تملك 5 مقار لجمع التوكيلات وإستقبال المؤيدين ، وأن المقر الرئيسي للحملة هو مكتب المخرج الناصري خالد يوسف الذي أعلن تأييده للمشير السيسي وضمن حملته الإنتخابية .. ومن جهة أخرى كشفت قاعدة بيانات القارئ الإلكتروني الخاصة بتوكيلات المواطنين ، عن أن المشير السيسي في المقدمة بعدد يقارب نصف مليون توكيل حتى نهاية الأسبوع الماضي ، وأن حمدين صباحي جمع نحو 31 ألف توكيل ، وأن محمود حسام الدين الضابط السابق والمرشح الرئاسي السابق ، إحتل المركز الثالث في سباق التوكيلات من المواطنين ، بعدد 1448 توكيلا وهو ما لا يأهلة لسباق الترشح للرئاسة المصرية ، والمستشار مرتضى منصور 1002 توكيلوهو ما لا يأهلة لسباق الترشح للرئاسة المصرية ، من الحد الأدنى للتوكيلات حسب شروط اللجنة العليا للإنتخابات وهو 25 ألف توكيل من 15 محافظة على الأقل .. وأنشطة الحملات الإنتخابية للمرشحين ، وفتح مقارات لها في المحافظات المصرية ،
أثارت التساؤلات عن مصادر التمويل ،
وهل دخلت أموال رجال الأعمال السباق الرئاسي ؟ !
حملة المشير عبد الفتاح السيسي أكدت أن أبوابها مفتوحة للمصريين للتأكد من مصادر التمويل الذاتي من أعضاء الحملة ، ومن تبرعات المؤيدين للمشير السيسي ، وكل هذا يتم بعناية ورقابة تامة وليس من أي شخص يتم قبول تبرعات ، خشية التأويلات المسيئة ، وأن إثنين من كبار رجال الأعمال المعروفين بإرتباطهم السابق بالحزب الوطني المنحل ، طلبا عقد لقاءات مع الحملة ومساندتها ماليا ولكن تم رفض الطلب ..
وكشفت مصادر مقربة من حمدين صباحي عن أن المنتج محمد العدل تبرع بمبلغ 5 ملايين جنيه ، وأن جولات الفنانة عزة بلبع نجحت في جمع 3 ملايين أخرى للحملة الإنتخابية لصباحي ، وتبرع البرلماني السابق مصطفى الجندي بمبلغ محدود ، إلى جانب تخصيصه 30 أتوبيسا من شركته للحملة ..
الاخوان يشككون ويقاطعون
وإذا كان تنظيم الإخوان المسلمين قد دشن حملة لدعوة المواطنين إلى مقاطعة الإنتخابات الرئاسية ، بهدف التشكيك في شرعية الرئيس الجديد ، وفشل أو تعثر العملية الإنتخابية أمام الرأي العام الدولي ، فإن التيار السلفي وقوى إسلامية أخرى ، حثت المواطنين على المشاركة كواجب وطني وشرعي .. وقال عصام محمد ، أحد الكوادر الشبابية داخل تنظيم الإخوان ، إن الشعب الإخوانية في القرى والمدن بالمحافظت بدأت في تفعيل حملة مقاطعة إنتخابات الرئاسة ، من خلال إقناع المواطنين بعدم الذهاب إلى اللجان الإنتخابية والمشاركة في التصويت ، وتركيزنا في المحافظات التي حصل فيها الرئيس مرسي على كتلة تصويتية عالية في الإنتخابات الماضية وخاصة في الصعيد !
السلف : المشاركة في الانتخابات فرض عين
وفي المقابل أكد السلفيون أن المشاركة في الإنتخابات فرض عين ، وواجب وطني لتحقيق الإستقرر والتنمية .. وقال عضو مجلس إدارة الدعوة السلفية ، الشيخ محمود عبد الحميد ، إن ما يقوم به الإخوان هو نتيجة شعورهم باليأس ، وضياع فرصة عودتهم للحكم مرة أخرى ، وأن حشدهم للناس لمقاطعة الإنتخابات ليست له أية فائدة ، لأن الشعب المصري يسعى للوصول لبر الآمان والإستقرار ، وكل هذه التحركات لن يكون لها أي تأثير في أرض الواقع ، ونحن ندعو جميع المصريين للمشاركة في الإنتخابات الرئاسية كواجب شرعي أولا وقبل أن يكون واجبا وطنيا أيضا لمصلحة إستقرار البلد ..
تجاهل الاسلاميين
وحول تأثير دور وأصوات وتحركات الإسلاميين في الإنتخابات الرئاسية ،
ونتيجة لقاءات المرشحين برموز التيار الإسلامي ؟ ! أكد سياسيون وقادة أحزاب ، أن أصوات الإسلاميين لم تعد " رقما مهما " في العملية الإنتخابية ، وأن لقاء المرشحين بالقوى الإسلامية سيتم تصويره إعلاميا على أنه نوع من المناورة السياسية التي لم تعد مقبولة لدى قطاع كبير من أبناء الشعب المصري .. وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع ، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ، إن الذكاء السياسي يستدعي تجاهل مرشحي الرئاسة للإسلاميين في المرحلة المقبلة ، وعدم خطب ودهم ، فضلا عن أن برامج المرشحين لا تتضمن فكرة المصالحة الوطنية بين أبناء الوطن ، ولا تشير إليها ، والبرامج الإنتخابية عبارة عن وعود وتطمينات لإصلاح الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والأمنية ، من خلال خطوات واضحة من دون الدخول في تفاصيل .. وأضاف " هاشم " : إن التيارات الإسلامية لم تعد رقما مهما في العملية الإنتخابية ، وإذا كانت تمثل في السابق كتلة تصويتية لا يستهان بها ، قد تصل إلى 60 ٪ بما يعنى أنها كانت قادرة على حسم مسار العملية الإنتخابية لمصلحة أحد المرشحين ، فالآن تراجعت هذه الشعبية إلى الثلث بعد حكم الإخوان المسلمين وبسبب ممارساتهم السياسية الخطأ في إدارة الدولة المصرية .. ويقول الدكتور وحيد عبد المجيد ، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني ، وأحد أبرز أعضاء حملة حمدين صباحي ، إن الأحزاب والقوى الإسلامية التي لا تعترف بخارطة الطريق لن يكون لها نصيب في حسابات المرشحين للرئاسة ، وأن هذه القوى لا تؤمن بالإنتخابات المقبلة ونتائجها باعتبارها أحد إستحقاقات خارطة الطريق ، التي يعاديها أغلب الأحزاب الإسلامية بإستثناء حزب النور السلفي .. ويؤكد خبراء سياسيون ، أن ممارسات الإخوان أضرت بكل تيارات الإسلام السياسي ، عدا حزب النور الذي قفز من السفينة مبكرا وأعلن تأييده لخارطة الطريق .
حقل الغام الثوار
وفي تقويمه للمشهد السياسي في ظل التنافس على منصب الرئيس ؟
قال الدكتور محمد إبرهيم منصور ، أستاذ العلوم السياسية ، ورئيس مركز المستقبل للدراسات السياسية بجامعة أسيوط ، انني أخشى أن تكون الثورة على أبواب الدخول في حقل جديد ألغام ، لم يزرعه الإخوان هذه المرة ، وإنما يزرعه الثوريون بأيديهم ، عندما يفجرون في صفوفهم تناقضات ثانوية ليس الآن آوان تفجيرها ، ولا مناسبتها ، وأخطر لغم يترصد الثورة في الإنتخابات الرئاسية المقبلة ، أن يكون لها مرشحان : أحدهما مرشح فوضه الناس قبل أن ينتخبوه ، والمرشح الثاني مناضل ثوري ، تاريخه مرصع بالمواقف الوطنية والقومية ، مرشحان قويان يتوارى إلى جانبهما أي مرشح آخر ، ويجعلان من إنتخابات الرئاسة المصرية ، صورة قريبة ، مع الفارق طبعا ، من إنتخابات الرئاسة الأمريكية ، وأهم فارق أن المرشحين الرئاسيين المصريين ينتميان إلى معسكر الثورة ، بينما المرشحان الأمريكيان ينتميان إلى حزبين مختلفين ، وقد يرى بعضهم أن مرشحا بتاريخ حمدين صباحي في وجه مرشح بوزن السيسي هو ضمانة مؤكدة لأن تشهد مصر إنتخابات تنافسية على غرار الديمقراطيات الكبرى ، ولكن هذا الرأى له واجهته إذا كان المتنافسان من حزبين مختلفين ، أو أن الإنتخابات لا تجري في سياق تحول ثوري ، أو يغيب فيها الإجماع على بطل قومي مجرب ، ولذلك طالما أن المرشحين رمزان كبيران للثورة المصرية ، فإن التنافس بينهما لن يكون إلا صراع ديكة ، وصورة من صور الإقتتال السياسي ليس فيها خاسر إلا الثورة ! ومن جانبه يرى المرشح الرئاسي السابق ، أبو العز الحريري ، أن الإنتخابت الرئاسية المقبلة هي تفويض شعبي للمشير عبد الفتاح السيسي ، وأن الجماهير تحتفظ بحقها في سحب التفويض إذا فشل السيسي أو تخلى عن أهداف الثورة ، كما أن جماهير ثورتي 25 يناير و 30 يونيو ستحرس تفويضها ، وأن التفويض الذي يعطيه الشعب للسيسي ، ينتظر منه هزيمة الإرهاب ، وبالتالي فهي ليست إنتخابات بالمعنى التقليدي ، بل هي تفويض للضرورة ..